على الرغم من ارتفاعه في تعاملات أمس، فإن الدولار يظل قرب أدنى مستوى في أسبوع بلغه بوقت سابق من تعاملات الخميس، قبل أن يكشف مجلس الاحتياطي الاتحادي عن استراتيجية جديدة لاستعادة التوظيف الكامل بالولايات المتحدة والعودة بالتضخم إلى مستويات أفضل لسلامة الاقتصاد في ظل أوضاع يَرى أنها تنطوي على مخاطر متزايدة تتهدد التوظيف والتضخم.
واستقر الجنيه المصري عند مستوياته مقابل الورقة الأميركية الخضراء، مدعوماً في ذلك بتحسن العديد من المؤشرات سواء في ما يتعلق بالنمو أو عائدات قناة السويس والقطاع السياحي. لكن هذا لا ينفي توقعات بأن يعاود الدولار ارتفاعه إلى مستوى 18 جنيهاً بنهاية العام المقبل.
في تعاملاته الأخيرة، تراجع متوسط سعر الدولار أمام الجنيه في البنوك المصرية، بنحو 4 قروش ليسجل 15.842 جنيه للشراء و15.942 جنيه للبيع، مقابل 15.883 جنيه للشراء و15.983 جنيه للبيع. وبذلك يكون فقد متوسط سعر الدولار أمام الجنيه المصري نحو 9 قروش منذ بداية أغسطس (آب) الحالي.
كيف يتحرك الجنيه المصري حتى 2024؟
وقبل أيام، نشر المركز الإعلامي التابع لمجلس الوزراء في مصر، تقريراً سلط فيه الضوء على استقرار الجنيه المصري وتصدره أفضل عملات الأسواق الناشئة أداءً أمام الدولار مدفوعاً بتحسن مصادر النقد الأجنبي، مواصلاً بذلك أداءه القوي خلال العام الماضي.
مجلس الوزراء المصري، أشار إلى تقرير لصحيفة الـ"إيكونوميست"، الذي أكد فيه تحسن أداء الجنيه أمام الدولار الأميركي خلال السنوات المقبلة، مقارنة بمستويات ما قبل أزمة كورونا عام 2019 التي وصل فيها سعر صرف الدولار إلى 16.82 جنيه.
حيث من المتوقع أن يتحسن أداء الجنيه 4.5 في المئة، ليصل الدولار إلى 16.06 جنيه عام 2020، و4.3 في المئة ليصل إلى 16.10 جنيه خلال 2021، وسط توقعات بأن يتحسن بنسبة 5.1 في المئة ليصل إلى مستوى 15.97 جنيه عام 2022، و5.8 في المئة ليصل إلى مستوى 15.85 جنيه عام 2023، و6.4 في المئة، ليصل إلى مستوى 15.74 جنيه خلال 2024.
وفي حديث لـ"اندبندنت عربية"، قال مدير خدمة العملاء بأحد البنوك الخاصة في مصر، محمود حمدي، إن سوق الصرف في مصر تشهد مزيداً من الاستقرار في الوقت الحالي، بخاصة مع توفر النقد الأجنبي لدى جميع البنوك بالبلاد.
وأوضح أن الأوضاع تشير إلى استمرار تحسن العملة المصرية مقابل الدولار، مع توقعات بانتعاش قطاع السياحة خلال العام الحالي، إضافة إلى ارتفاع عائدات قناة السويس، وهو ما تسبب في تماسك احتياطي مصر من النقد الأجنبي على الرغم من خطط التحفيز التي أعلنتها الحكومة المصرية لمواجهة تداعيات ومخاطر فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، التي تم الاعتماد فيها على البنك المركزي المصري.
وأشار إلى أن توقف حركة الصادرات والواردات بسبب الإغلاقات التي أعلنتها الحكومات والدول خلال الفترة الماضية، تسبب في عدم وجود طلب كبير على الدولار في السوق المصرية، وهو ما يدعم تماسك عملة البلاد حتى الآن.
هل السعر الحالي للجنيه مبالغ فيه؟
كانت مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس"، قد توقعت في مذكرة بحثية حديثة، تخفيف الضغط على الجنيه المصري بعد تجاوز مصر أكبر الضغوط على ميزان المدفوعات. وأشارت إلى أن السياحة في طريقها إلى التعافي مجدداً مع زوال القيود المتعلقة بجائحة "كوفيد-19"، حتى رغم استمرار استبعاد مصر من القائمة الآمنة للسفر التي يصدرها الاتحاد الأوروبي.
أضافت، "إذا وضعنا هذا في الاعتبار إلى جوار الارتفاع المتوقع بأسعار الغاز الطبيعي، فربما يساعد هذا في تقليص العجز في الحساب الجاري".
وحول تأثير وباء كورونا على ميزان المدفوعات، أشار التقرير إلى تحسن عجز الحساب الجاري لمصر بشكل مطرد في السنوات التي سبقت "كوفيد-19"، إذ تراجع من 6.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2016 إلى 2.4 في المئة فقط خلال الربع الأول من العام الحالي، لكن انخفاض الصادرات منذ الأزمة تسبب في اتساع عجز الميزان التجاري السلعي.
وتفاقم ذلك بسبب ضعف صادرات الغاز الطبيعي، وتراجع عائدات قناة السويس، والانخفاض الكبير في عائدات السياحة 11.4 في المئة خلال الربع الأول من 2020 على أساس سنوي. كل هذا إضافة إلى تراجع تحويلات المصريين بالخارج، وكذلك نزوح استثمارات المحافظ الأجنبية إلى الخارج، فقد تراجعت حصة الأجانب في أذون الخزانة من 22 في المئة خلال شهر فبراير (شباط) إلى أقل من 10 في المئة في مايو (أيار) الماضي.
وفق التقرير، وعلى الرغم من ذلك، فإن نجاح الحكومة في تأمين قرض جديد من صندوق النقد الدولي وعودة شهية المخاطرة على مستوى العالم، دعم عودة رأس المال الأجنبي إلى مصر. وارتفعت الحيازات الأجنبية من الديون الحكومية بنحو 4 مليارات دولار على مدار شهر يونيو (حزيران) وأول أسبوعين من يوليو (تموز) الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"كابيتال إيكونمويكس" أشارت إلى أنه على الرغم من تراجع الضغوط على الجنيه، لكن سعره الحالي ربما يكون مبالغاً فيه، حيث ارتفع سعر صرف الجنيه 2 في المئة مقابل الدولار منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، مع إبقاء البنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير لتشجيع تدفق رأس المال.
لكن هناك مخاوف من أن قيمة الجنيه الحالية مبالغ فيها بشكل متزايد، فبينما كان التضخم أبطأ بكثير مما كان عليه خلال العقد الماضي، فإنه لا يزال أعلى منه في العملات النظيرة للجنيه، ما يعني أن العملة المحلية بحاجة إلى أن تتراجع قيمتها الإسمية في سبيل منع سعر الصرف الحقيقي من الارتفاع وزيادة تآكل القدرة التنافسية.
كل ذلك لم ينف التوقعات الصادمة التي جاءت في تقرير المؤسسة، التي رجحت أن يتراجع الجنيه المصري حتى يصل الدولار إلى مستوى 18 جنيهاً بحلول نهاية العام المقبل، بانخفاض 12 في المئة عن مستواه الحالي، بينما من المرجح أن يشجع صندوق النقد الدولي الحكومة على السماح بالتراجع حتى لا تضطر إلى تحاشي إجراء تعديلات أضخم.
الدولار يستقر عالمياً
عالمياً، سجل اليورو في أحدث تداولات 1.1822 دولار، بعد أن ارتفع لأعلى مستوى في ستة أيام عند مستوى 1.1850 دولار في وقت سابق من تعاملات أمس الخميس.
وفي نفس التوقيت، ارتفع المؤشر الرئيس للدولار، الذي يتبع أداء الورقة الأميركية مقابل 6 عملات رئيسة بأكثر من 0.1 في المئة إلى 93.073 بعد أن سجل مستوى 92.41 في الاتجاه الهابط و.93.331 في الاتجاه الصاعد.
ومنذ بدء جائحة فيروس كورونا، وسع البنك المركزي الأميركي ميزانيته بمقدار 3 مليارات دولار تقريباً، ما يزيد بكثير عن البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان المركزي.
واستقر الدولار مقابل الين الياباني عند مستوى 106.02. كما استقر الجنيه الإسترليني مرتفعاً عند 1.3215 دولار، بعد أن ربح نحو 8 في المئة خلال آخر ثلاثة أشهر. وجرى تداول الدولار الأسترالي مرتفعاً 0.1 في المئة خلال الجلسة عند 0.7243 دولار.
وسجل اليوان الصيني أقوى مستوياته منذ يناير (كانون الثاني) الماضي بعد أن أظهرت البيانات تعافياً في أرباح الشركات الصناعية بالصين. واستقر اليوان في التعاملات الخارجية عند 6.8748 للدولار وهو أعلى مستوى منذ 21 يناير (كانون الثاني) الماضي.