فتح تعديل تشريعي في مصر الباب لحياة جديدة للأطفال من مجهولي النسب، والأيتام الموجودين في دور الرعاية، من خلال تيسير إجراءات كفالة الأسر البديلة للأطفال، بعدما كانت الإجراءات الطويلة تحد من رغبة البعض في منح منزل وعائلة لأطفال حرموا منها.
ويتبع وزارة التضامن الاجتماعي المصرية حوالى 450 دار رعاية، تستضيف نحو 10 آلاف طفل، تصل نسبة مجهولي النسب بينهم إلى أكثر من 80 في المئة، كما توجد مئات أخرى من دور الرعاية التابعة لجمعيات أهلية.
وظل يُنظر إلى كفالة الأطفال بصورة سلبية بين كثيرين في مصر، لكن الحال تغير خلال الأعوام الثلاثة الماضية، شعبياً ورسمياً، بعد ظهور حملات على مواقع التواصل الاجتماعي تشجع على كفالة الأطفال، وكذلك التعديلات على قانون الطفل التي بدأ العمل بها العام الماضي، وشملت استبدال توصيف "الأطفال المعثور عليهم" بدلاً من "اللقطاء"، وعبارة "مجهولي النسب" بدلاً من "كريمي النسب"، بهدف تحقيق مصلحة الأطفال.
التعديلات التشريعية
كما تضمنت التعديلات القانونية تسهيلات لمن يرغب في كفالة الأيتام ومجهولي النسب، بالسماح للأسر التي يكون أحد الزوجين غير مصري بالكفالة، بشرط موافقة لجنة عليا تضم ممثلين عن وزارات التضامن الاجتماعي والداخلية والخارجية والعدل، وممثل عن النيابة العامة ومشيخة الأزهر، بحيث تناقش اللجنة الأسرة حول قضايا مختلفة لمعرفة مدى صلاحيتها لرعاية الطفل.
وخفضت التعديلات التشريعية سن الزوجين المسموح لهما بالكفالة إلى 21 عاماً بدلاً من 25، وإلغاء شرط الحصول على مؤهل دراسي ليكون معرفة القراءة والكتابة، مع منح الأسرة البديلة الولاية التعليمية على الطفل، والسماح بإدراج الاسم الأول للأم (البديلة) في خانة الأم في شهادة الميلاد، وإضافة الاسم الأول للأب البديل أو لقب العائلة في الأوراق الرسمية، مع تغيير مصطلح الأسرة البديلة إلى أسرة بديلة كافلة.
مبادرات مجتمعية
مشاركة تجارب الأسر البديلة في كفالة الأطفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي شجعت كثيرين على اتخاذ الخطوة، ومن أبرز تلك المبادرات "الاحتضان في مصر" التي أطلقتها يمنى دحروج، وهي زوجة ثلاثينية حُرمت من الإنجاب لسنوات، فقررت العام 2018 تبني الطفلة "ليلى" من إحدى دور الأيتام، وقررت عقب ذلك إطلاق مبادرتها لنشر فكرة كفالة الأطفال والتأكيد على أنها ليست مخالفة للشرع، وتحت شعار "الأطفال مكانها في البيوت"، وعملت منذ ديسمبر (كانون الأول) 2018 على نشر رسالتها من خلال صفحة عبر "فيسبوك" ومن خلال وسائل الإعلام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم تخفِ يمنى صعوبة المهمة في البداية، إذ واجهت انتقادات لإطلاقها المبادرة بسبب عدم الوعي بالفارق بين التبني المحرم شرعاً والكفالة التي يحث عليها الدين الإسلامي، لكنها أصرت على الاستمرار بهدف تكوين مجتمع واع بأهمية الكفالة وتوعية الأسر الكافلة والإجابة عن تساؤلاتهم. وتطورت المبادرة لتشمل تنظيم ورش عمل ودورات للأسر المقبلة على الكفالة عبر أطباء نفسيين، إلى جانب تنظيم لقاءات بين الأسر الكافلة ومن يقبلون على تلك الخطوة، كما تقدم المبادرة الدعم للأطفال المكفولين أو المحتضنين، خصوصاً في مرحلة المراهقة، وأتاحت أخيراً المبادرة قصصاً للأطفال لإيصال فكرة الاحتضان بشكل مبسط.
زيادة طلبات الكفالة
وبحسب الأرقام الرسمية، فقد أدت التعديلات التشريعية والمبادرات المجتمعية إلى زيادة عدد الأسر البديلة، إذ استقبلت وزارة التضامن الاجتماعي 100 طلب كفالة من هذه الأسر خلال النصف الثاني من العام الماضي، بحسب تصريحات صحافية للمستشار القانوني لوزارة التضامن الاجتماعي، محمد عمر، مضيفاً أن هناك 11 ألف يتيم آخرين يحتاجون أسراً بديلة.
وتأمل وزارة التضامن الاجتماعي بالقضاء على الحاجة لدور الأيتام بحلول العام 2025، بحسب تصريحات عضو لجنة الأسر البديلة في وزارة التضامن الاجتماعي ريم أمين.
ويصل عدد الأسر البديلة إلى 11421 عائلة، بإجمالي 11658 طفلاً يتيماً، حيث تكفل عدد من الأسر أكثر من طفل، وتتم متابعة حال الأولاد من خلال زيارات شهرية لاختصاصي اجتماعي إلى منزل الأسرة البديلة إن كان عمر الطفل أقل من عام، وزيارة ربع سنوية حتى بلوغ اليتيم 21 عاماً، وفقاً لتصريحات مدير عام الإدارة العامة للأسرة والطفل في وزارة التضامن الاجتماعي محمود شعبان.