ارتفعت الأصوات الداعية للخروج إلى الشارع في تظاهرات احتجاجية على الأوضاع التي تعيشها الجزائر، قبل شهر من الذكرى الثانية لانطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير (شباط) 2019، ما خلق مناخاً ساخناً على مواقع التواصل الاجتماعي بين مرحب ومحذر.
"نداء 22 فبراير"
جاءت دعوة ائتلاف مدني أطق على نفسه اسم "نداء 22 فبراير"، إلى الاستعداد للعودة إلى الشوارع والميادين للتظاهر، بعد ما يقارب عشرة أشهر من تعليق التظاهرات بسبب جائحة كورونا، لتفتح نقاشات حول مواضيع عدة، أهمها: ماذا تحقق من مطالب الحراك منذ انتخابات الرئاسة في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019؟ وهل الوقت مناسب للعودة إلى الشارع خاصة في ظل ما تشهده البلاد داخلياً وخارجياً من تحديات وتهديدات؟
ووجه الائتلاف الذي يضم ناشطين من الحراك الشعبي وشخصيات سياسية وأكاديمية، بياناً للمواطنين يدعوهم للتجند سلمياً من أجل العودة الحتمية القريبة والقوية إلى المسيرات السلمية، لـ"إرغام النظام القائم على الاعتراف بالفشل الواضح لخريطة طريقه السياسية، التي دفعت البلاد إلى طريق مسدود، وأفقدت الشعب كل ثقة في المستقبل، وأن رحيله أصبح حتمياً وضرورة قصوى لإنقاذ البلاد".
واعتبر أن العودة إلى المسيرات الشعبية هي السبيل لإرغام السلطة على إطلاق سراح غير مشروط لكل معتقلي الحراك الشعبي ومعتقلي الرأي، وإعادة الاعتبار لهم، وتفعيل ممارسة الحقوق والحريات العامة والفردية بشكل فوري، وفتح المجال السياسي والإعلامي، واحترام حق التظاهر السلمي، والخضوع الفوري للإرادة الشعبية الداعية إلى تغيير جذري وانتقال ديمقراطي سلس ومستقل يكرس السيادة الكاملة للشعب".
نضج ووطنية ووعي
يعتقد الحقوقي والناشط السياسي حسين خلدون، أنه حان الوقت لهذا الائتلاف أن يعرف بنفسه وتحديد مطالب الحراك الشعبي المشروعة والمعقولة، أمام تعنت النظام وانتهاجه سياسة الأمر الواقع والهروب إلى الأمام، وهو ما عمق الهوة بين الشعب والسلطة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول إنه على السلطة القائمة أن تراجع خريطة الطريق المنتهجة، لا سيما تلك المحطات التي لم تؤتِ ثمارها المرجوة، سواء على مستوى لجنة الحوار ومخرجاتها الهزيلة الباهتة، مروراً بتعديل الدستور الأخير والفشل في احتواء المطالب المشروعة وعدم كسب اهتمام غالبية الشعب ولا حتى مجرد توافق كما كان يروج لذلك، إضافة إلى ما سيحصل مستقبلاً مع الانتخابات البرلمانية والمحلية في ظل عدم التحكم في الآليات الجديدة المقترحة، وخاصة نمط الاقتراع.
ويواصل خلدون أن الشارع الجزائري أظهر نضجاً سياسياً كبيراً ووطنية لا يرقى إليها أدنى شك، ووعي بمدى أهمية إحداث التغيير لمحو الصورة المشينة التي شوهت المشهد السياسي في البلاد بسبب ظاهرة الفساد وحجم الانحرافات، متوقعاً أن يكون تعاطي الشارع مع هذه الدعوة قوياً وأكثر واقعية من ذي قبل، بعد أن أخفقت السلطة القائمة في تأطير المجتمع من خلال فتح حوار هادئ ومسؤول يفضي إلى رسم خريطة طريق جزائر الجميع، وليست جزائر من ركب قطار الهروب إلى الأمام.
من جانبه، يرى الناشط في الحراك الشعبي سفيان حداجي، أن خطوة الائتلاف تضاف إلى الدعوات الكثيرة، مبرزاً أن الوقت مناسب خاصة مع اقتراب ذكرى العام الثاني من الحراك.
ويوضح "أظن أنه سيكون هناك خروج تلقائي وعفوي للشارع يوم 22 فبراير المقبل، لأن الشعب يعلم جيداً أنه حتى الآن لم تتحقق مطالب الحراك".
كما أطلق نشطاء "هاشتاغ" على وسائل التواصل الاجتماعي بشعار "خارج مش خايف"، لإحياء الذكرى الثانية لانطلاق فعاليات الحراك، وهي الخطوة التي لقيت تفاعلاً واسعاً مع رفع مطالب بالإفراج عن معتقلي الرأي، والاستجابة لانشغالات الشارع، والانتقال من الدولة العسكرية إلى الدولة المدنية.
استغراب واستغلال
في السياق ذاته، يستغرب الحقوقي حسان براهمي، مصطلح "رحيل النظام" في بيانات نشطاء الحراك، مضيفاً أنه مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والمحلية ستظهر الكثير من المبادرات السياسية التي تحاول كل منها أن تبرز بأنها تمتلك القدرة على تمثيل حراك 22 فبراير، وأنه بإمكانها إعادة استدعاء المسيرات السلمية، كما أن لديها القدرة على تعليقها، لكن "كل طرف لديه أجندة سياسية لحجز مكانة في الخريطة السياسية القادمة".
ويضيف أن القاسم المشترك بين كل الأطراف السياسية بما فيها النظام بحد ذاته "استثمار حراك 22 فبراير لتحقيق المكاسب السياسية العاجلة".
ويشدد براهمي على أنه للأسف الشديد لم تظهر حتى الآن مبادرات سياسية يمكن أن تقدم مشاريع طويلة الأمد تكفل بناء الجمهورية المنشودة، واقتصر الأمر على الشعارات اللامعة من قبيل "نحن صوت الشعب"، و"رحيل النظام"، و"تحقيق مدنية الدولة"، وغيرها.
وختم أن الدعوات سيستجيب لها المناضلون في الأحزاب أو المنظمات أو الحركات التي أصدرتها، أما غالبية المواطنين الذين خرجوا في حراك 22 فبراير 2019 "أعتقد أنه لا يمكن توفير شروط ذلك حالياً".