وسط الخطابات المنمقة عن حب الوطن وجعل أميركا عظيمة مجدداً في المؤتمر السنوي للحزب الجمهوري الذي رشح الرئيس ترمب لولاية رئاسية ثانية يوم 24 أغسطس (آب)، لم يلاحظ أحد أن الاجتماع انطلق في ذكرى إحدى أكثر الهزائم إذلالاً في التاريخ الأميركي. ففي هذا اليوم، وقبل قرنين من الزمن في العام 1814، استولت قوات عسكرية بريطانية على واشنطن وأحرقت البيت الأبيض ومبنى الكابيتول الحكومي وغيرهما من المباني العامة.
وفي أعقاب الهزيمة التي ألحقوها بالجيش الأميركي الذي يفوقهم عدداً في بلدة بلادنسبيرغ الواقعة على أطراف العاصمة الأميركية، لم يلقَ الجنود والبحارة البريطانيون أي مقاومة تذكر فيما فر الرئيس جيمس ماديسون تاركاً وراءه مأدبة عشاء فخمة حضرتها زوجته دوللي توقعاً بانتصار الأميركيين.
مُحيت الحرب التي دارت بين بريطانيا والولايات المتحدة من 1812 إلى 1815 بشكل كبير من الذاكرة الجماعية لكل من الأمتين. ونظراً للتحالف الوثيق الذي يجمع البلدين منذ أوائل القرن العشرين، أصبح من المناسب التعامل مع هذا الصراع على أنه عثرة لا داعي لها ولا أهمية لها في علاقة تسير بسلاسة.
وفي الأحوال كلها، كانت الحرب، من وجهة نظر الولايات المتحدة المُستقلة حديثاً، مسألة سيئة جداً. وقد نشبت الحرب في الأساس بسبب خلافات على التجارة وقعت أثناء حرب بريطانيا وفرنسا وبسبب النزاع على العناصر الفارين من البحرية البريطانية والعاملين على السفن الأميركية. وأقنع القادة الأميركيون أنفسهم بأنهم قادرون على القيام بخطوة انتهازية والاستيلاء على كندا، مستغلين انشغال بريطانيا بالحرب التي تخوضها ضد نابليون.
ربما بدت هذه الفكرة جيدة في مطلع العام 1812 لكنها لم تعد كذلك مع نهاية العام نفسه- إذ تكبد الإمبراطور الفرنسي بحلول ذاك الوقت هزيمة نكراء في روسيا فيما باء الاجتياح الأميركي لكندا بالفشل الذريع.
سيكون ضرباً من العبث تخيلُ أن أياً من مناصري الجمهوريين المشاركين في المؤتمر الافتراضي قد سمعوا بهذا النزاع الفاشل للغاية أو أنهم، حتى في حال سمعوا به، اعتبروا أنّه أدنى أهمية بالنسبة لأميركا في ظل حقبة ترمب.
ففي النهاية، وجد ممثلو الحزب الجمهوري صعوبة في تذكر أحداث أخرى مهمة من التاريخ الأميركي وقعت في وقت أقرب بكثير مثل جائحة فيروس كورونا التي قتلت، حتى وقت كتابة هذه السطور، أكثر من 194 ألف أميركي، وتعاملت معها إدارة ترمب بقدر مذهل من انعدام الكفاءة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من السهل إقامة مقارنة بلاغية بين انعدام الكفاءة الفظيع للحكومة الأميركية خلال هذه الجائحة وسلسلة الأخطاء التي ارتكبتها منذ مئتي عام خلال ما سُمّي حرب العام 1812. لكن ما حصل هو استمرارية فعلية بين الولايات المتحدة في أولى أيام الجمهورية والبلد كما هو الآن. وفي الحقبتين، أثّر الصراع بين البيض والسود بشكل كبير في سياسة البلاد، وهو نابع من العبودية في الحقبة الأولى ومن إرث العبودية في الحقبة الثانية.
وتتنافس المخاوف العنصرية مع فيروس كورونا على موقع الموضوع الطاغي على الانتخابات الرئاسية فيما يصوّر ترمب المتظاهرين الذين نزلوا إلى الشوارع بعد حادثة إطلاق النار على جايكوب بلايك في 23 أغسطس (آب)، وأغلبيتهم من السود، على أنهم "فوضويون وإرهابيون ولصوص".
يضفي الأميركيون صبغة أسطورية على تاريخهم أكثر من معظم البلدان الأخرى ويميلون إلى التقليل من أهمية الدور الذي لعبه الانقسام العنصري باعتباره عاملاً حاسماً فيه أو يتجاهلونه كلياً. وهذا ما ينطبق تماماً على إحراق واشنطن على يد البريطانيين.
قلّة من الأشخاص فقط في الولايات المتحدة أو في بريطانيا تدرك أنّ ذلك لم يكن ليحصل لو لم تعتمد البحرية البريطانية إستراتيجية تحرير العبيد من السود وتجنيدهم في صفوفها أو توظيفهم كمرشدين في الولايات الأميركية المحيطة بالعاصمة. ولم يحصل ذلك مصادفة لأنّ قائدي البحرية البريطانيين، الأميرال السير ألكساندر كوكراين والأميرال السير جورج كوبيرن تعمّدا تجييش العبيد ضدّ أسيادهم في فيرجينيا وماريلاند وديلاوير، وهي الولايات المحيطة بخليج تشيسابيك حيث بسط الأسطول البريطاني سيطرته.
وتولّى كوبيرن- الذي تربطه صلة قرابة بعيدة بكاتب المقال- منصب قائد البحرية البريطاني في تشيسابيك الذي أعطى أوامر واضحة لرجاله الموكلين بالإغارة على الساحل، قال لهم "فليكن نزولكم إلى اليابسة لصالح حماية فرار الشعب الأسود أكثر من أي مكسب آخر. أمّا الهدف الأكبر الذي يجب بلوغه فهو تقديم الدعم الودي للشعب الأسود. فبعد تسليحهم بشكل جيد وتأمين دعم 20 ألف جندي بريطاني لهم سيطير السيد ماديسون عن عرشه".
كان هدف البريطانيين مزدوجاً: إلحاق الضرر بالمزارعين وأصحاب المزارع البيض عبر تشجيع العبيد الذين يعملون تحت إمرتهم على الهروب من أسيادهم نحو الأسطول البريطاني، ما يتيح للبريطانيين بالتالي تعزيز قواتهم ويوفّر لهم معلومات استخباراتية أساسية تمكّنهم من مهاجمة المدن الأميركية مثل واشنطن وبالتيمور القريبة من تشيسابيك.
فمن خلال تجنيد العبيد الهاربين، حصل البريطانيين على مرشدين لديهم معرفة تفصيلية بالأرض وسكّانها، ما يلغي أي أفضلية للأميركيين الذين يقاتلون على أرضهم وهو مكان يألفونه جيداً.
في الواقع، مع أنّ هزيمة نابليون في أوائل العام 1814 حرّرت بعض كتائب البريطانيين، فقد كان عدد الجنود الذين أرسلوا إلى تشيسابيك أقل بكثير مما توقّعه كوبيرن، فأصبحت حاجة البريطانيين لتجنيد العبيد السابقين أكبر وأكثر إلحاحاً بعد. لو لم يحرّض البريطانيون على تمرّد العبيد على هذا المستوى المنخفض لما اكتسبت القوات البريطانية القوة اللازمة للتحرك عبر ماريلاند بهدف الاستيلاء على واشنطن. وقد شعروا في الواقع بالتوتّر حيال فرص نجاحهم وكادت الحملة أن تُلغى في أخر لحظة.
كانت السياسة البريطانية مدروسة بعناية. وقد كتب كوكراين، القائد الأعلى للبحرية البريطانية في هذه المرحلة من الحرب، بعد بدايتها بقليل أن العبيد كانوا "بريطانيين في قلوبهم وقد يتبين أن لهم منفعة كبيرة إن مضت الحرب قدماً بقوّة".
شُرح النجاح الباهر لهذه الإستراتيجية لدى تطبيقها في كتاب آلان تايلور الرائد "العدو الداخلي: العبودية والحرب في فيرجينيا 1771-1832"، وهو مصدر العديد من الاقتباسات المستخدمة في هذا المقال.
بدأ العبيد بالفرار من المزارع ومزارع المستوطنات منذ سيطرة سفن البحرية البريطانية على تشيسابيك، وهو خليج بحجم بحر داخلي، في العام 1813. وكتب الرائد جيمس سكوت، أحد مساعدي كوبيرن، "بدأ العبيد يفرّون ويلجأون إلينا ومكّنتنا معرفتهم المحلية بعد ذلك من تطبيق نوع من حرب المضايقة التي أجبرت السكان (البيض) في النهاية على التماس رحمتنا".
في البداية، لم يستقبل البريطانيون سوى العبيد الهاربين الذين يمكنهم توظيفهم كمرشدين وملّاحين. لكن ابتداء من أبريل (نيسان) 1814، نُظمت هذه المقاربة وتوسّعت. وجرى إصدار إعلان موجّه للعبيد، والنساء والأطفال ضمناً، يضمن لهم أنهم سيُمنحون ملاذاً فور وصولهم إلى السفن أو المواقع العسكرية البريطانية وأنهم لن يُرجعوا إلى أسيادهم.
ولهم حرّية اختيار الانضمام إلى الجيش أو القوات البحرية البريطانية أو الاستقرار في الأراضي الواقعة تحت سيطرة البريطانيين في كندا أو الكاريبي. طبّق كوبيرن هذه السياسة الجديدة بحماسة عبر استيلائه على جزيرة طنجيه tangier في جنوب خليج تشيسابيك كي تصبح مكاناً يمكن للعبيد الهروب إليه وهم يدركون أنهم سيكونون بأمان فيه.
وقد أُرسل العبيد السابقون الذين هربوا من قبل، كي يذيعوا الخبر في صفوف العبيد الذين ما زالوا موجودين في المزارع ويخبروهم أنّ العرض البريطاني حقيقي وأنّ البحرية ستحميهم في حال هروبهم (كان الأميركيون قد نشروا أنباء بأن البريطانيين يبيعون العبيد الفارّين لمزارع استيطانية في جزر الهند الغربية).
بدأ المزارعون البيض على سواحل تشيسابيك يلاحظون وجود إشارات مقلقة إلى انتشار الاضطراب الذي يروّج له البريطانيون. وتجسّس أحد المزارعين على تجمّع للعبيد من وراء جذع شجرة وسمعهم "يطلقون هتافات ويصيحون بأسماء مختلف الأميرالات البريطانيين". بعد مرور بضعة أيام، هرب ثلاثة من الذين كانوا يهتفون نحو السفن الحربية البريطانية التي ترسو مقابل الساحل.
وعبّر الدكتور والتر جونز، أحد أصدقاء ماديسون وتوماس جيفرسون، والنائب عن فيرجينيا المنتخب لخمس ولايات متتالية، وصاحب مزرعة يعمل فيها عبيد كذلك، عن صدمته حين فرّ أثمن عبيده إلى البريطانيين.
ووصف جونز أحدهم، ويُدعى بِن، بأنه "رجل قوي البنية، ضخم وشديد البأس بشكل غير اعتيادي، موثوق في كل تفاصيل عمل المزرعة". فيما كان أحد العبيد الهاربين الآخرين، واسمه بريسلي، خادم جونز الشخصي الذي قاد في ما بعد فرقة بريطانية أغارت على مزرعة سيده السابق لتحرير العبيد المتبقين. وبعد خسارته مزرعته وإفلاسها، وقع جونز في الكآبة وأصبح مشرّداً، يتذمر من أنه لا يعلم أين سيمضي فصل الشتاء. وألقى بالمسؤولية عن المصائب التي حلّت به على عاتق الحكومة الأميركية التي لامها باعتبارها غير كفؤة في قتال عدو خارجي، يتمثل بالبريطانيين، كما في ضبط "المجتمع (الأسود) الداخلي الأخطر".
استمتع كوبيرن بمهمة إقناع العبيد بالفرار عبر الإبحار بسفنه والرسو بها على مقربة من الشاطئ فيما تلعب الفرقة الموسيقية على متن سفينته الرئيسية ألحاناً لا تتوقف كي تُنبّه العبيد إلى وجودها. وأضيء ليلاً مصباحٌ رُفع على أعلى السارية كي يدل العبيد على "موقع السفينة" في الظلام. واشتكى السكان البيض من السرقات المتكررة للقوارب الصغيرة على يد مجموعات العبيد الفارين.
كان الضابط البحري كوبيرن فعالاً ومتمرساً للغاية، ولم يتعد عمره حين وقعت حملة تشيسابيك 42، كما أنه من قدامى المشاركين في الحرب مع فرنسا التي حصل خلالها على ترقية إلى منصب عقيد في سن صغيرة على يد بطل البحرية البريطاني هوراشيو نيلسون.
وبسبب عزمه على نقل الحرب إلى الأميركيين وعلى اليابسة بدأ بتدريب وتسليح العبيد السابقين كي يصبحوا مشاة في البحرية يرتدون لباساً أحمر ويتقاضون الأجر نفسه كنظرائهم من البريطانيين. وفي كتابه كوبيرن والبحرية البريطانية في المرحلة الانتقالية: الأميرال السير جورج كوبيرن 1772-1853، يصف كاتب سيرة كوبيرن، روجر موريس، كيف بدأت حماسته تكبر إزاء القدرات القتالية للعبيد السابقين الذين شكّلوا وحدة خاصة دُعيت مشاة بحرية المستعمرات، وقال إن "أداءهم مذهل".
وكان على يقين من أنّهم سيُقلقون الأميركيين لأن العبد السابق "لن يرحمهم ويعرفون أنه يفهم في قتال الغابات وفي مواقع الغابات ومواقعهم هم وربما يقدر على لعب لعبة الاختباء فيها أفضل منهم".
برهنت وحدة مشاة بحرية المستعمرات بسرعة على تصميمها وانضباطها أثناء القتال في المناوشات الأولى. وفي إحدى المرات، أصيب أحد المشاة برصاصة أردته قتيلاً أمام الآخرين، لكن هذا جعلهم يقاتلون بشراسة أكبر. وأكد عميد في الميليشيا الأميركية اسمه جون ب. هنغرفورد الأثر العسكري للعبيد الذين انضموا إلى البريطانيين من وجهة نظر خصومهم.
وقال "إنهم يتهافتون على العدو (البريطاني) من كل حدبٍ وصوب، وهو يحوّلهم إلى قوات ناقمة وكاسرة- لديها معرفة بأدق تفاصيل كل الطرق الفرعية. يغادروننا كجواسيس على مواقعنا ونقاط قواتنا ويعودون إلينا مرشدين وجنوداً ومحرّضين".
ما أراده البريطانيون هو أكثر من الإغارة على الساحل وعلى ضفاف الأنهار، واستخدام هذه الاختراقات الناجحة كنقطة انطلاق كي يستولوا على مدن أميركية كبيرة مثل فيلادلفيا وبالتيمور وواشنطن. ومع أن غاراتهم لم تلقَ أي مقاومة فعالة حقيقية بفضل المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، ترددوا بشأن تخطي نطاق قواتهم. وتذكروا حرب الاستقلال الأميركية، حين هُزمت الحملات البريطانية التي غالت في طموحها وتوغلت في الداخل الأميركي الشاسع. لكن كوبيرن أوصى مع ذلك بشنّ هجوم على العاصمة الأميركية التي يمكن احتلالها في غضون 48 ساعة برأيه، ذاكراً نجاح حملاته الهجومية.
واستندت ثقته إلى وحدات الجيش البريطاني الكبيرة المتوقع وصولها من أوروبا لكن حين وصلت القوات البريطانية النظامية إلى تشيسابيك بقيادة الجنرال السير روبرت روس، لم تتعدّ 3700 جندي.
اعتقد روس وكوكراين بداية أن هذا النقص في العدد يجعل أي هجوم على واشنطن محفوفاً بالمخاطر لكن كوبيرن استطاع إقناعهما برأيه لأنه كان واثقاً من إمكانية إحراز نصر سريع. وتضاعفت ثقته حين دُمّر أسطول من القوارب الحربية الأميركية في ماريلاند وعلى مقربة من واشنطن عندما أضرم قائدها النيران فيها بنفسه، مفضلاً ذلك على خوض معركة.
وصدر القرار أخيراً بالسير نحو العاصمة الأميركية. وتقدّمت قوات مختلطة قوامها جنود بريطانيون نظاميون ومشاة في البحرية، بالإضافة إلى عبيد سابقين في مشاة بحرية المستعمرات، باتجاه بلادنسبيرغ على أطراف واشنطن.
لم يبدُ أن الاحتمالات كلها في صالحهم. فقد فاقهم الجيش الأميركي عدداً، وكان يملك كمية جيدة من سلاح المدفعية. لكن بعد اقتتال مضطرب، هرب الأميركيون في ما وصفه أحد خبراء التاريخ بأنه "أكبر عار لحق يوماً بالقوات الأميركية " و"أكثر الأحداث إذلالاً في التاريخ الأميركي".
ما حصل بعد ذلك من حرق واشنطن أبرزَ مدى الذلّ العلني الذي لحق بالحكومة الأميركية مع تدمير القصر الرئاسي (سُمّي البيت الأبيض حين أعيد إعماره) إلى جانب إشعال مجلس الشيوخ ومجلس النواب والخزانة ووزارة الحرب والذخيرة.
لكن في الواقع، كان الموضوع ليكون أسوأ بكثير. لأنه في حين لم يسمح الجنرال روس سوى بتدمير المباني الحكومية والمنازل التي يلتجئ داخلها القنّاصة، ما أراده كوبيرن هو إضرام النيران في المدينة بأسرها.
ويكتب موريس "كوبيرن نفسه كان ليحرق المدينة كاملةً نظراً لأن مسح واشنطن عن بكرة أبيها كان ليؤدي إلى نقل مقر الحكومة إلى نيويورك حيث ستتأثر أكثر برأي" الولايات الشمالية المعارضة للحرب مع بريطانيا.
هو ضرب من الخيال لكنه مثير للاهتمام في الآن ذاته أن نفكّر كم كان تاريخ أميركا ليتغيّر لو نُفّذت خطة كوبيرن القاسية واتّخذ البيت الأبيض والكونغرس القرار المستغرب بالانتقال إلى مانهاتن.
إنما في الحقيقة، وقّعت الولايات المتحدة وبريطانيا في أوروبا معاهدة لإنهاء الحرب في نهاية العام 1814 مع أن هذه الأنباء لم تصل إلى الولايات المتحدة سوى في العام التالي.
غلّفت الأساطير هذا النزاع بسرعة في الجانبين ونُسي الدور الحاسم الذي لعبه العبيد الفارّون. فضّل الأميركيون تذكّر دفاع بالتيمور بعد الاستيلاء على واشنطن بفترة قصيرة، وهو نجاح أدّى إلى كتابة قصيدة "الراية المتلألئة بالنجوم" بقلم فرانسيس سكوت كي، التي تضمّنت إشارة سلبية إلى إستراتيجية البريطانيين بتشجيع الأميركيين السود على الفرار من العبودية.
وفي القصيدة التي أصبحت النشيد الوطني الأميركي بيتان يشيران إلى هذا الموضوع وجاء فيهما "لا ملجأ سينقذ هؤلاء المرتزقة والعبيد/ من رهبة الفرار، أو ظلمة القبر".
لحسن الحظّ، أُنقذ العبيد المحررون بالفعل وأبحر 6 آلاف منهم بعيداً مع البحرية البريطانية، على الرغم من مطالبات الحكومة الأميركية الغاضبة بإعادتهم إلى أسيادهم السابقين.
© The Independent