أظهرت بيانات التضخم لشهر أبريل (نيسان) 2021 في الولايات المتحدة الأميركية ارتفاعاً كبيراً بلغ ثلاثة أضعاف التوقعات، وارتفع التضخم إلى 0.9 في المئة، بينما كانت التوقعات تشير لارتفاعه بـ0.3 في المئة. وفي مارس (آذار) 2021 ارتفع التضخم بنسبة 0.6 في المئة.
وبدأت الولايات المتحدة العام الحالي بتضخم نسبته 0.3 في المئة، ويرسل هذا الارتفاع الشهري المتسارع للتضخم خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام إشارات تحذيرية للأسواق وصناع السياسة النقدية في الولايات المتحدة.
وبالعودة لتفاصيل بيان التضخم لشهر أبريل نجد أن التضخم الرئيس الذي تستثنى من سلته مكونات الغذاء والطاقة ارتفع بنسبة 0.9 في المئة على أساس شهري، بينما بلغت القراءة السنوية لهذا المؤشر 3.0 في المئة وهي الأعلى خلال 25 عاماً، وعدل التضخم الشامل الذي يشتمل على الغذاء والطاقة كانت قراءته الشهرية 0.8 في المئة بينما كانت قراءته السنوية 4.2 في المئة.
وفي تصريح حديث للناطقة باسم البيت الأبيض جين ساكي، أشارت إلى أن "الضغوط التضخمية التي برزت، أخيراً، تشير لعودة النشاط الاقتصادي وهي دليل على نجاح الخطة الاقتصادية للإدارة الأميركية".
عرض النقود وحجم ميزانية الفيدرالي والتضخم
وارتفع حجم الميزانية العمومية للفيدرالي الأميركي إلى مستوى قياسي هذا الأسبوع ووصل إلى 7.83 تريليون دولار، وزاد الفيدرالي مشترياته من الأصول والأوراق المالية بـ3.69 تريليون دولار منذ 2020، وكان حجم ميزانية الفيدرالي 4.1 تريليون دولار في عام 2019، وهو المستوى الذي استقرت فيه منذ عام 2013. وبالنسبة لعرض النقود فقد شهد ارتفاعاً مستمراً خلال العقدين الماضيين وبلغت الزيادة خلال فترتي حكم جورج بوش الابن 178.3 في المئة، ثم بلغت الزيادة خلال فترتي حكم باراك أوباما 106 في المئة، وبلغت زيادة عرض النقود في النظام 2.2 في المئة خلال فترة حكم دونالد ترمب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، ارتفع عرض النقود بوتيرة شهرية بلغ 5.8 تريليون دولار، والزيادة المستمرة في عرض النقود مع ضعف معدل نمو الاقتصاد خلال الفترة نفسها تسبب تضخماً في الأصول، مثلاً خلال الفترة بين 2010- 2020 كان متوسط الزيادة السنوية في المعروض النقدي هو 6.5 في المئة، بينما كان متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة نفسها هو 1.8 في المئة، ومنذ مارس 2020 كانت هناك زيادة كبيرة في عرض النقود، وهذا أيضاً يتوقع أن تكون له آثار تضخمية.
التضخم والسياسة النقدية
وظل الفيدرالي الأميركي يردد أن وتيرة التضخم سوف تكون عابرة ولا تستدعي تغييراً في سياسته النقدية التيسيرية التي ينتهجها منذ مارس 2020 في مواجهة لتداعيات جائحة كورونا، وما يزال يبقي سعر الفائدة عند مستوى قريب من الصفر، ومستمراً في مشترياته الشهرية من الأصول والأوراق المالية بواقع 120 مليار دولار شهرياً، وهو ما تسبب في تسجيل الميزانية العمومية لمستويات قياسية متتالية، وسوف يبقي سعر الفائدة من دون تغيير حتى 2023. وبعد تحسن البيانات الاقتصادية، أخيراً، وتسارع معدل التضخم في الارتفاع، بدأت الأسواق تتوقع أن الفيدرالي سوف يقوم برفع سعر الفائدة في وقت مبكر مقارنة بتوقعات أعضاء لجنة السوق الفيدرالي المفتوحة.
ويراقب الفيدرالي أيضاً سوق العمل بحسب التفويض الممنوح له لتحقيق هدفين رئيسيَن هما استقرار الأسعار والإشغال الكامل في سوق العمل. وبالنسبة لسوق العمل لا يزال هناك 8.2 مليون أميركي عاطلين عن العمل مقارنة بمستوى التوظيف ما قبل جائحة كورونا، لذلك ضغوط التضخم تدفع الفيدرالي لرفع سعر الفائدة وفي الوقت نفسه وضع سوق العمل الأميركي يخفف هذه الضغوط عليه.
وارتفاع التضخم ومخاوف استمرار هذه الوتيرة تسببا في تراجع مؤشر ثقة المستهلك الذي صدر، الجمعة 14 مايو (أيار) 2021، الذي أظهر تراجع المؤشر 82.8 من مستوى 88.3 الشهر الماضي، بحسب رصد جامعة ميشيغان، هذا المؤشر يحتوي على عدد من التوقعات المهمة، مثلاً المؤشر يقيس وضع الاقتصاد الحالي، حيث أظهر تراجعاً إلى 90.8 من مستوى 97.2 الشهر الماضي، ويقيس المؤشر أيضاً التوقعات المستقبلية للمستهلكين والتي أظهرت تراجعاً إلى 77.6 من 82.7، ويقيس مؤشر ثقة المستهلك من جامعة ميشيغان الاتجاهات السنوية للتضخم، وقفز المؤشر إلى توقع تضخم بـ4.6 في المئة بعد عام من الآن، هذه التوقعات كانت 3.4 في المئة الشهر الماضي للتضخم بعد عام من الآن، وهذا التراجع في مؤشر ثقة المستهلك يعكس قلقاً بشأن مستوى التضخم في الولايات المتحدة الأميركية مستقبلاً.