قالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في الحكومة المصرية هالة السعيد إن "الاقتصاد المصري عانى لسنوات طويلة من اختلالات كبرى، ولم يكن لمصر أن تعبر من أزمة كورونا بأمان لولا برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أسهم بفاعلية في رفع معدلات النمو خلال ذروة الأزمة"، وأشارت خلال قمة مصر الاقتصادية في نسختها الثانية، إلى أن جائحة فيروس كورونا، وضعت العالم أجمع في حالة من الترقب، وأن مصر كانت لديها مقومات رئيسة مهمة جداً وتعاملت بقدر عال من التوازن بين الحفاظ على الإجراءات الصحية ومراعاة صحة المواطنين، وفي الوقت ذاته استمرار عجلة الاقتصاد.
وأوضحت أن العديد من الدول لم تستطع تحقيق هذا التوازن، وأن القدر المالي الذي امتلكته مصر نتيجة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي أسهم في مساندة القطاعات المتضررة بتخفيف الأعباء عليها وكذلك القطاعات التي لديها فرصة كقطاعات "الاتصالات والزراعة والتعليم والصحة" إذ ضُخت استثمارات أكثر بها.
إجراءات استباقية مرنة
السعيد قالت، إن التجربة المصرية بوصفها نموذجاً يحتذى به لما اتخذته الحكومة المصرية من إجراءات استباقية مرنة وقابلة للتكيف لمواجهة تداعيات كورونا وتأثيرها على الاقتصاد المصري والقطاعات كافة وعلى رأسها قطاع السياحة باعتباره القطاع الأكثر تضرراً في الاقتصاد، موضحة أن الحكومة حرصت علي دعم كل القطاعات أثناء الأزمة من خلال تخفيف الأعباء الاقتصادية على تلك القطاعات، بتأجيل تحصيل رسوم الترخيص والضرائب الأخرى والرسوم السيادية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفتت إلى أن الجائحة أدت إلى إعادة ترتيب الأولويات في جميع الدول كما أثبتت أهمية العمل الجماعي، موضحة أنه من أجل التعامل مع هذه الأزمة بشكل فعال، لا بد من الاستعداد للاستجابة الفعالة في الوقت المناسب لتفشي المرض، بما يشمل تشغيل تطبيقات إلكترونية تتبع المخالطين مع وضع خرائط محدثة لمخاطر الأوبئة، وتقديم معلومات عن انتشار فيروس كوفيد -19 في مختلف الدول.
وحول تحقيق معدلات نمو خلال الأزمة، قالت السعيد، إن الاقتصاد المصري استطاع رفع معدلات النمو من اثنين في المئة إلى 3.5 في المئة طبقاً للتقرير الصادر عن صندوق النقد الدولي، أخيراً، مؤكدة أن تحقيق هذا المعدل أسهم في خفض معدلات البطالة إلى 7.3 في المئة مقارنة بنحو 9.6 في المئة خلال العام الماضي، ما يؤكد سلامة الإجراءات الحكومة تجاه الإصلاح الاقتصادي الذي جعل مصر ضمن ثلاث دول على مستوى العالم تحقيقاً لمعدلات نمو خلال كورونا.
وفي ما يتعلق بالمرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي والمتعلق بالإصلاح الإداري، قالت وزيرة التخطيط، إن البرنامج يتضمن ثلاثة عناصر رئيسة تتمثل في تنويع هيكل الإنتاج بتحقيق مزيد من الصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات، إضافة إلى عنصر سوق العمل وكفاءته، فضلاً عن العنصر الثالث والمتمثل في تحقيق المزيد من مشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية إذ يعد برنامجاً حكومياً بامتياز.
وقالت، إن برنامج الإصلاحات الهيكلية ذات الأولوية للاقتصاد، من أهم أهداف المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، بما يضمن الحفاظ على مكتسبات المرحلة الأولى من هذا البرنامج، كما تهدف الإصلاحات الهيكلية إلى معالجة جوانب الضعف الاقتصادية، والعمل على تشجيع النمو الاحتوائي وخلق فرص عمل جديدة عن طريق تنويع وتطوير أنماط الإنتاج، وتحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال، وتوطين الصناعة المحلية، وتنافسية التصدير.
إصلاحات هيكلية تهدف إلى تنويع الاقتصاد
وأكدت أن الدولة عازمة على المضي قدماً لاستكمال ما تم بدؤه من جهود للإصلاح والتنمية في السنوات الاخيرة، مشيرة إلى أن تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة يتطلب سنوات من العمل الجاد والمتواصل والجهد الدؤوب يتعاون فيه شركاء التنمية من القطاع الخاص والمجتمع المدني مع الحكومة، موضحة أن الدولة تلتزم بتنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية الذي يعتبر المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، ومضيفة أن برنامج الإصلاحات الهيكلية هو برنامج وطني نابع من داخل مؤسسات الدولة المصرية العامة والخاصة والمجتمع المدني، ويأتي في إطار النهج التشاركي الذي تتبناه الدولة المصرية.
وأوضحت الوزيرة المصرية أن الإصلاحات الهيكلية تستهدف تنويع هيكل الاقتصاد المصري وزيادة مرونته، ورفع القدرة على امتصاص الصدمات الخارجية والداخلية، فضلاً عن تحويل مسار الاقتصاد المصري ليصبح اقتصاداً إنتاجياً يرتكز على المعرفة ويتمتع بقدرات تنافسية في الاقتصاد العالمي، كما تتضمن الأهداف الرئيسة لهذا البرنامج الحفاظ على مكتسبات المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي (مرحلة التثبيت)، والاستمرار في إتاحة فرص التشغيل اللائق والمنتج، ورفع الطاقة الإنتاجية والتنافسية للاقتصاد خصوصاً الموجه للتصدير.
وأكدت السعيد أن محور تنويع الهيكل الإنتاجي للاقتصاد المصري يعد المحور الرئيس لهذا البرنامج، ويستهدف تحسين الإنتاج المصري وزيادة مرونة الاقتصاد وخلق فرص العمل اللائق والمنتج وزيادة فرص التصدير، متابعة أنه تحقيقاً لذلك حُددت خمسة قطاعات ذات أولوية رئيسة على مستوى القطاعات الإنتاجية والخدمية، وهي "الزراعة، والصناعة، والتشييد والبناء والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات".
وحول الصندوق السيادي المصري قالت السعيد، إن الصندوق السيادي المصري ذراع استثمارية مهمة هدفها الرئيس تعظيم العائد من أصول الدولة سواء كانت مستغلة أو غير مستغلة والدخول في شراكات لتحقيق أولويات الدولة المصرية في عملية التنمية المستدامة من خلال رؤية مصر 2030، وما يتطلبه ذلك من زيادة حجم الاستثمارات وتنوع مصادر التمويل، موضحة أنه كانت هناك ضرورة لإنشاء كيان اقتصادي كبير قادر من خلال الشراكة مع شركات ومؤسسات محلية وعالمية على زيادة الاستثمار والتشغيل والاستغلال الأمثل لأصول وموارد الدولة لتعظيم قيمتها وإعطاء دفعة قوية للتنمية والحفاظ على حقوق الأجيال المقبلة، لذا جاء إنشاء "صندوق مصر" ليكون أول صندوق سيادي مصري يهدف إلى التنمية الاقتصادية المستدامة.
وقالت إن الصندوق يسعى إلى خلق ثروات للأجيال المستقبلية عن طريق تعظيم الاستفادة من القيمة الكامنة في الأصول المستغلة وغير المستغلة في مصر وتحقيق فوائض مالية مستدامة، من خلال تصميم منتجات استثمارية فريدة من نوعها، كما يستهدف الصندوق تحقيق عوائد مالية مستدامة على المدى الطويل من خلال محفظة متوازنة ومتنوعة، موضحة أن الصندوق يستعد لتأسيس المزيد من الصناديق المتخصصة لتتماشى مع أولويات الدولة للفترة المقبلة، من خلال التعاون مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، إضافة إلى مستثمرين من القطاع الخاص من أجل توطين الصناعة، وأبرزها عربات القطار، وتلبية احتياجات مصر، وتوفير فرص واسعة للتصدير، لا سيما إلى الدول الأفريقية.
مخاطر الاعتماد على السياحة
وكان صندوق النقد الدولي أعلن أن قدرة مصر على سداد قرض الـ5.2 مليار دولار تعد كافية، وإن كانت تنطوي على بعض المخاطر، وأشار تقرير حديث لبنك الاستثمار الأوربي إلى أن الاقتصاد المصري يواجه "مخاطر متوسطة" لاعتماده على السياحة، إذ تواجه 63 في المئة من الدول متوسطة الدخل هذا المستوى من المخاطر، من بينها مصر.
وبحسب التقرير الذي يقيس مؤشرات اقتصادات الدول خارج الاتحاد الأوروبي، فإن "الجائحة والقيود المفروضة على حركة الناس قضت على قطاع السياحة، ومن المتوقع أن يؤدي الركود العالمي إلى تقليص عائدات السياحة لفترة طويلة حتى بعد إزالة القيود المفروضة".
وعلى الرغم من تحذيرات البنك الأوروبي، يشهد قطاع السياحة المصري بوادر تعاف من جائحة كورونا بعد ما استقبلت البلاد أكثر من 126 ألف سائح منذ عودة السياحة الخارجية في بداية يوليو (تموز) وحتى الأسبوع الماضي.
ولفت التقرير إلى أن تراجع تحويلات العاملين بالخارج، وهي أحد أهم مصادر العملة الأجنبية لمصر، يزيد من المخاطر التي تواجه الاقتصاد المصري، حسب ما يذكر تقرير بنك الاستثمار الأوروبي.