طالبت مجموعة مستقلة من العلماء في المملكة المتحدة "باتخاذ تدابير عاجلة" بهدف جعل المدارس أكثر أماناً من فيروس "كوفيد-19"، بعدما تبين أن معدلات الإصابة بين طلاب المدارس الثانوية ارتفعت بنحو 50 ضعفاً منذ إعادة فتح الصفوف الدراسية في سبتمبر (أيلول).
وقد بات المراهقون الذين تتفاوت أعمارهم بين الحادية عشرة وستة عشر عاماً، يشكلون الآن الفئة العمرية التي تسجل أعلى مستويات الإصابة بالعدوى في إنجلترا. وأفيد بأن طالباً من كل عشرة يتوقفون عن الذهاب إلى المدرسة، إما بسبب تأكد إصابتهم بفيروس كورونا، وإما للاشتباه بأنهم أصيبوا بالعدوى، أو لأنهم كانوا على اتصال بأحد ما يحتمل أن يكون حاملاً للعدوى.
وفي حين قد لا تظهر أي أعراض لمرض "كوفيد-19" على كثير من المراهقين، حذرت "المجموعة العلمية الاستشارية المستقلة للطوارئ" (سايغ المستقلة Independent Sage)، من أن هؤلاء يخاطرون بنقل الفيروس إلى منازل أهاليهم وأجدادهم الذين هم أكثر عُرضةً للإصابة بمشاكل صحية خطيرة.
وفي هذا الإطار، حذر رئيس تلك المجموعة وكبير المستشارين العلميين السابق البروفسور السير ديفيد كينغ، من أن المخاطر ستتراكم كلما التقت أجيال من فئات عمرية مختلفة ضمن العائلات للاحتفال بعيد الميلاد في ظل القيود الحكومية المخففة.
وكذلك رأى البروفسور كينغ أنه يتعين على الأفراد "التزام الحذر بشكل استثنائي ضمن التجمعات التي تشتمل على أشخاص ينتمون إلى أجيال مختلفة، داخل المنزل، للاحتفال بتناول كأس من الشمبانيا، أو أي شيء آخر، على الرغم من كل الإغراءات التي تحول دون ذلك". وأضاف "ما لم يلجأ الأفراد إلى عزل أنفسهم لمدة 10 أيام إلى 12 يوماً قبل اجتماعهم بأحبائهم، فإن الاختلاط يشكل خطراً كبيراً للغاية. سيتوجب علينا تحمل بعض الأعباء خلال فترة عيد الميلاد. علينا جميعاً أن ندرك أننا نعرض أفراد عائلتنا للخطر من خلال اختلاط مماثل".
وفي تقرير صدر أخيراً، دعت مجموعة "سايغ" المستقلة إلى نشر مزيد من التعليم عبر الفيديو في المناطق العالية الخطورة، واستخدام كمامات الوجه خلال حضور صفوف التدريس، وتقديم الدعم المالي اللازم بهدف توفير ملابس دافئة للأطفال الآتين من خلفيات محرومة، بحيث يمكن إبقاء النوافذ مفتوحةً كي يتحسن مستوى التهوئة، حتى في ظل طقس الشتاء البارد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي المقابل، دعت "سايغ" المستقلة إلى إلغاء اختبارات المدارس الابتدائية، واستبدال امتحانات المستوى "أ" A وشهادة الـ"جي سي أس إي" GCSE بتقييمات المعلمين خلال السنة المقبلة.
وتضمن التقرير أرقاماً جديدة من "مكتب الإحصاء الوطني"، تظهر معدلات الإصابة بين الأطفال الذين تتفاوت أعمارهم بين الحادية عشرة وستة عشر عاماً، عند مستوى 0.04 في المئة في الأول من سبتمبر، قبل إعادة فتح المدارس خلال فصل الخريف.
أما في الحادي والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وهو آخر تاريخ توافرت فيه تلك الأرقام، فقد سجلت حالات إيجابية (بمعنى وجود الفيروس لديها) تلك الفئة العمرية 2.16 في المئة، أي إنها تضاعفت 54 مرة عبر اثني عشر أسبوعاً. ووصلت الحالات الإيجابية إلى ذروتها فسجلت 2.28 في المئة يومي 16 و17 نوفمبر 2020.
وكذلك بينت الأرقام نفسها أن نسبة الحالات الإيجابية في أوساط الفئة العمرية بين 11 عاماً و16 عاماً، تفوق أي فئة عمرية أخرى، وتليها الفئة العمرية من 18 إلى 24 عاماً، بما في ذلك طلاب الصف السادس وطلاب الجامعات التي سجل 1.92 في المئة، في حين أن الأشخاص الذين تتفاوت أعمارهم بين 50 عاماً و69 عاماً، سجلوا 0.83 في المئة، وأولئك الذين يبلغون من العمر أكثر من 70 عاماً، سجلوا نسبة 0.54 في المئة.
وفي بعض المناطق تم تسجيل إصابة واحدة بين المراهقين في كل صف دراسي يتألف من 30 طالباً، وفق متخصصي "المجموعة العلمية الاستشارية للطوارئ" المستقلة.
وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن نحو 20 في المئة من طلاب المرحلة الثانوية لا يرتادون المدرسة، في حين يعتقد أن نحو نصفهم يتغيبون عنها لأسباب تتعلق بوباء "كوفيد-19". وقد أغلق نحو 1 في المئة من مدارس الثانوية العامة في إنجلترا.
ويستنتج التقرير أنه "بات من الواضح الآن أنه يمكن لطلاب المدارس الثانوية التعرض للإصابة بالعدوى ونقلها بين بعضهم بعضاً، وكذلك إلى البالغين. وقد أقر بذلك الواقع في نهاية الأمر، المستشارون الرسميون للحكومة في (المجموعة العلمية الاستشارية للطوارئ) الحكومية".
وأضاف التقرير "لقد تبين أن فئة الأطفال والشباب في المدرسة لديهم دائرة انتقال واسعة للعدوى، من شأنها أن تعرض الآباء والأجداد للخطر. وفي حين يميل المسؤولون إلى الحد من تعطيل السنة الدراسية للأطفال، تظهر حاجة ماسة إلى إصدار توجيهات إرشادية أشد صرامةً للتقليل من مخاطر الإصابة بالمرض".
وفي المقابل، ادعى تقرير "سايغ" المستقلة الذي جمعت نقاطه بعد التشاور مع رؤساء الأقسام والمعلمين وأهالي الطلاب، أن المدارس حرمت من المعلومات والموارد الأساسية وقدمت إليها نصائح "غير متسقة" من جانب الحكومة. وأورد أيضاً أن الحظر المفروض على المدارس، والسعي إلى إعادة جدولة تواريخ الإجازات أو التحول إلى التعلم المدمج الذي يجمع ما بين التعلم عبر الإنترنت وداخل صفوف التدريس، قد زاد المشاكل حدة.
وذكر التقرير أن "الوضع الراهن في عدد من المدارس والمجتمعات الأشد تضرراً، يسوده الارتباك والسرية وانعدام الثقة والخوف والإحباط والإرهاق. ومن الواضح أن وضعاً كهذا لا يمكن أن يكون مستديماً".
في ذلك الصدد، أشار البروفسور ستيفن رايتشر من "جامعة سانت أندروز" والعضو في "المجموعة العلمية الاستشارية للطوارئ" المستقلة، إلى أنه "في فصل الصيف، أهملت الحكومة فعلياً المدارس، وطالبتها بأن تكون آمنة، لكنها في المقابل لم توفر الدعم اللازم أو الموارد لتلك المؤسسات، كي تحقق ذلك".
وأضاف "نتيجةً لذلك، وجد عدد كبير من أطفالنا أنفسهم في صفوف دراسية مزدحمة وسيئة التهوية، وتضاعفت معدلات الإصابة بالعدوى بنحو 50 مرة منذ سبتمبر، وبات طالب من كل خمسة متغيباً عن المدرسة، وهذا كله يعرض الآن المجتمع بأسره للخطر".
ودعا البروفسور رايتشر الحكومة إلى الاعتراف بخطئها وتغيير طريقة إدارتها للأمور. وأوضح أنه "يتعين علينا أن نتحرك على وجه السرعة من أجل جعل المدارس آمنة".
وفي التفاصيل فإن التقرير أعد بالتعاون مع مجموعة "إيغل" Eagle للبحوث التعليمية. وقد دعا إلى التوسع في استخدام التعلم المدمج، وتقديم إرشادات هدفها تشجيع تلاميذ المرحلة الثانوية على ارتداء الكمامات أثناء الدروس، مع اعتماد صفوف بعدد طلاب أقل في مراحل التعليم الابتدائية، وتحسين التهوية في قاعات التدريس.
وخلصت "المجموعة العلمية الاستشارية للطوارئ" المستقلة إلى التشديد على أن العزلة الذاتية يجب أن يمارسها جميع الأطفال ضمن "مجموعة" المدرسة، وألا تقتصر على أولئك الذين يجلسون بالقرب من طفل مصاب بالعدوى. وكذلك دعت إلى وجوب تمكين الموظفين المعرضين لالتقاط الفيروس سريرياً، من العمل من المنزل إذا كان ذلك متاحاً.
© The Independent