في الوقت الذي توقع فيه تقرير حديث، أن يعود الاقتصاد المصري إلى تسجيل معدلات النمو التي حققها قبل ظهور جائحة كورونا خلال العام الماضي، حذر التقرير من أن نسبة كبيرة من الديون الحكومية ربما تتحول إلى أزمة، خصوصاً وأن ما يقرب من 60 في المئة منها يحل آجالها خلال العام الحالي. هذا بخلاف ارتفاع نسبة الديون إلى الناتج المحلي على مستوى القارة الأفريقية بنسب كبيرة خلال العام الماضي.
ووفق تقرير آفاق الاقتصاد الأفريقي 2021 الذي يصدره البنك الأفريقي للتنمية، توقع البنك أن يسجل الاقتصاد المصري نمواً بنحو 4.9 في المئة خلال عام 2022، مقارنة بنحو 5.6 في المئة المسجلة خلال عام 2019.
وأشار إلى أن الاقتصاد المصري سجل نمواً قدره 3.6 في المئة خلال العام الماضي، على الرغم من التأثيرات الكبيرة التي تسببت فيها الجائحة على البلاد، لكن الجائحة فاقمت من احتياجات البلاد من إعادة التمويل قصير الأجل، كما كشفت عن نقاط ضعف هيكلية.
وكشف التقرير أن ارتفاع الاستهلاك المحلي جنب مصر مصير الانكماش، بعكس ما حدث في أغلب الاقتصادات العالمية. وذكر البنك عدداً من العوامل التي أسهمت في دفع نمو الاقتصاد المصري في تلك الأزمة، ومنها الوفورات المالية القوية التي تحققت بسبب سياسة ضبط الإنفاق العام في السنوات الماضية، ما أسهم في عدم تفاقم عجز الموازنة وثباته عند 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020. هذا إضافة إلى نمو الصادرات بمعدل أسرع من نمو الواردات وتراجع معدل التضخم مما أسهم في إتاحة الفرصة للتيسير النقدي.
استمرار تراجع عائدات السياحة
لكن في الوقت نفسه، فإن النمو الحقيقي للاقتصاد المصري قد يظل متراجعاً عند مستوى 3 في المئة خلال العام الحالي، مع استمرار ضعف عائدات السياحة بسبب الإجراءات الاحترازية المصاحبة للجائحة والتي تسببت في تراجع عائدات القطاع بنسب كبيرة.
وتوقع التقرير أن يسهم ضعف الصناعة المحلية في كبح قدرة الصادرات المصرية على الزيادة خلال عام 2021. وترجع أسباب ضعف القطاعين، إلى استمرار ضعف النمو في الأسواق الأخرى، وخصوصاً السوق الأوروبية التي هي الشريك التجاري الرئيس لمصر والمصدر الأساسي للسياحة.
وكانت تقديرات صندوق النقد الدولي ومؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني تشير إلى تسجيل نمو ما بين 5 و5.5 في المئة خلال العام المالي 2021/ 2022.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن المتوقع أيضاً أن يسهم ضعف الاستثمار الخاص في تراجع النمو في العام المقبل، في حين من المحتمل أن يرتفع الإنفاق الرأسمالي على المدى المتوسط إثر تحسن مناخ الاستثمار.
وتسببت جائحة فيروس كورونا في زيادة الأعباء المالية والفجوة التمويلية. حيث حذر التقرير من أن نحو 60 في المئة من إجمالي الديون الحكومية تحين آجالها خلال عام أو أقل. ما دفع السلطات المصرية للجوء إلى صندوق النقد الدولي خلال الأزمة لتأمين تمويل بقيمة 8 مليارات دولار، واللجوء إلى سوق السندات الدولية مرتين للحصول على 3.75 مليار دولار في الأولى، إضافة إلى 5 مليارات دولار في المرة الثانية.
وذكر البنك أن التسهيلات المالية الجديدة أسهمت في زيادة متوسط آجال الدين العام، بينما استخدمت في سد احتياجات تمويلية عاجلة، ولكنه أكد أن الأمر يحتاج إلى مزيد من العمل لإطالة آجال الديون وخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، الذي من المتوقع أن يصعد إلى 90.6 في المئة خلال العام الحالي، قبل أن يعاود الهبوط إلى 77.2 في المئة بحلول عام 2025.
تحديات مرتقبة في ملف الديون
وكشف التقرير عن تحديات مرتقبة في ملف الديون، حيث يتوقع البنك أن يقفز متوسط الدين كنسبة للناتج المحلي الإجمالي في القارة الأفريقية بنحو 10 إلى 15 في المئة على المدى القصير إلى المتوسط لتصل إلى 70 إلى 75 في المئة خلال عام 2021 بسبب التأثيرات المباشرة للوباء على الموازنات الحكومية وأعباء الديون.
وتوقع البنك أن ينمو الاقتصاد الأفريقي بشكل عام بمتوسط 3.4 في المئة خلال العام الحالي، بعد أن سجل انكماشاً قدره 2.2 في المئة خلال عام 2020، مدفوعاً بالتعافي التدريجي لقطاع السياحة وزيادة أسعار السلع مع تخفيف الحكومات الإجراءات الاحترازية المصاحبة للوباء.
لكن في الوقت ذاته، فإن الاقتصاد المصري يرفع من نتائج النمو في منطقة شمال أفريقيا. حيث أسهم نمو الاقتصاد المصري بنسبة 3.6 في المئة خلال عام 2020 في دعم اقتصادات شمال أفريقيا، ليخفض النتائج السلبية التي سجلتها المنطقة حيث انكمشت بنسبة 1.1 في المئة خلال العام الماضي.
وتطرق البنك أيضاً للحديث عن أهمية مواصلة الإصلاحات الهيكلية في مصر، وأشار إلى أن مصر لا تزال تحتاج إلى استكمال الإصلاحات الهيكلية من أجل تحفيز نمو القطاع الخاص وتعبئة الإمكانات المحلية، للحفاظ على النمو طويل المدى.