في فرنسا، انتشر فيلم مثير للجدل تعرض لاستنكار مجموعة واسعة من الخبراء كونه يروج نظريات مؤامرة متعلقة بفيروس كورونا، مما أثار القلق من أن العمل قد يعيق تعافي البلاد من خلال تأجيجه المشاعر المناهضة للقاح.
إذ يهدف الشريط الوثائقي الطويل "سطو" Hold Up الممول من الجمهور إلى الكشف عن مؤامرة نسجتها الحكومات العالمية وشركات الأدوية لاستخدام الوباء في تعزيز السيطرة على المواطنين، من بين ادعاءات جامحة أخرى ومفضوحة جداً حول شبكات الخليوي من "الجيل الخامس" وعلم الوراثة البشرية.
وعلى نطاق واسع، انتقد السياسيون والعلماء وغيرهم من الخبراء ذلك العمل المصور، ووصفوه بأنه "دعاية تآمرية ضخمة". إذ ذكرت ليتيتيا آفيا، وهي نجمة صاعدة في حزب الرئيس إيمانويل ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" أنه "كنا سنضحك على الفيلم لو لم يكن الوضع بهذه الخطورة".
وقد حصد الفيلم للتو ملايين المشاهدات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتلقى مصادقة عدد من السياسيين غير البارزين والمشاهير كالممثلة صوفي مارسو. وسرعان ما سحب بعضهم دعمه للفيلم.
وفي التفاصيل أن وزير الصحة السابق فيليب دوست بلازي اندرج ضمن 37 شخصاً جرت مقابلتهم في الفيلم. وبعد انتشار الفيلم، أوضح الوزير أنه لم يكن على علم بطبيعة العمل، معبراً بشدة عن عدم ارتباطه بالوثائقي. وأضاف، "الأزمة الصحية التي نمر بها خطيرة بما يكفي كي نتجنب صب الزيت على النار في الأوقات المؤلمة التي نعيشها".
في المقابل، ثمة مخاوف من أن القيم التي يقدمها العمل بدهاء ضمن سياقه والتدفق التدريجي لنظريات لا أساس لها، يمكن أن تعرف المشاهدين الجدد على مجموعة من الأفكار التي تعتبر تهديداً لجهود الأمة في الحد من الفيروس في دولة تشهد تشكيكاً متزايداً في اللقاح. وفي هذا السياق، أشار استطلاع أجراه "مركز جان جوريس للأبحاث" الأسبوع الماضي إلى أن 43 في المئة من الناس في فرنسا قد يرفضون تلقي التطعيم ضد فيروس كورونا، بينما تبلغ نسبة الرافضين في المملكة المتحدة 21 في المئة، وفي الولايات المتحدة 36 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي تطور متصل، نأت منصة "أولول" التي تبرع الجمهور عبرها لتمويل الفيلم، بنفسها أيضاً عن المشروع. إذ أورد رئيسها التنفيذي ألكسندر بوشرو، أنه فيما خضعت كافة حملات جمع التبرعات لإشراف قبل الموافقة عليها، فقد صار الموضوع الأولي "الملطف" لفيلم "سطو" أكثر راديكالية بمجرد حصوله على التمويل.
وقد كتب السيد بوشرو على "تويتر" "لقد أدركنا بسرعة كبيرة أن العمل تجاوز إطاره الأولي المفترض (تعددية الأصوات) ليصبح راية لأطروحات المؤامرة بعيداً جداً عن القضايا التي ندافع عنها في منصة "أولول" الرقمية".
نتيجة لذلك، ستوقف الشركة ترويجها للحملة وستتبرع بما ينجم عنها من أرباح إلى منظمات التدقيق في الحقائق.
وفي منحىً متصل، تكمن قدرة الفيلم على الإقناع جزئياً في تركيزه الأولي على الانتقادات المشروعة للاستجابة لفيروس كورونا، وتسليط الضوء على التناقضات التي وقعت في الماضي بشأن الكمامات وعقار "هيدروكسي كلوروكين" المضاد للملاريا، التي سرعان ما بدأت تندمج مع مجموعة من النظريات التي لا أساس لها.
وفي لقاء مع قناة "فرانس 24"، أشار سيلفان دولوفي، عالم النفس الاجتماعي في "جامعة رين"، إلى أنه "في البداية، تشير نبرة العمل إلى التشكيك والنقد بشكل صحي... وعلى عكس مقاطع الفيديو المعهودة عن المؤامرة، يتأنى الفيلم قبل الخوض في الفكر التآمري".
وأضاف السيد دولوفي، "من السمات المميزة لنظريات المؤامرة خلط عناصر حقيقية مع تفسيرات خطأ ونتائج مجتزأة وأكاذيب صريحة... يحمل الفيلم صبغة الوثائقي، لكنه ليس عملاً صحافياً. ثمة هدف وحيد من هذا الشريط، يتمثل في نشر فكرة المؤامرة العالمية".
© The Independent