قبل سنوات قليلة، وسعت وزارة الرياضة مفهوم الرياضات باحتوائها أنشطة لم تكن جزءاً من اهتماماتها في السابق، وكانت رياضة "اليوغا" إحدى هذه الأنشطة التي سهلت الوزارة إصدار تراخيص للمراكز الراغبة في تدريبها باشتراطات أقل تعقيداً.
كانت في مقدمة المستفيدين من هذا الاعتراف نوف المروعي، مؤسسة ورئيسة مجلس إدارة اللجنة العربية لليوغا، التي حصلت على دعوة للانضمام إلى الاتحاد الهندي الرسمي لليوغا، المنشأ حديثاً، بعد مشاركاتها مع اتحادات أهلية في البلد الآسيوي منذ عام 2010، الأمر الذي أكسبها المهارة لنقل الرياضة التأملية إلى بلدها الأم.
اليوم العالمي لليوغا
وقالت نوف عن بداية علاقتها مع اليوغا، إنها كانت قبل عقد من الآن "خلال ترددي المستمر على الهند، كنت لافتة للانتباه، لكوني سعودية ولدي اهتمام عميق باليوغا، وفي عام 2014، بعد أن أعلنت الأمم المتحدة اعترافها باليوم العالمي لليوغا، أقامت القنصلية والسفارة الهندية بالرياض احتفالاً بهذه المناسبة، تلقيت دعوة لحضور المناسبة وتكررت الدعوات في هذا الصدد".
وفي عام 2018 حظيت المدربة السعودية بتكريم من قبل الرئيس الهندي بجائزة "البادماشري" وتعني الشخص النبيل، وهي جائزة رفيعة في الهند، وتقول معلقة على ذلك، "لم أكن أعلم عن ذلك الترشيح إلا من خلال اتصالات وسائل الإعلام، والمهنئين الأصدقاء الهنود، وأحد أهم أسباب منحي إياها هو تغلبي على مرض الذئبة الحمراء بممارسة اليوغا الصحيحة بعيداً مما هو متعارف عليه من الخرافات".
الاعتراف باليوغا عالمياً
ويمثل اعتراف الهند، المنشأ الأساس لهذه الرياضة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، من خلال قيام اتحاد حكومي وإقرارها كلعبة رسمية، حدثاً أعطى انعكاساً عالمياً، إلا أن استثمار ذلك من قبل ممارسيها لم يكن بالدرجة الكافية للظروف التي حملتها الأشهر التالية للإعلان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكرت نوف في هذا الصدد، "توقفت الأحداث بسبب تداعيات جائحة كورونا فتعطلنا عاماً كاملاً، لكن في الأشهر الماضية عادت المجريات ومن خلالها قُدمت لي دعوة للانضمام للاتحاد، وستصاحب ذلك أنشطة عدة، آملين بأن تكون لها حظوة في الألعاب الآسيوية عام 2034، فالمنطقة تزخر بالبارعين والمتمكنين منها، وبمجرد إطلاق المبادرة داخلياً سنجد الموهوبين داخلياً على أتم الاستعداد، فهي تتضمن الكثير من الأنشطة، وتشبه في كثير من طقوسها الرياضات التي تعتمد على المرونة كالجمباز".
مستجدات اليوغا إقليمياً وعالمياً
وتضيف المؤسسة ورئيسة مجلس إدارة اللجنة العربية لليوغا بجمهورية الهند، "لم يسبقنا أحد في المنطقة لتنظيم اللعبة، ونشاط اللجنة هو التعريف بهذه الرياضة، والترويج لأنشطتها بين العرب، وجاءت المؤسسة عقب انضمامي للاتحاد العالمي، بجانب نشاطي الرياضي كمحكمة في بطولات الناشئين والمدارس والجامعات والبطولات الدولية".
وأكدت وجود مستجدات داخلية سعودية، وأخرى عالمية على مستوى ملف رياضة اليوغا، مستشهدة بما حصل في الأشهر الماضية، فأثناء جائحة كورونا "استمرت الأنشطة بشكل محدود عن بعد، وهو ما ربطها بأنشطة دولية، وأسهم في ازدياد الطلب عليها، الأمر الذي حدا بالجهات الرسمية للعمل على تنظيمها من ناحية المدربين والمتدربين بعد انبثاق الحماسة حول عشاقها والراغبين في الانضمام لها".
دورات تدريبية مجانية لمرضى الذئبة الحمراء والروماتويد
كرست المروعي عشرين عاماً من حياتها لرد هجمات الذئبة الحمراء، المرض الذي يصيب الجسم بالوهن، وهو ما خلق لديها دافعاً لمساعدة الآخرين بلا مقابل، وقالت "خضتها بإصرار وعناد لهزيمة مرض الذئبة الحمراء، ودفع هجماته المفاجئة بالطرق العلمية لليوغا، وعلى مدار هذه المدة الطويلة ذقت مرارة التجربة، في حين كان تشخيص المرض يحتاج لمدة لا تقل عن سبع سنوات، وكان سبباً في توقفي فترة عن الدراسة لما كانت تتعرض له أطراف يدي من زرقة واحمرار، كذلك منعني من التعرض لأشعة الشمس، وما يصاحب ذلك من أعراض قلق واكتئاب وتوتر، حتى وقع بيدي كتاب أحضره والدي من الخارج، وبممارسة الرياضة بشكل منتظم، بدأت الأعراض تتحسن، من ضمنها تيبس المفاصل، والقلق، وعدم القدرة على النوم، وبقية الأعراض التي ساعدت من خلالها اليوغا في تنظيم حياتي بأسلوب صحي"، ما دفعها إلى تعايش مع الحالة، من دون تدهور مفرط وسريع نتيجة هجوم الأجسام المضادة على الأعضاء الأخرى.
تتابع، مع ممارسة اليوغا "عدت إلى مقاعد الدراسة وتخرجت بمرتبة الشرف في تخصص علم النفس الذي ساعدني على فهم تأثير هذه الرياضة في الدماغ والجهاز العصبي بشكل عميق، والنتيجة هي أنني أعيش مع مرضي من دون خسارة في أعضائي، وجميع مرضى الذئبة الحمراء والروماتويد الذين خاضوا تجربة رياضة اليوغا، تحدثوا عن قوة تأثيره في مجابهة هذا المرض، لذلك أصبحت رياضة منتشرة، لكونها منزلية لا تحتاج لأجهزة".
وتعتبر المروعي نفسها محظوظة لكونها نجت من أي أعراض مستدامة للمرض "ليس لدي أي تلف في أعضائي، والهجمات لم تكن بتلك القوة، ومن هذا المنطلق، خصصت في كثير من برامجي دورات تدريبية مجانية لجميع من عانى هذه الأمراض، وأرفض تقاضي أي مبلغ من أي أحد منهم حتى من المقتدرين، لأنني عشت واقع التجربة المر شخصياً، وهو مرض علاجه مكلف للغاية، كما أن لدي مركزي تعاون مع عيادات مرضى الذئبة الحمراء والروماتويد من خلال مبادرات نطلقها بشكل مستمر، وكما هو معرف ما لهذا المرض من خطورة على صاحبه من خلال ما قد يتعرض له من اكتئاب قد تصل به إلى حالات انتحارية.