ويلز عمالية الهوى كيفما نظرت إليها. بيد أننا قلنا ذلك أيضاً عن "الجدار الأحمر" ( المناطق التي صوتت تاريخياً باستمرار لحزب العمال) الذي تقوض في شمال إنجلترا بالطبع، لذا ما هي آفاق حدوث زلزال سياسي مماثل في "سينيد" ( برلمان ويلز المحلي)؟
في الظاهر، تتحرك الصفائح التكتونية أيضاً في "أوفاس دايك" (منطقة خط الحدود الفاصل بين ويلز وإنجلترا) جراء طفرة استثنائية من الدعم للاستقلال أدهشت كاتب هذه السطور، الويلزي الأصل الذي يعيش في المنفى.
كان مشروع الانفصال عادة يحظى بدعم نسبة من السكان تقدر بـ 3 في المئة، ما يعكس الشكوك العميقة التي تشعر بها الأغلبية الناطقة بالإنجليزية حيال اللغة الويلزية، غير أن نسبة الدعم هذه قفزت في استطلاع أخير للرأي إلى 39 في المئة.
وعلى الرغم من أن حزب "بلايد كامري" (حزب ويلز) ليس على وشك تحقيق فوز في 6 مايو (أيار) الحالي، على طريقة انتصارات نظيره "الحزب القومي الاسكتلندي" الانتخابية، فقد ينتهي به الأمر في موقع يسمح له بتسليط الضوء بقوة على الحجج المطروحة لتبرير الاستقلال.
و من غير المفاجئ أن الانتخابات الخاصة بـ "سينيد"، أي للبرلمان الويلزي، حالياً، (وهو ليس جمعية فحسب) الذي يشتمل على 60 مقعداً، يُنظر إليها على أنها اختبار لتعامل مارك دراكفورد، وهو الوزير الأول (رئيس الحكومة المحلية)، مع أزمة "كوفيد -19".
يُنظر إلى دراكفورد، زعيم حزب العمال في ويلز، عموماً على أنه قدم أداءً جيداً، إذ يتفوق نهجه الحذر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من خلال اتخاذ الإجراءات المسماة " قاطع الدارة" (مجموعة من القيود الصارمة المصممة لكبح تمدد الوباء بسرعة وخفض عدد حالات الإصابة) على أسلوب الحكومة المركزية في داوننيغ ستريت في التعامل مع الأزمة الذي غلبت عليه الفوضى.
كما أن دراكفورد، راجح العقل، ويعتبر خياراً أفضل من كل من أندرو آر تي دايفيز، زعيم حزب المحافظين ذي الشخصية المتفردة، ومن آدم برايس عضو مجلس العموم البريطاني سابقاً عن الحزب القومي "بلايد كامري".
وعلى الرغم من الضجيج الذي يحيط بموضوع الاستقلال، يبدو أن أقصى أماني الحزب القومي قد تقتصر على تحقيق ارتفاع طفيف في عدد نوابه الحاليين في برلمان "سينيد" المحلي حيث يحتلون 12 مقعداً.
ومع ذلك، فإن صعود حزب المحافظين الويلزي، وقد فاز بستة مقاعد في الانتخابات العامة في عام 2019، يعني أن التكهن بنتائج المنافسة التي ستدور بين ثلاثة أطراف لن يكون ممكناً بسهولة.
وإذا فاز حزب العمال من جديد بـ 29 مقعداً من أصل الـ 60 مقعداً التي يضمها البرلمان المحلي، وهي النتيجة التي أوحى بها أحد استطلاعات، فقد يحاول أن يشكل حكومة أقلية. لكن ما ذا إذا حصل على أقل من 26 مقعداً، كما أشارت استطلاعات أخرى؟
سيُضطر في حالة كهذه للانضمام إلى ائتلاف مع "بلايد كامري"، الذي تعهد بإجراء استفتاء على الاستقلال في حال وصوله إلى السلطة.
وفي هذا السياق سيكون انهيار حزب العمال الاسكتلندي هو الشاغل، إذ يبدو أن قضية الاستقلال تسجل اختراقاً ثقافياً (وتنتشر) كما هي الحال في اسكتلندا، إذ يتعاطف معها نصف ناخبي حزب العمال الويلزي.
وقد انضم نجوم الرياضة ومشاهير الفنانين إلى حركة الاستقلال المتنامية، فالمطربة شارلوت تشيرش تحث الناس على تجاهل الخوف من "الاضطرار إلى أن نتحدث باللغة الويلزية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إضافة إلى ذلك، فإن نسبة دعم الاستقلال في أوساط من تتراوح أعمارهم من 18 إلى 24 سنة، قد وصلت إلى 60 في المئة، مع تأييد ما يزيد على 80 في المئة منهم لإعطاء قدر أكبر بكثير من الاستقلالية للبرلمان المحلي الكائن في خليج كارديف.
هذا يمثل تحولاً اعترف به دراكفورد سلفاً. واللافت أنه قال الشهر الماضي حين مثل أمام لجنة تابعة لمجلس العموم، إن المملكة المتحدة " كما هي حالياً، قد انتهت".
ودعا دراكفورد إلى وضع بنية دستورية جديدة، أو "رابطة طوعية تجمع أربع أمم"، على حد تعبيره. ستقرر نتائج الانتخابات إلى أي مدى يجب أن يغير رئيس الوزراء العمالي وجهته، ويا ليت بوريس جونسون يستجيب لدعوته.
© The Independent