سكتت أصوات القنابل والمدافع والصواريخ في قطاع غزة وإسرائيل منذ بدء سريان وقف إطلاق النار بعد أحد عشر يوماً من تصعيد دام.
وأعلنت كل من إسرائيل وحركة "حماس" النصر، الجمعة، لكن مسؤولين في المجال الإنساني حذروا من أن إعادة إعمار غزة ستستغرق سنوات. ونجحت الجهود المصرية في التوسط لإعلان وقف لإطلاق النار بين إسرائيل والفلسطينيين.
وبعد عمله لأيام من وراء الكواليس من أجل التوصل إلى هدنة، قال البيت الأبيض، إن واشنطن تلقت ضمانات من الأطراف المعنية بالتزامها بوقف إطلاق النار. ونقلت رويترز أن وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن سيزور إسرائيل والضفة الغربية يومي الأربعاء والخميس المقبلين لتثبيت وقف إطلاق النار. وفي وقت سابق، أعلنت الخارجية الأميركية أن بلينكن تحدث هاتفياً مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وناقشا إجراءات لضمان صمود وقف إطلاق النار القائم بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وقالت الوزارة في بيان، إن بلينكن أبلغ عباس أن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة لتقديم مساعدات إنسانية سريعة وحشد الدعم الدولي لإعادة إعمار غزة.
حل الدولتين
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، إن الحزب الديمقراطي لا يزال يؤيد إسرائيل وإنه يصلي من أجل صمود وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس".
وأضاف بايدن في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، إن حل الدولتين هو العلاج الوحيد للصراع بين الطرفين. وأعلن أنه طلب من السلطات الإسرائيلية العمل على وقف الصدامات بين العرب واليهود في القدس.
وقال "لقد أبلغت الإسرائيليين أنه من الأهمية بمكان بالنسبة إلي أن يضعوا حداً لهذه الصدامات بين المجموعات في القدس والتي هي من فعل متطرفين من كلا الطرفين"، وذلك بعد ما شهدت القدس ومدن إسرائيلية مختلطة على مدى أيام عدة صدامات بين سكان عرب وآخرين يهود أشعل فتيلها خصوصاً احتمال صدور قرار قضائي بإخلاء منازل في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة من سكانها الفلسطينيين لصالح مستوطنين يهود. كذلك دعا بايدن إلى المساعدة في الجهود لإعادة إعمار قطاع غزة المدمر.
الملك سلمان يدين الاعتداءات في القدس وغزة
ودان العاهل السعودي الملك سلمان الاعتداءات الإسرائيلية في القدس وقطاع غزة خلال اتصال هاتفي، الجمعة، مع الرئيس الفلسطيني.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن الملك سلمان أكد أن "المملكة ستواصل جهودها على كافة الأصعدة لوقف الإجراءات والاعتداءات الإسرائيلية على القدس من خلال التواصل مع الأطراف الفاعلة لممارسة الضغوط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي".
وفي وقت سابق، ذكرت وكالة الأنباء السعودية نقلاً عن بيان من وزارة الخارجية أن السعودية رحبت، الجمعة، بإعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وقالت إنها تقدر الجهود المصرية والدولية في هذا الشأن. وأعاد البيان التأكيد على استمرار جهود المملكة مع الحلفاء للتوصل إلى تسوية.
تحقيق السلام
من جانبها، قالت مصر في بيان، إن وزير الخارجية الإسرائيلي جابي أشكينازي قال لنظيره المصري سامح شكري، إن إسرائيل حريصة على الحفاظ على الهدوء.
وجاء في البيان أن الوزيرين بحثا "الإجراءات الكفيلة بتسهيل عملية إعادة اعمار غزة في المرحلة المقبلة". وأعلنت مصر، الثلاثاء، أنها ستخصص 500 مليون دولار لجهود إعادة إعمار غزة.
وقال البيان إن الوزيرين "أكدا أهمية العمل بالتنسيق بين البلدين والسلطة الفلسطينية والشركاء الدوليين سواء فيما يتعلق بتأمين استقرار الموقف أو باستئناف عمل قنوات التواصل بهدف تحقيق السلام".
إعادة الإعمار
وقدّر مسؤولون فلسطينيون تكلفة إعادة إعمار غزة بعشرات الملايين من الدولارات، بينما قال محللون اقتصاديون إن القتال سيقلص التعافي الاقتصادي الإسرائيلي من جائحة كوفيد-19.
وفي غزة، انتُشلت خمس جثث أخرى من تحت الأنقاض مما رفع عدد القتلى إلى 248، من بينهم 66 طفلاً، فضلاً عن إصابة أكثر من 1900.
وقال الجيش الإسرائيلي، إن جندياً قُتل إضافة إلى 12 مدنياً. وعولج المئات من إصابات بعد الرشقات الصاروخية التي أثارت الذعر ودفعت الناس إلى الفرار للملاجئ في عدة مدن بينها تل أبيب.
وقالت مارغريت هاريس المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إن وجود آلاف الإصابات قد يفوق قدرة منشآت الصحة في غزة على الاستيعاب.
ودعت إلى السماح فوراً بدخول الإمدادات الطبية والعاملين في مجال الصحة. وقالت خلال إفادة للأمم المتحدة عبر الإنترنت "التحديات الحقيقية هي الإغلاق".
وكرر فابريزيو كاربوني المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر دعوة منظمة الصحة إلى دخول الإمدادات الطبية بشكل عاجل وقال "إعادة الإعمار ستستغرق سنوات وإعادة بناء البشر المحطمين ستستغرق ما هو أكثر".
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، إنه سيتم إرسال المساعدات إلى غزة سريعاً. وأضاف أنه سيتم تنسيق المعونات مع السلطة الفلسطينية بزعامة الرئيس محمود عباس "على نحو لا يسمح لحماس ببساطة بإعادة بناء ترسانتها العسكرية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إنجاز عظيم
ووجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كلمة إلى الإسرائيليين نقلها التلفزيون، وقال إن العملية العسكرية الإسرائيلية أضرت بقدرة "حماس" على إطلاق صواريخ صوب إسرائيل.
وأضاف أن إسرائيل دمرت شبكة أنفاق "حماس" الواسعة في غزة ومصانع الصواريخ والأسلحة ومرافق التخزين وقتلت أكثر من 200 مسلح من بينهم 25 ناشطاً بارزاً.
وقال "حماس لا تستطيع الاختباء بعد الآن. هذا إنجاز عظيم لإسرائيل... قضينا على جزء مهم من قيادات حماس و(الجهاد الإسلامي). ومن لم يُقتل، يعرف اليوم أن ذراعنا الطويلة يمكن أن تصل إليه في أي مكان فوق الأرض أو تحت الأرض".
وذكرت إسرائيل أن حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" وغيرهما من الفصائل المسلحة أطلقت نحو 4350 صاروخاً من غزة خلال الصراع ومن بينها نحو 640 صاروخاً سقطت في قطاع غزة. وقال الجيش الإسرائيلي إن منظومة القبة الحديدية للدفاع الصاروخي اعترضت 90 في المئة من الصواريخ التي عبرت الحدود.
خط أحمر
من جانبه، وصف إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" القتال بأنه "مقاومة ناجحة لعدو أقوى عسكرياً واقتصادياً". وقال "سنعيد بناء ما هدم الاحتلال وسنرمم القدرات، ولن نتخلى عن التزاماتنا وواجبنا تجاه أهالي الشهداء والجرحى والبيوت المدمرة".
وقال عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحماس لـ"رويترز" إن مطالب الحركة تتضمن أيضاً حماية المسجد الأقصى والكف عن إخراج الفلسطينيين من ديارهم بالقدس، وهو ما وصفه الرشق بأنه "خط أحمر".
تجدد المواجهات
واندلعت مواجهات، الجمعة، مجدداً بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين في باحة المسجد الأقصى في القدس الشرقية المحتلة، بعد أسبوعين على أحداث مشابهة كانت السبب في تفجر المواجهات بين حركة "حماس" وإسرائيل.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن المواجهات بدأت بعد صلاة الجمعة التي شارك فيها آلاف الفلسطينيين. وأصيب 21 شخصاً في مواجهات المسجد الأقصى، تم نقل اثنين منهم إلى المستشفى، بحسب الهلال الأحمر الفلسطيني.
من جهته، أفاد المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية ميكي روزنفيلد أن الشرطة تعرضت لإلقاء حجارة من قبل الفلسطينيين وبدأت بإجراءات مكافحة "الشغب".
وقال المتحدث إن "المئات بدأوا بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة باتجاه رجال الشرطة الذين قاموا بالرد".
ودانت الرئاسة الفلسطينية "اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي للمسجد الأقصى المبارك عقب صلاة الجمعة واعتداءها على المصلين".
وأكدت في بيان أن "الاستمرار بسياسة الاقتحامات للمقدسات الإسلامية والمسيحية، ومواصلة الاعتداءات على المصلين الآمنين، هي سياسة مرفوضة ومدانة، واستفزاز غير مقبول يعيد الأمور إلى مربع العنف والتوتر".
ودان الناطق باسم وزارة الخارجية الأردنية ضيف الله الفايز "اقتحام الشرطة والقوات الخاصة الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك - الحرم القدسي الشريف اليوم عقب صلاة الجمعة واعتداءها على المصلين".
وقال إن "ما قامت به إسرائيل (...) تصرف استفزازي مرفوض ومدان ويتحدى الجهود والمساعي الدولية التي تواصلت طيلة الأيام الماضية للوصول إلى تهدئة ووقف العنف والتصعيد في القدس".
وأكد أن على إسرائيل "تحمل مسؤولياتها الدولية كقوة قائمة بالاحتلال ووقف انتهاكاتها واعتداءاتها في المسجد الأقصى (...) وعدم المساس بالمصلين، واحترام الوضع القانوني والتاريخي القائم".