أحلاها مر، سيناريوهات عدة تداولتها القيادة السعودية للحدّ من الآثار السلبية لتداعيات جائحة كورونا، منها بحسب ما توقعه محللون اقتصاديون سعوديون "إفلاس شركات وفقدان عدد كبير من السعوديين لوظائفهم كما حدث عالمياً، أو التدخل في رواتب السعوديين بإلغاء البدلات أو تعديل وتخفيض سلم الرواتب، أو فرض ضريبة الدخل أو إيقاف المشاريع التنموية".
لكن الحكومة السعودية وجدت أن أفضل الحلول وإن كانت مرّة "زيادة قيمة الضريبة المضافة إلى 15 في المئة"، حتى تعود أوضاع الموازنة إلى مستوياتها العادية، هذا ما أكده أمس وزير المالية السعودي محمد الجدعان، أن زيادة الضريبة كان الخيار الأفضل من بين مجموعة خيارات سيئة.
خفض الضريبة هل هو نهاية العام المقبل؟
وتوقّع المستشار الاقتصادي وعضو جمعية الاقتصاد السعودي سليمان العساف أن الضريبة قد تعود إلى مستوياتها الطبيعية إلى 5 في المئة أو 10 في المئة، نهاية العام المقبل، وذلك بعد تحقيق مستهدفات عدة منها عودة درجة الاقتراض وإصدار السندات إلى مستوياتها العادية، فرأينا العام الماضي زيادة كبيرة في إصدار السندات والاقتراض، وأيضاً تحسّن أسعار النفط وتحقيق رؤية 2030 لأهدافها المالية بشكل كبير.
وقال العساف إن زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 15 في المئة كانت بديلاً لخيارات أصعب بحسب ما ذكر الجدعان، وقدّر أن الخيارات الأخرى هي تخفيض البدلات والتعديل في بعض الأمور المالية كفرض ضريبة دخل وتعديلات في سلم رواتب السعوديين وإيقاف الكثير من المشاريع التنموية وهذا سيؤثر في الشريحة الأضعف والأقل دخلاً في البلاد.
6 مستهدفات لتعود الضريبة إلى 5 في المئة
وقال المحلل الاقتصادي الدكتور عبدالله المغلوث إن "كثيراً من دول العالم فقد فيها الموظفون وظائفهم، كما أعلنت شركات كبرى إفلاسها وخاضت سيناريوهات أصعب بكثير من السعودية بسبب تداعيات جائحة كورونا"، مشيراً إلى أن رفع الضريبة إلى 15 في المئة أفضل الخيارات لتحقيق الاستدامة المالية حتى انتهاء الأزمة.
وذكر المغلوث أنه "عندما يحدث تحقيق التوازن المالي وارتفاع أسعار النفط وانتهاء أزمة كورونا التي صرفت بسببها مبالغ كثيرة لدعم القطاع الصحي والمنشآت، إضافة إلى الإيرادات القوية التي قد تأتي من صندوق الاستثمارات، كذلك العمل على تحسين بيئة الاستثمار وجذب مستثمرين يساعدون على النمو الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي، فعندما تحقق السعودية هذه المستهدفات، وقتها ستعود إلى ضريبة 5 في المئة".
وأعلن الجدعان أنه ستتم إعادة النظر في ضريبة القيمة المضافة التي تبلغ نسبتها في الوقت الحالي 15 في المئة بعد تحقيق مستهدفات عدة، ومن المتوقع أن تنخفض إلى 5 في المئة في فترة تتراوح بين عام و5 أعوام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وجاء حديثه خلال جلسة حوارية عقدها 4 وزراء مسؤولون عن برامج رؤية "السعودية 2030" بمناسبة مرور 5 أعوام على إطلاقها، لفت فيها الجدعان إلى أن هدف الحكومة السعودية لدعم الإيرادات غير النفطية يركّز حالياً على الضرائب لتكون لديها القدرة على خفض تكلفة الحياة على المواطن لاحقاً مع تنويع المصادر.
وقال إن بلاده حققت وفراً من رفع كفاءة الإنفاق العام قدره 400 مليار ريال (106.7 مليار دولار) خلال الأعوام الأربعة الماضية، ما يجعله أحد أهم منجزات رؤية "السعودية 2030".
وشرح الجدعان أن "الرؤية أسهمت بصورة كبيرة في إعادة هيكلة المالية العامة للدولة التي ساعدت تلك الهيكلة في توفير نحو 400 مليار ريال (106.7 مليارات دولار) من الإنفاق الحكومي كانت تُهدر في أبواب إنفاق لا جدوى منها".
وأكد أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أوضح أن الهدف هو المواطن، والمبادرات تسعى إلى دعمه بشكل مباشر وغير مباشر، مستشهداً بما أطلقته وزارة التجارة ضمن برنامج التحول الوطني بمبادرة (تسعة أعشار الرزق) لتوفير دخل إضافي للمواطن.
اهتمام خارجي بمشاريع الرؤية
وأضاف: "لدينا مصادر متعددة من التمويل، من الدين والاحتياطي وثروة في صندوق الاستثمارات العامة، ولدينا أيضاً أصول نسعى إلى تخصيصها، وسنظل حذرين في تحديد سقوف الموازنة".
وحول مستويات إصدار الصكوك والسندات، قال إن مستويات الدين العالم للناتج المحلي الإجمالي 33 في المئة وهي معقولة مقارنة بدول مجموعة العشرين، منوّهاً بتزايد الاهتمام بالديون التي تطرحها السعودية على مستوى عالمي.
وأردف الجدعان أن "مستويات الدين ليست مقلقة إطلاقاً، ولدى المملكة ثروة كبيرة في صندوق الاستثمارات العامة ولديها أصول قابلة للتخصيص واحتياطيات مريحة".
وأكد أن المستهدف الرئيس في "رؤية 2030" هو تمكين القطاع الخاص الذي ارتفعت مساهمته من 45 إلى 51 في المئة، مشيراً إلى أن قوة الإيمان بالرؤية والاقتصاد السعودي ليست فقط لدى المواطن والداخل، بل إن دولاً عدة كبيرة ومستثمرين أجانب وضعوا ثقتهم بها.
ولفت إلى أن صياغة أبواب الموازنة بصورتها الحالية أسهم بصورة كبيرة في دعم مشاريع القطاع الخاص ضمن رؤية السعودية للتنويع الاقتصادي.
وعلى صعيد الأسواق المالية، أكد وزير المالية أن التطوير الذي شهدته أسواق الدين في السعودية أسهم بصورة كبيرة في زيادة قيمة التداولات لترتفع بنحو 600 في المئة خلال الأشهر الـ12 الماضية.