يتعافى الاقتصاد العالمي بقوة من الانهيار الذي عانى منه في الربيع، لكن البيانات الجديدة تشير إلى أن المكاسب المبكرة من رفع الإغلاق بسبب فيروس كورونا قد استنفدت بالفعل، ما يضيف إلى الأدلة على أن الاقتصاد العالمي قد يستغرق أشهراً، إن لم يكن سنوات حتى يتعافى. انكمش الاقتصاد العالمي للربع الثاني على التوالي في الأشهر الثلاثة حتى يونيو (حزيران)، مع عمليات إغلاق واسعة النطاق وجهود فردية لتجنب الإصابة والتي وجهت ضربة قاسية للاقتصاد. في الوقت ذاته تشير استطلاعات الأعمال إلى أن الانتعاش العالمي استمر للشهر الخامس على التوالي في أغسطس (آب)، حيث وصل إلى مقياس رئيسي للنشاط التجاري في 45 دولة، جمعته شركة البيانات آي إس إتش ماركت نيابة عن جي بي مورغان واستناداً إلى ردود مديري المشتريات، إلى أعلى مستوى في سبعة أشهر.
لكن كانت هناك علامات على الهشاشة حيث أدت حالات تفشي جديدة للفيروس إلى فرض قيود جديدة وحذر إضافي بين المستهلكين، مع انخفاض النشاط المسجل في اليابان والهند وأستراليا وكازاخستان وإسبانيا وإيطاليا. في ما بينها تمثل تلك البلدان 15 في المئة من الناتج العالمي.
كان الانخفاض في مجموعة العشرين التي تضم الاقتصادات الرائدة، بنسبة 3.4 في المئة في الإنتاج المسجل في الأشهر الثلاثة الأولى من العام بالفعل هو الأكبر منذ بدء السجلات في عام 1998، لكن الانخفاض في الربع الثاني لم يسبق له مثيل في العقود منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
كانت نقاط التحول في النشاط أثناء الوباء مسألة أشهر وليست أرباعاً. خارج الصين، تركزت الانخفاضات في الإنتاج في مارس (آذار) وأبريل (نيسان)، مع بدء الانتعاش في العديد من البلدان في مايو (أيار) وتعزز بشكل كبير في يونيو ويوليو (تموز) مع رفع الإغلاق.
الأرقام البريطانية مؤشر على الأداء العالمي
توفر الأرقام الجديدة من المملكة المتحدة معلومات قيمة عن حالة التعافي الاقتصادي المستمر. تعد الدولة واحدة من عدد قليل من الاقتصادات التي تصدر أرقاماً شهرية للنمو الاقتصادي وهي أيضاً أكبر دولة تفعل ذلك، حيث تقدم لمحة أكثر حداثة مما توفره أرقام الناتج المحلي الإجمالي الفصلية.
نما اقتصاد المملكة المتحدة بحسب وول ستريت جورنال بنسبة 6.6 في المئة في يوليو أكثر من يونيو، بعد أن توسع بنسبة 8.7 في المئة في الشهر السابق. وهذا يضع المملكة المتحدة على الطريق الصحيح لتحقيق مكاسب بنسبة 15 في المئة في الإنتاج في الربع الثالث، بعد انخفاض بنسبة 20.4 في المئة في الربع الثاني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مع ذلك، ظل الإنتاج أقل بنسبة 11.7 في المئة مما كان عليه في فبراير (شباط)، الشهر الماضي قبل أن يبدأ الوباء في تعطيل الاقتصاد. انخفض الناتج في قطاع الخدمات الذي يعتمد أكثر على التواصل وجهاً لوجه بنسبة 12.6 في المئة عن فبراير، بينما انخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 7 في المئة.
تعزز الأرقام وجهة نظر العديد من الاقتصاديين بأن العودة إلى مستويات الإنتاج قبل فيروس كورونا ستكون بطيئة بشكل مؤلم في معظم دول العالم الغني، حيث إن فيروس كورونا يمنع كل شيء من السفر إلى الترفيه إلى العمل المكتبي.
الاقتصاد البريطاني لن يعود إلى حقبة ما قبل كورونا
تشير البيانات الاقتصادية التي تتمتع بسجل جيد لتوقع النمو إلى أن النمو القوي في الربع الثالث من المرجح أن يتبعه توسع أكثر تواضعاً حيث تتكيف الشركات والعمال والحكومات مع ما يمكن أن يكون فترة ممتدة من عدم اليقين بشأن تطور الوباء وتوافر لقاح.
قال جيل مويك، كبير الاقتصاديين في شركة أكسا للتأمين لصحيفة وول ستريت جورنال: "طالما أن الاقتصادات الرئيسة لا تحتاج إلى الدخول في حالة إغلاق عام، فيجب أن يستمر الاقتصاد في الإصلاح، لكن لا يمكنه الحفاظ على الانتعاش المذهل الذي شوهد عند إعادة فتح الأعمال قبل بضعة أشهر. الجزء الصعب يبدأ الآن".
لا يتوقع الاقتصاديون أن يعود الاقتصاد البريطاني إلى حجمه الذي كان عليه قبل انتشار الوباء حتى عام 2022. عانت المملكة المتحدة من أسوأ انخفاض في الإنتاج بين الدول الغنية خلال الربع الثاني، لكن التسلسل الشهري للانحدار والانتعاش كان على نطاق واسع مماثلاً البلدان الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة.
1.25 في المئة توسع متوقع في الاقتصاد الأميركي في الربع الرابع
يقدر بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا أن الاقتصاد الأميركي يسير على الطريق الصحيح لتحقيق توسع بنسبة 7 في المئة في الربع الثالث، بعد انكماش بنسبة 9.1 في المئة في الأشهر الثلاثة حتى يونيو. ويتوقع الاقتصاديون أن يتوسع بنسبة 1.25 في المئة فقط في الربع الرابع وأن يتعافى إلى مستويات الإنتاج قبل الوباء فقط في أوائل عام 2022.
موجة مقبلة من التحفيز الأوروبي في الأشهر المقبلة
وفقاً للأرقام الصادرة هذا الأسبوع، توسع الاقتصاد النرويجي - الذي انكمش بشكل أقل دراماتيكية من بعض جيرانها الأوروبيين هذا الربيع - بنسبة 1.1 في المئة في يوليو، أبطأ من معدل النمو في يونيو. كان الإنتاج في يوليو 4.7 في المئة فقط عن مستواه في فبراير.
في مدونة يوم الجمعة، أطلق كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، فيليب لين، ملاحظة حذرة بشأن التعافي الاقتصادي الأوروبي المتعثر وضعف معدل التضخم تاركاً الباب مفتوحاً أمام موجة جديدة من التحفيز في الأشهر المقبلة.