من المتوقع أن تواجه سوق العقارات في مصر أزمة جديدة خلال العام الحالي، وبخلاف حالة الركود التي خلفتها أزمة كورونا وتسببت في توقف جميع الأنشطة، كانت الحكومة المصرية قد اتجهت منذ بداية العام الماضي إلى فتح ملف مخالفات البناء العشوائي وإصدار تراخيص البناء.
وتسبب تشدد الحكومة في ملف تراخيص البناء في أن تتوقف حركة البناء والتشييد في جميع المحافظات، بخاصة وأن المبالغ الضخمة التي فرضتها الحكومة المصرية مقابل التصالح، تسببت في زيادة حدة الركود في القطاع، وأن يهرب عدد كبير من المطورين خوفاً من مواجهة أحكام قضائية بالسجن، أو سداد غرامات مالية ضخمة.
لكن في المقابل، وعلى الرغم من توقف حركة البناء والتشييد، بدأت أسعار مواد البناء ترتفع بنسب كبيرة منذ بداية العام الحالي وحتى الآن، ليسجل طن الحديد مستويات تاريخية وقياسية، حيث تجاوز سعر طن الحديد نحو 15.300 جنيه (961 دولاراً) في الوقت الحالي.
ركود حاد في حركة البيع والشراء
وتشير البيانات الأرقام المتاحة، إلى ارتفاع أسعار الحديد بنسبة 25 في المئة منذ بداية العام الحالي وحتى الآن، حيث قفز سعر طن الحديد من مستوى 12250 جنيهاً (785 دولاراً) في بداية العام إلى نحو 15300 جنيهاً (961 دولاراً) في الوقت الحالي، بزيادة بلغت قيمتها 3050 جنيهاً (195 دولاراً). وكانت أسعار الحديد قد ارتفعت بنحو 150 جنيهاً (9.6 دولار) للطن مع بداية شهر مايو (أيار) الحالي، وزادت خلال الأسبوع الماضي بما يتراوح بين 350 حنيهاً و400 جنيه (22.4 و25.6 دولار)، ليصبح إجمالي الزيادة حتى الآن نحو 1000 جنيه (64 دولاراً).
كما ارتفعت أسعار الإسمنت بنسبة 39 في المئة بعد ما ارتفع سعر الطن من مستوى 720 جنيهاً (46 دولاراً) في بداية العام إلى نحو 1000 جنيه (64 دولاراً) في الوقت الحالي، بزيادة بلغت قيمتها 280 جنيهاً (18 دولاراً).
يرى فوزي أبو الخير، مطور عقاري في القاهرة، أن السبب في هذه الارتفاعات يرجع إلى المشروعات القومية التي يجري تنفيذها في مصر في الوقت الحالي، وبخاصة العاصمة الإدارية التي تستحوذ على كميات ضخمة من مواد البناء، وتقوم الشركات المنفذة بسحب كميات كبيرة من الحديد والإسمنت، وبالتالي تواجه السوق المحلية نقصاً في الكميات المعروضة ما يتسبب في أن تتجه الشركات إلى رفع الأسعار.
وأوضح في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن حركة البيع والشراء شبه متوقفة منذ منتصف العام الماضي، والطلب على مواد البناء تراجع بأكثر من 70 في المئة، وهو ما يعود إلى عدم حصول شريحة كبيرة من المصريين العاملين في الخارج على إجازات الصيف خلال العام الماضي، بسبب إجراءات الإغلاق التي فرضتها غالبية الدول خلال ذروة انتشار فيروس كورونا. يضاف إلى ذلك تشدد الحكومة في ملف البناء المخالف ووقف العشوائيات، ما زاد من حدة الركود وهروب عدد كبير من المطورين العقاريين وتجميد أنشطتهم لحين اتضاح الرؤية.
ارتفاعات متتالية خلال شهر واحد
كانت شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية بالقاهرة، قد كشفت في بيان سابق، أن أسعار حديد التسليح شهدت ارتفاعاً للمرة الثالثة خلال الشهر الجاري بين 400 جنيه و450 جنيهاً (25.6 و28.8 دولار) للطن. وأوضحت أن زيادة الأسعار ترجع إلى رغبة المصانع والشركات في زيادة أرباحها. وأوضحت أن سوق مواد البناء يعاني من ركود كبير منذ فترة طويلة وحتى الآن. وأكدت أن السوق المصرية لا تتحمل كل هذه الزيادات في أسعار الحديد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشير البيانات الرسمية الصادرة عن غرفة الصناعات المعدنية، إلى أن مصر تنتج نحو 7.9 مليون طن من حديد التسليح، ونحو 4.5 مليون طن بليت، بينما تستورد نحو 3.5 مليون طن من خام البليت.
وفي بيان اليوم، قالت شعبة مواد البناء، إن أسعار حديد التسليح والإسمنت بجميع أصنافه تشهد استقراراً وفقاً للأسعار الرسمية، الخميس. وأوضحت أن سعر طن الحديد بين 14300 و14600 جنيه (916 و936 دولاراً) للطن مضافاً إليه 14 في المئة قيمة ضريبة القيمة المضافة من أرض المصنع، بينما يتراوح سعر المستهلك بين 14500 و14800 جنيه (929 و949 دولاراً) للطن، وذلك بحسب كلفة النقل.
وبالنسبة لأسعار الإسمنت، كشفت الغرفة أنه لا توجد أي زيادة في أسعاره محلياً، حيث يتراوح سعر الطن بين 675 و800 جنيه (43 و51 دولاراً)، مشيرة إلى أن سعر المستهلك يتراوح بين 750 و850 جنيهاً (48 و55 دولاراً) للطن بحد أقصى.
ماذا تضمنت الاشتراطات الجديدة؟
وقبل أيام، أعلنت الحكومة المصرية، البدء في تطبيق منظومة البناء الجديدة بشكل تجريبي في نطاق 27 مركزاً ومدينة وحياً على مستوى الجمهورية وذلك لمدة شهرين قبل تعميمها على باقي مناطق الجمهورية. وحددت المنظومة الجديدة مجموعة من الاشتراطات العامة والضوابط الواجب الالتزام بها في أي تعاملات تخص البناء واستخراج التراخيص.
وتضمنت الشروط الجديدة، سريان أحكام قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية فيما لم يرد بشأنه نص، مع الالتزام باشتراطات الجهات الإدارية المختصة بشؤون التخطيط والتنظيم الواردة بالمادة الرابعة من القانون رقم 119 لسنة 2008، وأيضاً الالتزام بقيود الارتفاع الواردة بهذه الاشتراطات الجديدة وبما لا يجاوز الحد الأقصى الصادر من وزارة الدفاع واشتراطات الطيران المدني الواردة في المخططات الاستراتيجية العامة للمدن.
كما تضمنت ضرورة الالتزام بأسس التصميم وشروط تنفيذ المباني والمنشآت بالأكواد المصرية، إضافة إلى الالتزام بضوابط واشتراطات التقسيمات المعتمدة وقوائم الشروط المرفقة بقرارات اعتماد تلك التقسيمات طبقا للقانون رقم 119 لسنة 2008، وأيضاً الالتزام بأسس وضوابط الحفاظ على المناطق والأماكن ذات القيمة المتميزة المعدة من قبل الجهاز القومي للتنسيق الحضاري والمعتمدة من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية، مع مراعاة خطوط التنظيم المعتمدة من الجهة الإدارية المختصة.
وتحل هذه الاشتراطات والضوابط محل الاشتراطات والضوابط التخطيطية والبنائية المؤقتة الصادرة من المحافظين للمدن التي ليس لها مخططات استراتيجية معتمدة. كما تحل هذه الاشتراطات والضوابط محل الاشتراطات والضوابط التخطيطية والبنائية الواردة بالمخططات الاستراتيجية والتفصيلية المعتمدة للمدن، بينما لا تسري هذه الاشتراطات على المشروعات القومية التي تنفذها الدولة، كما لا تسري هذه الاشتراطات على المحاور الرئيسة بالمدن التي يصدر بها قرار من المحافظ المختص واعتمادها من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية.
أيضاً، لا تسري هذه الاشتراطات على الأراضي الخاضعة لولاية هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وأراضي القوات المسلحة، لكن هذه الاشتراطات تسري على تراخيص البناء التي تصدر بداية من تاريخ العمل بها.