كشفت بيانات رسمية حديثة، أن الاقتصاد المصري بخلاف خسارته لأكثر من 130 مليار جنيه (8.33 مليار دولار)، بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد؛ أدى تراجعه إلى خسارة أكثر من 2.3 مليون مواطن مصري وظائفهم.
ووفق البيانات التي أوردها تقرير حديث لوزارة المالية المصرية، فإن نحو 2.3 مليون مواطن خسروا وظائفهم خلال فترة الإغلاق بالربع الأخير من العام الحالي، والتي استهدفت الحد من تفشي وباء "كوفيد-19".
وتكبد قطاع التجزئة أكبر عدد من خسائر الوظائف خلال فترة الإغلاق بإجمالي 624 ألف وظيفة، تلاه قطاع التصنيع المركز 569 ألفاً، ثم الأغذية والمشروبات والضيافة 469 ألفاً، وبعدها النقل والتخزين 309 آلاف، والبناء 288 ألف وظيفة.
لكن تشير البيانات التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، إلى أن معدل البطالة سجل ارتداداً لمستويات ما قبل "كوفيد-19" في الربع الأول من العام المالي الحالي 2020/ 2021، ليصل إلى 7.3 في المئة بفضل التخفيف التدريجي للإجراءات الاحترازية. وبلغ معدل البطالة أعلى مستوى له في عامين عند 9.6 في المئة خلال الربع الثاني من العام الحالي جراء الضغوط التي فرضتها الجائحة على ظروف الأعمال.
تراجع كبير في دعم المواد البترولية
من ناحية أخرى، واصلت الحكومة المصرية خفض قيمة دعم المواد البترولية في العام المالي الحالي 2020- 2021. وقال وزير البترول والثروة المعدنية في مصر، المهندس طارق الملا، "إن دعم المواد البترولية هبط بنحو 46 في المئة في الربع الأول من العام المالي الحالي 2020-2021 ليصل إلى 3.9 مليار جنيه (0.25 مليار دولار)، مقابل نحو 7.25 مليار جنيه (0.464 مليار دولار) خلال الفترة نفسها من العام الماضي".
تصريحات وزير البترول المصري جاءت بعد يوم من صدور تقرير وزارة المالية الذي أظهر تراجع دعم المواد البترولية بنسبة 77 في المئة خلال العام المالي 2019-2020 ليسجل نحو 18.6 مليار جنيه (1.192 مليار دولار)، مقارنة مع 84.7 مليار جنيه (5.429 مليار دولار) خلال العام المالي 2018-2019. وكانت التقديرات الحكومية في موازنة العام المالي الحالي تشير إلى تخصيص نحو 52.9 مليار جنيه (3.391 مليار دولار) لدعم المنتجات البترولية.
ومنذ العام 2014، تسعى الحكومة المصرية إلى خفض دعم الوقود تدريجاً ضمن جهودها لضبط الإنفاق العام ودعم استدامة مواردها المالية. وخصصت وزارة المالية نحو 28.1 مليار جنيه (1.801 مليار دولار) لدعم المنتجات البترولية خلال العام المالي 2020-2021، بزيادة بلغت نحو 10 مليارات جنيه (0.641 مليار دولار) عن فاتورة دعم الوقود بالعام المالي السابق.
تراجع كبير في الواردات المصرية
وبخلاف الخسائر في الناتج المحلي الإجمالي وسوق التوظيف، فقد امتدت تداعيات الجائحة إلى سوق المحمول المصري، حيث كشفت بيانات حديثة صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن الواردات المصرية من الهواتف المحمولة تراجعت بقيمة 1.205 مليار جنيه (0.077 مليار دولار) وذلك خلال أغسطس (آب) الماضي.
ورصدت البيانات، أن الواردات المصرية من الهواتف المحمولة بلغت نحو 59.284 مليون دولار خلال أغسطس الماضي، مقابل نحو 139.619 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي بنسبة تراجع بلغت نحو 57.5 في المئة.
وجاءت الواردات المصرية من الهواتف المحمولة ضمن قائمة الواردات المصرية من السلع الاستهلاكية المعمرة، والتي بلغت قيمتها الإجمالية نحو 380.366 مليون دولار، خلال أغسطس الماضي، مقابل نحو 485.647 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي متراجعة بنحو 105.281 مليون دولار بنسبة انخفاض تبلغ نحو 21.7 في المئة.
2.8 إلى 4 في المئة نسبة النمو المتوقعة
في الوقت نفسه، توقع وزير المالية المصري، محمد معيط نمو اقتصاد بلاده بما يتراوح بين 2.8 إلى 4 في المئة خلال العام المالي المقبل 2021-2022. وكان الوزير قد رجح في يونيو (حزيران) الماضي أن يتعافى الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير في بداية العام المقبل من دون أن يحدد نسبة معينة للنمو المتوقع.
فيما توقع البنك الدولي الشهر الماضي أن ينمو الاقتصاد بنسبة 5.8 في المئة خلال الفترة نفسها، لكن استطلاعاً حديثاً لوكالة "رويترز"، رجح أن يبلغ نمو اقتصاد مصر نحو 5 في المئة. وتوقع الوزير المصري، أن ينهي الاقتصاد العام الحالي بنمو يتراوح بين 2.8 إلى 3.5 في المئة، وهي نسبة أكثر تحفظاً مما سبق أن أعلنته الوزارة في وقت سابق من الشهر الحالي والبالغة 3.5 إلى 3.8 في المئة.
وتشير تقديرات أولية إلى أن الاقتصاد المصري نما بنسبة 3.8 في المئة خلال العام المالي السابق 2019-2020، إذ كانت الحكومة تتوقع نمواً بنسبة 6 في المئة خلال العام المالي الماضي وهو ما خفضته بسبب تداعيات جائحة فيروس "كوفيد-19".
وفي يوليو (تموز) الماضي، كشف وزير المالية المصري، عن حجم الخسائر التي تسببت بها جائحة كورونا، مؤكدا أنها "أزمة شديدة وقاسية، أثرت سلباً في العديد من دول العالم. وقال إن بعض البلاد لجأت إلى خفض المرتبات ووقف مزايا للعاملين... وما إلى ذلك، لأن الوضع مع الأزمة يتطلب إنفاقاً أكبر؛ مثل الإنفاق على الصحة والمستلزمات الوقائية".
8.33 مليار دولار فقدتها الموازنة العامة
وقال الوزير المصري، إن بلاده اليوم عليها الوفاء بالتزاماتها في ضوء نقص الإيرادات، مشيراً إلى أن "الدولة لم تحصِّل 130 مليار جنيه (8.33 مليار دولار) كانوا من موارد الدولة؛ بسبب كورونا، بينما تم إنفاق 62 مليار جنيه (3.974 مليار دولار) من الـ100 مليار جنيه (6.41 مليار دولار) التي خصصها رئيس الجمهورية في إطار خطة التحفيز".
وتابع: "كانت لدينا خطط لزيادة المعاشات وحل أزمة مشكلة العلاوات الخمس، وكان الجميع يوصي بعدم تنفيذ القرارات الخاصة بالزيادة في ظل تأثيرات الأزمة، والقيادة السياسية طالبت بتنفيذ وحل مشكلة العلاوات الخمس وزيادة المعاشات وزيادة الأجور وزيادة حد الإعفاء الضريبي، مع تخفيض شرائح الضرائب، فالقضية كبيرة ولا نعلم مدى الجائحة إلى متى، وتأثيرها في إيرادات الدولة".
أضاف "استطعنا الحفاظ على حاجات الناس، وكان المخزون الاستراتيجي آمناً، فلم تنقص أية سلعة، وكذلك جميع المستلزمات، وكانت الفكرة مطروحة لإنشاء صندوق مخصص للتعامل مع هذا الوضع وفي حال تكراره، ولن يدخل جنيه من هذه الأموال الخزانة العامة للدولة في حالة تكرار مثل هذه الظروف، والمبلغ الذي سيُقطع مع صافي المرتب مع إعفاء أي شخص مرتبه أقل من 2000 جنيه (128.2 دولار)، و0.5 في المئة من المعاشات وتم تحديد المدة بـ12 شهراً وتستقطع من الكل على مستوى الجمهورية، ولا ينفق من هذه الأموال إلا بموافقة رئيس الوزراء".