على مدار الـ15 سنة الماضية تمكنت الحكومة المصرية من جمع نحو 6288.845 مليار جنيه (401.835 مليار دولار) من الضرائب التي تُجمع بكل أنواعها سواء من الأفراد أو الشركات.
وشهدت الفترة الماضية مناقشات عديدة بشأن الضرائب التي قامت الحكومة المصرية بالتوسع في فرضها، وربما كانت ضريبة العقار هي الأكثر إثارة للجدل خلال الفترة الماضية، وسبقتها ضريبة التوزيعات والأرباح التجارية والرأسمالية التي تراجعت الحكومة عن بدء تطبيقها أكثر من مرة خلال السنوات الماضية.
لكن على مدار السنوات الـ15 الماضية، تطورت الحصيلة الضريبية في مصر بشكل كبير، وقفزت بنسبة 1108.26 في المئة خلال هذه الفترة، وذلك بعد ما ارتفعت من نحو 79.842 مليار جنيه (2.101 مليار دولار) خلال العام المالي 2005- 2006 إلى نحو 964.7 مليار جنيه (61.642 مليار دولار) خلال العام الماضي.
ووفق هذه البيانات، فإن المتوسط السنوي لحجم الضرائب التي جرى تجميعها خلال السنوات الـ15 الماضية بلغت نحو 419.256 مليار جنيه (26.789 مليار دولار)، كما بلغت نسبة الزيادة المئوية السنوية متوسط 73.9 في المئة خلال كل عام من الأعوام الـ15 الماضية.
22.5 في المئة ضريبة الشركات
وخلال السنوات الـ15 الماضية، مرت الضرائب في مصر بالعديد من المحطات، لكن في الوقت الحالي، يفرق النظام الضريبي في مصر بين الأشخاص الطبيعيين والشخصيات الاعتبارية والشركات، ويخضع الأشخاص الطبيعيون لستة أنواع من الضرائب المباشرة وغير المباشرة ويُحاسبون وفق نظام الشرائح الضريبية بعد احتساب حدود الإعفاء.
أما الشخصيات الاعتبارية، فتخضع لنوع واحد من الضرائب، وهو ضرائب الأرباح الرأسمالية بنسبة 22.5 في المئة من صافي أرباح الشركات والشخصيات الاعتبارية.
وفي ما يتعلق بالضرائب الست المفروضة على الأشخاص الطبيعيين، فإن مصلحة الضرائب تقسمها إلى ثلاثة أنواع رئيسة، الأول، يتمثل في الضرائب المباشرة، والضرائب غير المباشرة، والضرائب العقارية، وبالنسبة للضرائب غير المباشرة، فإنها تنقسم إلى نوعين، الأول، ضرائب القيمة المضافة على السلع والخدمات التي يشتريها المواطن وفق شرائح ضريبية، والنوع الثاني، يتمثل في الضرائب الجمركية للسلع المستوردة من الخارج.
وتقسم الضرائب المباشرة التي يدفعها المواطن إلى أربعة أنواع، هي ضريبة الدخل، وضريبة الأرباح على النشاط الصناعي والتجاري، وضريبة كسب العمل، ورابعاً، ضريبة التصرفات العقارية، وهذه الأنواع الأربعة يجري احتساب الضريبة فيها وفق الشرائح الضريبية.
ستة أنواع من الضرائب على الأشخاص
النظام الضريبي في مصر، قسم الضرائب التي يدفعها المواطن إلى شرائح بعد حسم الإعفاءات من إجمالي الدخل، وهما حد الإعفاء الضريبي بقيمة 15 ألف جنيه (958 دولاراً)، إضافة إلى حد الإعفاء الشخصي والبالغ سبعة آلاف جنيه (447 دولاراً)، وبالتالي سيكون الدخل معفى من الضريبة حتى 24 ألف جنيه (1533 دولاراً) سنوياً معفاة من الضرائب، ولفت إلى أن ما زاد على هذا الرقم يخضع للضريبة، ولكن وفقاً لهذه الشرائح.
الشريحة الأولى، وهي الشريحة التي تتراوح بين 15 و30 ألف جنيه (958 و1916 دولاراً) وتخضع للضريبة بنسبة 2.5 في المئة، والشريحة الثانية، حينما يتراوح الدخل بين 30 و45 ألف جنيه (1916 و2875 دولاراً)، وتكون بنسبة 10 في المئة، أما الشريحة الثالثة فتكون في حدود 15 في المئة، حينما يتراوح الدخل بين 45 و60 ألف جنيه (2875 و3833 دولاراً).
أما الشريحة الرابعة، فبنسبة 20 في المئة، وتتعلق بأصحاب الدخل الذي يتراوح بين 60 و200 ألف جنيه (3833 و12779 دولاراً)، والشريحة الخامسة تتعلق بالدخول التي تزيد على 200 ألف جنيه (12779 دولاراً) تكون بنسبة 25 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما النوع الثاني، من الضرائب فهو ضريبة الأرباح على النشاط الصناعي والتجاري، ويخضع لهذا النوع من الضرائب أصحاب المحلات التجارية أو الورش الصناعية أو الشركات الصغيرة والمتوسطة وأصحاب المنشآت الفردية والمستوردون والحرفيون وليس على الشخصيات الاعتبارية.
والنوع الثالث، هو ضريبة الدخل، ويمثل المهن الحرة مثل الطبيب والمهندس والمحامي والصحافي، وغيرها من هذه المهن التي تخضع لضريبة المهن الحرة وفقاً للشرائح السابق ذكرها، أما النوع الرابع، فهو ضريبة كسب العمل، وهي تفرض على المرتبات والأجور وتخضع أيضاً للشرائح السابق ذكرها نفسها.
أما النوع الخامس، فيتعلق بضريبة التصرفات العقارية، ويشير القانون إلى أنه في حال بيع مالك شقته التمليك، مرة واحدة، يخضع لضريبة التصرفات العقارية بنسبة 2.5 في المئة من قيمة التصرف، لافتاً إلى أنه في حالة التصرف العقاري لأكثر من مرة للوحدة نفسها، يخضع لضريبة الأرباح على النشاط التجاري والصناعي وفقاً للشرائح ولا يخضع لضريبة التصرفات العقارية.
أما النوع السادس، فهو الضريبة العقارية، إذ تقوم مصلحة الضرائب العقارية التابعة لوزارة المالية أيضاً بتحصيل ضريبة على الوحدات السكنية التي تزيد على مليوني جنيه (127.759 دولاراً)، لكن الوحدة السكنية التي يتخذها المواطن سكناً رئيساً له ولأسرته تعفى من الضريبة إذا كانت قيمتها أقل من هذا الرقم.
إلى أي زمن يعود تاريخ الضرائب في مصر؟
ويعود تاريخ الضرائب في مصر إلى فترة حكم محمد علي وتحديداً عام 1813، حيث لم يكن للضرائب قاعدة أو نظام قبل أن "يمسح" محمد علي أراضي مصر، وكانت القاعدة الأساسية قبل هذا التاريخ أن تقوم الحكومة بفرض إتاوة جديدة أو زيادة في الإتاوات القائمة كلما احتاجت إلى مبالغ مالية.
وقد كان محمد علي يستشير العلماء في ما يفرضه من الضرائب، خلال السنوات الأولى من حكمه، إلى أن تخلص من نفوذ السيد عمر مكرم فأطلق يده في فرض ما يشاء من الضرائب والإتاوات كلما احتاج إلى المال، وعظمت حاجته إلى المال أثناء الحملة على الوهابيين التي تطلبت نفقات ضخمة، وحينما أخفقت الحملة الأولى، جهز حملات أخرى واحتاج إلى أموال جديدة، ففرض ضريبة على "الأراضي الزرق"، التي كانت معفاة من المال قبل ذلك، فشكا المشايخ والأهالي من أن مثل هذه الضريبة تؤدي إلى ضياع غلة الأطيان (الأراضي الزراعية) الموقوفة على المساجد والمعاهد الدينية والمنشآت الخيرية، ولكن هذه الشكوى لم تلق قبولاً.
ولما تمت عملية حصر أطيان القطر المصري، قررت الحكومة فرض ضريبة ثابتة على الأطيان، وقسمت الأراضي الزراعية إلى درجات بحسب قيمتها ونوعها، وجعلت لكل شريحة من هذه الأرض ضريبة محدودة، ثم عدّلت الضرائب بوضع تقسيمات جديدة للأراضي ومراتبها، وكان الغرض من هذه التعديلات زيادة سعر الضريبة، وبالتالي زيادة عائداتها، وكانت مبررات محمد علي في هذه الزيادات أن الإصلاحات التي قام بها والحروب التي باشرها استنفدت إيرادات الحكومة، ولم يكن أمامه سوى زيادة الضرائب، كما قام باستحداث ضرائب جديدة لسد العجز في ميزانية الحكومة.
نظام العهدة
وكان من نتائج زيادة الضرائب وافتقار الأراضي للأيدي العاملة بسبب تجنيد الآلاف من الفلاحين في الجيش، أن تأخرت قرى كثيرة عن أداء نصيبها في الضريبة، وهجر كثيرون من الفلاحين بلادهم لفداحة الضرائب، فقرر محمد علي في عام 1839 تضمين القرى، خراج القرى المجاورة، وتضمين الأهالي الموسرين خراج المعسرين، على أن هذه الوسيلة كانت لها نتائج سيئة، لأنها، فضلاً عما فيها من ظلم وحيف، فإنها كانت تؤدي إلى إفقار القرى الموسرة وإجبارها على دفع الضرائب أضعافاً مضاعفة.
ولجأ محمد علي إلى نظام العهدة، إذ عهد إلى بعض الأعيان والمأمورين ورجال الجهادية أن تكون في عهدتهم جباية ضرائب بلاد بأكملها، على أن يكونوا مسؤولين عن الدفع من مالهم الخاص إذا فشلوا في تجميعها من الأهالي، وكان هذا النظام أقرب الشبه إلى نظام الالتزام الذي ألغاه محمد علي، لكنه كان يختلف عنه في كون المتعهد لا يستطيع أن يجني من أصحاب الأراضي إلا الضريبة المحددة، أما الملتزم، فكان يجني منهم ما تشاء أهواؤه وأطماعه.