أعادت طائرة عسكرية أردنية الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع مغيب شمس يوم الاثنين إلى مقر الرئاسة برام الله، بعد أن نقلته ظهر الأحد إلى مدينة العقبة الأردنية، ومنها إلى العاصمة المصرية القاهرة، وذلك في أول جولة خارجية له أكثر من تسعة أشهر.
المفاوضات
تأتي تلك الجولة في ظل الاستعدادات العربية الفلسطينية لتولي الرئيس الأميركي المنتخب جون بايدن الرئاسة في يناير (كانون الثاني) 2021، وما قد يحمله عهده من إعادة إحياء عملية السلام المتوقفة منذ عام 2014.
وخلال أقل من 30 ساعة بحث الرئيس عباس مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في العقبة، ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، في القاهرة "سبل استئناف مفاوضات عملية السلام".
واتفق الرئيسان عباس والسيسي على "متابعة ما سيتم من خطوات خلال الفترة المقبلة سعياً نحو حلحلة الوضع الراهن بالعودة إلى مسار المفاوضات"، وفق بيان للرئاسة أكد خلاله السيسي أن "المرحلة الحالية تتطلب التكاتف وتكثيف جميع الجهود العربية من أجل استئناف مفاوضات عملية السلام".
ومن بين تلك الخطوات قرار الرئيس عباس استئناف جميع العلاقات الفلسطينية مع إسرائيل، ومن بينها التنسيق الأمني، الذي كان توقفه يمنعه من مغادرة رام الله.
وتأتي تلك الخطوة كبادرة حسن نية قدمها الفلسطينيون لإدارة بايدن، رغبة منهم في استئناف العلاقة مع البيت الأبيض بعد ثلاث سنوات من قطع الاتصالات مع إدارة الرئيس دونالد ترمب، الذي يصفونه بأنه "شريك اليمين الإسرائيلي المتطرف في تصفية القضية الفلسطينية وقتل حل الدولتين".
وينظر الرئيس عباس بارتياح لهزيمة ترمب في الانتخابات الرئاسية، على اعتبار أن ذلك يقضي على رؤيته للسلام التي رفضها الفلسطينيون.
ولا يخفي عباس تفاؤله من إدارة بايدن بسبب إعلانها رفض خطة إسرائيل ضم ثلث الضفة الغربية، واستعدادها لاستئناف الدعم المالي للفلسطينيين، وفتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي العقبة، دعا الملك الأردني عبد الله الثاني، خلال لقائه عباس، إلى "تكثيف الجهود الدولية من أجل إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس حل الدولتين".
وشدد على "وقوف الأردن بكل طاقاته وإمكاناته إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين في نيل حقوقهم العادلة والمشروعة وإقامة دولتهم المستقلة، ذات السيادة والقابلة للحياة، على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد مجدلاني، إن جولة عباس تهدف إلى "التشاور والتنسيق مع عمان والقاهرة لترتيب الأوضاع قبل تسلم بايدن منصبه"، مضيفاً أن الأخير لديه "نهجاً مختلفاً حول السياسية الخارجية الأميركية في العالم، وعملية السلام في الشرق الأوسط".
وشدد مجدلاني على أن "منظمة التحرير متفقة على أن العودة إلى صيغة المفاوضات السابقة برعاية أحادية أميركية أصبحت من الماضي"، قائلاً إن "المطلوب هو مؤتمر دولي للسلام يطلق مفاوضات بناءً على قرارات الشرعية الدولية ورعاية دولية متعددة".
وخلال زيارته القاهرة، بحث الرئيس عباس مع الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط "الخطوات التي يمكن أن تعيد الاعتبار إلى القضية الفلسطينية بعد سنوات من التغييب في ظل إدارة ترمب".
وعبر الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي عن أمله في أن "تستأنف إدارة بايدن عملية السلام وفق مرجعيات الشرعية الدولية"، مؤكداً أن الجامعة تدعم رؤية الرئيس عباس لعقد مؤتمر دولي للسلام.
فرصة سانحة
ويرى مدير مركز القدس للدراسات السياسية، عريب الرنتاوي، أن جولة رئيس السلطة الفلسطينية "تأتي في ظل قناعة عربية بوجود فرصة سانحة، وقد تكون الأخيرة، في عهد بايدن لإنقاذ عملية السلام وتحقيق حل الدولتين"، مضيفاً أن "الدول العربية ستعمل على تشجيع بايدن على القيام بدور فعال في عملية السلام في ظل انشغاله بأزمات واشنطن الداخلية والخارجية"، لكن الرنتاوي يشكك "بوجود فرصة حقيقية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس، مع حل عادل لقضية اللاجئين خلال ولاية بايدن، الذي يفاخر بصهيونيته ودعمه لإسرائيل وحكم اليمين الإسرائيلي".
وأضاف الرنتاوي أن الفلسطينيين أمام خيارين، فإما تقديم "تنازلات إضافية تمس بإمكانية قيام دولة كاملة السيادة"، وإما تبديد تلك الفرصة الأخيرة، مضيفاً أن "سقف الحركة حول عملية السلام في المرحلة المقبلة لن يصل إلى ورقة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، أو تفاهمات الرئيس عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت".