أصدرت وزارة التجارة الأميركية قراراً، اليوم الجمعة، بحظر تحميل تطبيقي "تيك توك" و"وي تشات" الصينيين داخل الولايات المتحدة اعتباراً من الأحد المقبل، بسبب مخاطر تتعلق بـ"الأمن القومي".
وقال وزير التجارة الأميركي ويلبر روس، في بيان، إن "الحزب الشيوعي الصيني أثبت أن لديه الوسائل والنية في استخدام هذين التطبيقين لتهديد الأمن القومي وسياسة الولايات المتحدة الخارجية واقتصادها".
في المقابل، ندد التطبيق بالقرار الأميركي. وقالت متحدثة باسمه لوكالة الصحافة الفرنسية "لا نتفق مع قرار وزارة التجارة الأميركية ونحن متأسفون أن يحظر تحميل تطبيقات جديدة".
وأوضحت أنه "في اقتراحنا المقدّم إلى الإدارة الأميركية، التزمنا بمعايير شفافية غير مسبوقة وبمسؤوليات إضافية تتجاوز ما تقوم به تطبيقات أخرى"، مشيرة إلى احتمال القيام بعمليات تدقيق من قبل طرف ثالث، إضافة إلى إمكانية "التحقق من أمن الرمز ومراقبة الحكومة الأميركية سلامة المعطيات في الولايات المتحدة".
وجاء القرار الأميركي قبل ثلاثة أيام من انتهاء المهلة التي حدّدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة في حال عدم التوصل إلى اتفاق بحلول الأحد. وقال ترمب، مساء الخميس، "سنتخذ قراراً قريباً".
وخاضت شركة "بايتدانس" الصينية، المالكة لـ"تيك توك"، مفاوضات مع شركات أميركية، بما فيها "مايكروسوفت" و"أوراكل"، بحثاً عن صيغة جديدة لملكية المنصة تكون مقبولةً من بكين كما من واشنطن.
ولاحت منذ بضعة أيام بوادر اتفاق تصبح بموجبه شركة "أوراكل"، المتخذة في كاليفورنيا مقراً لها، الشريك التكنولوجي الأميركي لمنصة الفيديوهات القصيرة، لتبديد مخاوف واشنطن من احتمال استخدام "تيك توك" للتجسس على الأميركيين لحساب بكين.
دخول "أوراكل" على خط المفاوضات
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منونشن، رسمياً اسم شركة "أوراكل" كشريك مطروح للمنصة الصينية، لكن تفاصيل الاتفاق بقيت غامضة.
وأفادت بعض وسائل الإعلام، بأن الاتفاق شمل استحواذ "أوراكل" المتخصصة في البرمجيات والخدمات للشركات، على حصة في "تيك توك" لا تتعدى 20 في المئة، بحسب شبكة "سي أن بي سي"، على أن تحتفظ الشركة الأم الصينية "بايتدانس" بالحصة الكبرى في المنصة.
وكانت "لجنة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة"، المسؤولة عن مراجعة تبعات الاستثمارات الأجنبية على الأمن القومي الأميركي، تدرس عرض "أوراكل"، فيما حذّر أعضاء الكونغرس الجمهوريون من إعطاء الضوء الأخضر لاتفاق يبقي المنصة تحت سيطرة الصين.
ويحظى "تيك توك" بشعبية كاسحة بين اليافعين والشبان، ويصل عدد مستخدميه إلى نحو مئة مليون في الولايات المتحدة ومليار في العالم.
استحالة التوفيق بين الطرفين
ويشير بعض المحللين إلى استحالة التوفيق بين مختلف عناصر هذا الملف، بين إيجاد اتفاق يبدد مخاوف البلدين على صعيد الأمن والخوارزميات وغيرها من التقنيات الأساسية التي تستخدمها "تيك توك".
وقالت مديرة "تيك بوليسي هاب"، التابع لمعهد "آسبن"، بيتسي كوبرـ "الأمر أشبه بلعبة مجموعها صفر، حيث تحصل إما الصين وإما الولايات المتحدة على مكاسب الملكية الفكرية والأمن، ولا إمكانية ليتقاسمها الطرفان".
وتعارض السلطات الصينية في الوقت الحاضر بيع "بايتدانس" الخوارزميات التي تستخدمها "تيك توك"، ويُعتقد أنها تنطوي على قسم كبير من قيمة المنصة.
ورأى جيمس لويس، المسؤول عن السياسة التكنولوجية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أنه لا يزال بإمكان "أوراكل" الحصول على موافقة على عرضها لقاء بعض التعديلات. وقال "ستكون الصفقة أسهل لأوراكل إن أصبحت بايتدانس تملك أقلية الحصص".
رسالة إلى ترمب
ووجّه ستة جمهوريين من أعضاء مجلس الشيوخ رسالة إلى ترمب هذا الأسبوع بشأن هذه المسألة.
وكتبوا أن "أي اتفاق بين شركة أميركية وبايتدانس يجب أن يضمن أن تخرج عمليات تيك توك وبياناتها وخوارزمياتها الأميركية تماماً عن سيطرة بايتدانس أو أي طرف تابع للدولة الصينية، بما في ذلك أي كيان يمكن أن يخضع للقانون الصيني، بما يرغمه على كشف بيانات المستهلكين الأميركيين".
وهذه القضية هي آخر فصل من المعركة التكنولوجية الدائرة بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم.
ولفت المحلل التكنولوجي ريتشارد ويندسور، صاحب المدونة "راديو فري موبايل"، إلى أن أي اتفاق حول "تيك توك" يوجد حلولاً للمشكلات الأمنية الأميركية قد يصطدم بفيتو صيني.
وقال إن "إمكانية وصول أوراكل إلى خوارزميات تيك توك وشيفرة مصدره يعزّز إلى حد بعيد فرص حصول الاتفاق على موافقة الإدارة الأميركية، وفي المقابل يزيد بشكل كبير احتمال أن تعرقله الصين".
تمسّك صيني بالمنصة
ومن الجانب الصيني، شدد الرئيس شي جين بينغ، خلال زيارة الخميس إلى أحد مصانع الصين، على أن "التكنولوجيات الجوهرية والأساسية يجب أن تبقى بأيدينا"، وفق ما أوردت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية.
وعرفت قضية "تيك توك" حتى الآن تقلبات عدة، وكانت شركة "مايكروسوفت" بالأساس مرشحة للصفقة، قبل أن يُرفض عرضها في نهاية الأسبوع الماضي.
لكن ترمب أثار التباساً حين قال إن الاتفاق قد يضم في نهاية المطاف شركة "مايكروسوفت".
وأبلغت شركة "وولمارت"، التي كانت تتعامل بالأساس مع "مايكروسوفت"، أنها لا تزال "مهتمة بالاستثمار في تيك توك"، وأنها تواصل التباحث مع إدارة "بايتدانس" وأطراف أخرى معنية.
وطالب ترمب بأن يذهب قسم كبير من قيمة صفقة البيع إلى الخزانة الأميركية، قبل أن يعلن الأربعاء أنه تبلغ بأن ذلك غير ممكن.