تدخل لجان الحوار الليبي جولة جديدة من الحوار السياسي اليوم الخميس، 10 ديسمبر (كانون الأول)، بناء على دعوة وجهت إليهم من البعثة الأممية للدعم في ليبيا لعقد جلسة افتراضية، للتصويت على آليات اختيار المتقدمين لتولي المناصب التنفيذية، في المرحلة الانتقالية، بعد تعثر عملية التصويت خلال الجولة الماضية، قبل نحو أسبوع.
وتعقد هذه الجلسة الافتراضية في توقيت حرج تمر به الأزمة الليبية، وسط توتر المشهد العسكري، ومخاوف من اندلاع مواجهات مسلحة مجدداً، كما تأتي بعد أيام قليلة من تعثر جهود توحيد مجلس النواب، بفشل عقد جلسة برلمانية مكتملة النصاب، في غدامس لهذا الغرض.
بالتزامن، مرّت بسلام أزمة السفينة التركية المحتجزة من الجيش الوطني الليبي، شرق البلاد، بعد إعلان الأخير مغادرة السفينة ميناء سوسة غرب درنة، ودفع غرامة مالية لمخالفتها قوانين الملاحة ودخولها المياه الليبية من دون إذن مسبق.
دعوة لجلسة افتراضية
ودعت البعثة الأممية لدى ليبيا أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي إلى اجتماع عبر دائرة مغلقة، مشيرة إلى أن "اللقاء يهدف إلى متابعة النقاش حول التوافق على آلية اختيار السلطة التنفيذية، انطلاقاً من نتائج التصويت على الآليات المقترحة، بغية الوصول إلى الطريقة الأنسب، والمضي قدماً في تنفيذ خريطة الطريق المتوافق عليها".
وكانت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة، ستيفاني وليامز، صرحت عقب تعثر الجولة الماضية من التصويت على المقترحات الخاصة بآلية الاختيار، أن "71 عضواً من أعضاء الملتقى شاركوا في التصويت، فيما امتنع ثلاثة"، مشيرة إلى أن "39 عضواً صوّتوا لمصلحة المقترح رقم 2، و24 منهم لمصلحة المقترح رقم3 ، وثمانية أعضاء للمقترح رقم 10"، بينما يحتاج أي مقترح لاعتماده إلى الحصول على 75 في المئة من أصوات المشاركين، بحسب الاتفاق المبرم بين أعضاء ملتقى الحوار السياسي في تونس الشهر الماضي.
دعوة للالتزام بحقوق الإنسان
في سياق ذي صلة، طالبت الرئاسة المشتركة (هولندا وسويسرا وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا) لفريق العمل المعني بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، المتصل بلجنة المتابعة الدولية في شأن ليبيا، في اليوم الدولي لحقوق الإنسان، بضرورة أن يكون الالتزام بالحقوق من صميم العملية السياسية الجارية في ليبيا.
ورحبت الرئاسة المشتركة في بيان بـ "الالتزامات التي تعهد بها المشاركون في ملتقى الحوار السياسي، من احترام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان".
وشدد البيان على أن "ذلك يجب أن يكون في صميم عملية السلام في ليبيا، وأن تعتمد مناحي تنفيذها كافة"، مؤكداً أن "أي تحسن ملموس في حياة جميع من تضرروا جراء النزاع الليبي، يعتمد على تأمين سلامتهم وكفالة حقوقهم الأساسية".
ضغوط البعثة الأممية
فرص نجاح عملية التصويت على آلية اختيار المرشحين للمناصب التنفيذية في جلسة اليوم لا زالت ضعيفة، بحسب ما يظهر في تصريحات الأعضاء المشاركين في الحوار الافتراضي طوال الأيام الماضية، لكنها تبقى أفضل من الجولة الماضية، وفق الصحافي الليبي معتز بلعيد.
ويوضح بلعيد أسباب تحسن فرص نجاح التصويت في جولة الحوار الجديدة قائلاً، "أعتقد أن البعثة الأممية بمساعدة جهات دولية أخرى مؤثرة في الملف الليبي، مارست ضغطاً كبيراً على أعضاء الحوار لإتمام هذا الالتزام الأهم حالياً، وهذا الضغط قد يؤتي ثماره في الاتفاق على خيار واحد من الخيارات التي وضعت على طاولة المشاركين للتصويت عليها".
ويتابع، "أيضاً بحسب ما تسرب من معلومات حول هذه الجولة الحوارية الافتراضية، فإن الخيارات التي ستوضع أمام المصوتين قُلصت إلى اثنين فقط، حصدا أكبر عدد من الأصوات في الجولة الماضية، وبالتالي سيعزز هذا الأمر فرص حصول أحدهما على النسبة المطلوبة من الأصوات، لاعتماده رسمياً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعتبر أن "الأهم من كل ذلك يبقى إرادة طرفي الحوار والنزاع الحقيقية في إتمام هذا التصويت للذهاب فعلياً إلى مرحلة انتقالية أخيرة، فقد تعودنا منها نشوب الخلافات في الخطوات الأخيرة لكثير من الحوارات الحاسمة بينها، خصوصاً المتعلقة بتقاسم السلطة".
صراع جديد في العاصمة
في سياق آخر، وفي فصل جديد من فصول الصراع بين القوى السياسية والاقتصادية المسيطرة على المؤسسات والقرار في العاصمة طرابلس، فوجئ الجميع في ليبيا بقرار أصدره وزير الداخلية المفوض في حكومة الوفاق فتحي باشا آغا، منع بموجبه محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير من السفر خارج البلاد، حتى إشعار آخر.
وقال باشا آغا إن "هذا القرار متعلق بإجراءات إدارية وقانونية وضوابط، تنطبق على تنظيم سفر جميع المسؤولين".
وكشف وزير الداخلية في تغريدة عبر "تويتر" أن "الوزارة تقوم بعمليات مراجعة داخلية، وتدقيقات تخص أموال تصل قيمتها إلى 3 مليارات دينار (5.1 مليار دولار)"، موضحاً أن "قسم مكافحة الجرائم المالية وغسل الأموال في وزارة الداخلية يقوم أيضاً بالتحقيق في شبهات فساد تصل قيمتها بحسب تقديرات أولية إلى نحو ملياري دينار تقريباً".
من جهته، رد محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير على هذا القرار بتقديم شكوى إلى النائب العام ضد فتحي باشا آغا، يتهمه فيها بمنعه من السفر وعرقلة جهوده لتوحيد سعر صرف الدينار.
قرار منع السفر
وجاء في البيان "اليوم الخميس وعندما كنت بصدد السفر في مهمة رسمية خارج ليبيا، تفاجأت بإدراج اسمي ضمن قائمة الممنوعين من السفر بأمر من وزير الداخلية المفوض فتحي باشا آغا".
وتابع، "ما صدر عن وزير الداخلية يمثل سلوكاً خارجاً عن القانون، ومساساً بمؤسسة سيادية تتبع السلطة التشريعية، كما يمثل عرقلة للجهود الاستثنائية التي يبذلها المصرف ممثلاً في محافظه، لتوحيد سعر صرف الدينار الليبي، والتئام مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي".
وختم الشكوى بقوله "عليه، وإذ نحيطكم علماً بما سبق، فإننا نأمل منكم اتخاذ ما خولكم القانون من سلطات وصلاحيات بالخصوص".
لتردّ بعدها الوزارة ببيان حاد على شكوى المحافظ المقدمة للنائب العام، أبدت فيه "استغرابها من تعالي وتكبر بعض المسؤولين الرافضين للامتثال والرضوخ لأوامر الجهات التابعين لها، بضرورة استيفاء الشروط القانونية والإدارية للسفر".
وأشار البيان إلى "التزام وزارة الداخلية بالشروط والإجراءات القانونية في قراراتها كافة، الصادرة من الجهات المختصة على المستويين التشريعي والتنفيذي، في شأن الرقابة على حركة السفر للمسؤولين الذين يتقلدون مهمات رسمية في الدولة"، لافتاً إلى رصد "فوضى إدارية وأمنية في إجراءات السفر إلى الخارج".
وأضاف البيان، "لا نميز ولا نستثني أحداً من تنفيذ القانون والقرارات والتعليمات الصادرة عن الجهات ذات الاختصاص، وليس لشخص أو مسؤول أن ينصّب نفسه في مقام أعلى من القانون".