على وقع السجالات السياسية في واشنطن بشأن تنحية أو عزل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب، قبل تاريخ تنصيب خلفه جو بايدن في الـ 20 من يناير (كانون الثاني)، لا تزال أحداث "اقتحام الكونغرس" والشغب المصاحب لها، (6 يناير 2021)، تلقي بظلالها على عمل الأجهزة الأمنية، وسط مخاوف من تكرار حدوث المشهد مع مؤسسات أو أحداث أخرى في تلك الفترة.
وبين تحذيرات من أعمال عنف جديدة أو اقتحامات لمبان ومؤسسات أخرى، وصولاً إلى تهديدات أمنية محتملة، تتوالى التقارير والتحذيرات الأميركية الداعية إلى ضرورة الحذر واليقظة خلال الأيام المقبلة، قبل يوم تنصيب ساكن البيت الأبيض الجديد، مما يرجح وفق مراقبين عدم تجاوز يوم "اقتحام الكونغرس" بعد.
تهديدات أمنية ومخاوف من أعمال عنف
ووفق ما نقلت شبكة "سي.أن.أن" الأميركية عن مذكرة قالت إنها لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، فإن هناك معلومات تفيد بأن "تظاهرات مسلحة" يتم التخطيط لها في الولايات الأميركية الـ 50 خلال الأيام المقبلة، ومن ضمنها العاصمة واشنطن، وصولاً إلى يوم تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن في الـ 20 من هذا الشهر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وجاء في المذكرة الفيدرالية أن تظاهرات مسلحة يتم التخطيط لها في الولايات ابتداء من 16 وحتى 20 يناير، وفي الكونغرس من الـ 17 وحتى الـ 20 من الشهر ذاته، لافتة إلى أن هناك تهديدات من "ثورة" إذا ما تمت الإطاحة بترمب عبر اللجوء إلى التعديل الـ (25) من الدستور الأميركي، والذي ينص على إمكان عزل الرئيس من قبل نائبه ومجموعة من وزراء حكومته.
وفي السياق ذاته، نقلت شبكة "أن.بي.سي" الأميركية عن مسؤول أمني لم تسمّه، قوله إن مكتب التحقيقات الفيدرالي لديه معلومات عن مجموعة مسلحة تنوي السفر إلى واشنطن في الـ 16 من يناير، وتعتزم التخطيط "لانتفاضة كبرى" إذا حاول الكونغرس تفعيل التعديل الـ (25) من الدستور وتنحية ترمب، مشيراً إلى أن المجموعة المسلحة تدعو لاقتحام المحاكم والمباني الحكومية والبرلمانات الوطنية داخل الولايات في حال عزل الرئيس.
تأهب أمني وحذر
وفي الأثناء، وفيما نقلت شبكة "سي.أن.أن" الإخبارية عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية قولهم إن البنتاغون يعتزم نشر 15 ألف جندي من الحرس الوطني في العاصمة واشنطن بحلول يوم السبت المقبل لتأمين مراسم تنصيب بايدن، أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية بأن المسؤولين في عواصم الولايات يخشون تكرار الهجوم على مؤسساتهم التشريعية، بعدما باتت هدفاً للمحتجين من أنصار ترمب. وذكرت الصحيفة أن عشرات المجالس التشريعية للولايات باتت في حال تأهب أمني خشية الهجوم عليها أو استهدافها من قبل جماعات يمينية متشددة.
وبحسب عمدة العاصمة الأميركية واشنطن، مورييل باوزر، فإن التخطيط الأمني ليوم تنصيب بايدن سيكون مختلفاً عن مراسم التنصيب السابقة، بسبب المخاوف الأمنية المتصاعدة في المنطقة بعد أحداث العنف التي شهدها مبنى الكونغرس.
وعما إذا كانت خائفة مما يمكن أن يحدث في العاصمة عند تنصيب بايدن رئيساً، ردت مورييل على "سي.أن.أن" قائلة، "إذا كنت خائفة من شيء فهو من أجل ديمقراطيتنا، لأن لدينا مجموعات مسلحة متطرفة جداً تمثل مصدر خطر".
وتابعت باوزر أن طلبها من وزارة الداخلية إلغاء تصاريح التجمعات العامة كافة في غضون حفل التنصيب، يعبر عن مستوى القلق الذي ينتابها حول التهديدات الأمنية في العاصمة.
وأضافت، "الناس الذي يأتون للتظاهر السلمي مختلفون تماماً عن أولئك الذين رأيناهم يجتاحون مبنى الكونغرس في ذلك اليوم، وهذا يُظهر أن هذه مجموعة منظمة ومدرّبة"، مؤكدة أن "التخطيط لـلـ 20 من يناير يجب أن يكون مختلفاً جداً عن مناسبات التنصيب السابقة".
بروفة تظاهر وسط تصاعد الاحتقان
وفيما يحتدم الجدال السياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين في شأن مستقبل الرئيس المنتهية ولايته، لبّت مجموعة من أنصار ترمب أمس الإثنين دعوة للتظاهر أمام مقرّ شركة "تويتر" في سان فرانسيسكو للاحتجاج على قرارها إغلاق حساب الملياردير الجمهوري بعد أعمال العنف التي ارتكبها أنصار له في الكونغرس، والمتهم بأنه حرضهم عليها.
وخلال نهاية الأسبوع، تناقل مؤيدون لترمب دعوات عبر منتدى إلكتروني يرتاده اليمين المتطرف (ذي دونالد دوت وين)، تنادي بالتجمع أمام مقر شركة "تويتر" للتظاهر ضد إغلاقها حساب الرئيس، ومنعه من التعبير عن آرائه عبر منصته المفضلة للتواصل مع جمهوره.
ووفقاً لصحيفة "سان فرانسيسكو كرونيكل"، فإن بعض الداعين للتظاهرة طلبوا من الراغبين في المشاركة أن يجلبوا معهم أصفاداً بلاستيكية لتنفيذ عمليات اعتقال وهمية.
وعلى الرغم من أن القسم الأكبر من موظفي "تويتر" يعملون عن بُعد منذ بداية جائحة "كوفيد-19"، ومكاتبهم شبه مهجورة إلا من عدد ضئيل من الموظفين، إلا أن شرطة سان فرانسيسكو أخذت التهديدات على محمل الجد، ونشرت العشرات من عناصرها أمام مقر الشركة.
لكن الدعوات إلى هذه التظاهرة لم يلبها في نهاية المطاف سوى قلة من المتظاهرين المؤيدين لترمب، الذين وقف ضدهم في المكان عينه عدد مماثل تقريباً من معارضي الرئيس المنتهية ولايته، بحسب وسائل إعلام محلية.
ونقلت قناة "كي.تي.في.يو" التلفزيونية عن أحد المتظاهرين من أنصار ترمب قوله، "لا أحب أن أخضع للرقابة. لدي شعور بأن أصوات المحافظين تخضع للرقابة". في المقابل، رفع أحد المعارضين للرئيس المنتهية ولايته ويدعى كينيث لوندغرين (71 عاماً) لافتة تدعو إلى "التصدي لمحاولة ترمب الانقلابية".
وكان موقع "تويتر" أعلن أمس الإثنين أنه "جمد بصورة نهائية" أكثر من 70 ألف حساب مرتبط بـ "كيو آنون"، الحركة اليمينية المتطرفة التي تؤمن بنظرية المؤامرة وتؤيد ترمب، مشيراً إلى أنه أزال هذه الحسابات لمنع أصحابها من استخدام المنصة للترويج للعنف.
وكانت "تويتر" علقت بشكل دائم حساب ترمب، الجمعة الماضية، مشيرة إلى أخطار حصول "تحريض جديد على العنف" من جانب الرئيس المنتهية ولايته، بعد يومين من أعمال الشغب التي قام بها عدد من أنصاره، واجتاحوا مبنى الكابيتول لساعات عدة.