بعد جلسة "دامية" فقد فيها أكثر من 36 دولاراً، واصل الذهب خسائره في التعاملات المبكرة بعد عمليات بيع مكثفة شهدها خلال الجلسة السابقة، مع استمرار الضبابية في ما يتعلق بمفاوضات التحفيز المالي المستمرة منذ وقت طويل في الولايات المتحدة.
وهبط الذهب في السوق الفورية 0.4 في المئة إلى 1835.40 دولاراً للأوقية، كما نزلت الفضة 0.6 في المئة إلى مستوى 23.79 دولاراً للأوقية، وتراجع البلاتين 0.2 في المئة إلى مستوى 999.21 دولاراً، وصعد البلاديوم بحوالى 0.8 في المئة إلى 2283.73 دولاراً.
أسواق الذهب
وقال رئيس أبحاث السلع الأساسية لدى بنك أستراليا الوطني، لاكلان شو، إن الذهب "واجه صعوبات بسبب إحباط الأسواق من عدم قدرة النواب في الولايات المتحدة على التوصل إلى اتفاق مالي كانت تتوقعه".
وأضاف وفقاً لوكالة "رويترز"، "قد نشهد تغييراً في النظام بأسواق الذهب في ظل ضعف ارتباطها بالعائدات الحقيقية، بسبب استمرار اتجاه المستثمرين إلى أصول أعلى مخاطرة، ما يخلق آفاقاً زاخرة بالتحديات للملاذات الآمنة مثل الذهب".
وينتظر المستثمرون الآن قرار البنك المركزي الأوروبي بخصوص السياسة النقدية، والذي من المتوقع أن يكشف عن إجراءات تحفيز نقدي جديدة، كما يترقبون بيانات طلبات إعانة البطالة الأميركية الأسبوعية المقرر أن تصدر اليوم.
جلسة عنيفة والخسائر تتجاوز 36 دولاراً
وأمس، عمقت أسعار المعدن النفيس خسائرها لأكثر من 36 دولاراً عند تسوية تعاملات أمس الأربعاء التاسع من ديسمبر (كانون الأول)، وسط التفاؤل في شأن لقاح كورونا. وتأثر المعدن الأصفر سلباً مع تحول الدولار الأميركي للارتفاع خلال التعاملات. وفي حين أن محاولة جديدة في الولايات المتحدة للاتفاق على حزمة دعم مالي جديدة دعمت الذهب كتحوط ضد التضخم المحتمل، كانت الأخبار أيضاً بمثابة حافز إضافي للميل إلى المخاطرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي ما يتعلق بأخبار كورونا التي تحرّك الأسواق، أصبحت بريطانيا أول دولة غربية تبدأ حملة تطعيم ضد فيروس كورونا، كما أحرزت "فايزر" و"جونسون آند جونسون" مزيداً من التقدم في التجارب والموافقات التنظيمية على التوالي. كما تعهد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن بتوفير 100 مليون جرعة من اللقاح في أول 100 يوم له بالمنصب.
وعند التسوية، تراجع سعر العقود الآجلة للذهب تسليم فبراير (شباط) المقبل بنحو 1.9 في المئة، أو ما يعادل 36.40 دولاراً إلى مستوى 1838.50 دولاراً للأوقية. وهبط سعر التسليم الفوري للمعدن الأصفر بنسبة 2.2 في المئة إلى مستوى 1829.73 دولاراً للأوقية.
التوقعات الإيجابية تصطدم بالواقع
تأتي هذه الخسائر على الرغم من توقعات سابقة كانت ترجح أن يلامس الذهب مستويات تاريخية وقياسية نهاية العام الحالي، ففي أغسطس (آب) الماضي، توقع اقتصاديون لدى مجموعة "سيتي بنك" الاستثمارية أن تسجل أسعار الذهب العالمية مستوى قياسياً جديداً خلال الفترة ما بين الأشهر الستة إلى 12 المقبلة، يصل إلى 2300 دولار للأوقية.
وفي مذكرة بحثية، قالت كبيرة المحللين الاقتصاديين لدى "سيتي بنك"، كاثرين مان، إن أسعار الذهب العالمية في طريقها صوب تحقيق مكاسب قياسية جديدة، وذلك بعدما سجلت أكبر موجة صعود أسبوعية للمعدن النفيس خلال أكثر من 14 عاماً في الفترة الماضية.
وبينما يتوقع خبراء "سيتي بنك" بلوغ أسعار الذهب مستوى 2100 دولار خلال الربع الثالث من 2020، إلا أنهم أكدوا أن موجة صعود الذهب لا تعني خسارة الدولار الأميركي قيمته كملاذ للمستثمرين أو مكانته كأحد أهم الأصول الاحتياطية الدولية، كما يعتبر البعض.
وأشار "سيتي بنك" إلى أنه بينما يحاول بعض الاقتصاديين تفسير صعود أسعار الذهب كنتيجة لتراجع قيمة الدولار، إلا إنه لن تكون هناك عملة أخرى أو دولة مستعدة أن تحل محل العملة الخضراء، مشيراً إلى أن سعي البنك المركزي الأميركي لطرح كميات ضخمة من الدولارات في الأسواق، وإجراء صفقات تبادل عملة مع دول أخرى، يدعمان قوة الدولار كأهم الأصول العالمية.
سياسات أكثر مرونة
وذكر أنه حتى وإن شهدت قيمة العملة الأميركية تراجعاً نوعا ما حالياً مقارنة بأسعار الذهب، لكن تظل لها الأفضلية عن سائر العملات التي تشهد هي الأخرى خفوضاً مماثلة.
وأرجع "سيتي بنك" الصعود التاريخي في أسعار الذهب خلال الفترة الماضية إلى توجه البنوك المركزية حول العالم لتبني سياسات نقدية تحفيزية أكثر مرونة، لا سيما بالتزامن مع بداية انتشار جائحة فيروس كورونا، وهو ما ترتب عليه تحقيق عوائد حقيقية سلبية، أي أن العائد الذي يتحصل عليه المستثمرون من السندات يصبح متساوٍ أو أقل في قيمته من معدل التضخم.
وأوضح "سيتي بنك" أن هذه العوامل أدت كذلك إلى خفض كلفة حيازة المستثمرين لأصل من دون قسيمة مثل الذهب، ليشعل فتيل اكتناز المعدن الأصفر بين المستثمرين، مستبعدين في الوقت ذاته وصول الأسعار إلى مستوى 3 آلاف دولار كما يتوقع البعض.