أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون، بعد اجتماع مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي إلياس، اليوم الخميس، أنه تقرر اعتبار التعميم 151 الصادر عن المصرف المركزي ساري المفعول، بما أن الأخير "لم يتبلغ صورة صالحة للتنفيذ عن القرار الإعدادي لمجلس شورى الدولة بوقف تنفيذه وتقدم بمراجعة تضمنت عناصر إضافية جديدة لم تكن واردة في الملف".
وبعد الاجتماع، أكد سلامة من القصر الرئاسي في بعبدا أن التعميم لا يزال ساري المفعول، مشيراً إلى أن "البنك المركزي ليس مفلساً والمصارف ستلتزم بالتعميم السابق بشأن سعر صرف الدولار".
وكانت مناطق لبنانية عدة شهدت، مساء أمس الأربعاء، تحركات احتجاجية على تعليق المصرف المركزي العمل بالتعميم على خلفية قرار قضائي صادر عن مجلس شورى الدولة.
وكان التعميم رقم 151 يسمح للمودعين بسحب أموالهم بالليرة اللبنانية، من حساباتهم الموجودة أساساً بالدولار لدى المصارف، على سعر 3900 ل.ل. للدولار الواحد.
وقطع ناشطون الطرق السريع في محلة أنطلياس (شمال بيروت) بالإطارات المشتعلة، بينما قام عدد آخر منهم بقطع طريق جسر الرينغ في العاصمة، بينما أفادت "غرفة التحكم المروري" بقطع السير بالقرب من جامع الأمين في اتجاه جريدة "النهار" محلة ساحة الشهداء (وسط العاصمة). وشهدت مناطق لبنانية عدة، مساء الأربعاء، تجمعات لمواطنين أمام أجهزة الصراف الآلي لمحاولة سحب أموالهم قبل منتصف الليل، على سعر صرف 3900 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد. وهذا ما دفع المصرف المركزي إلى إصدار بيان مساء الأربعاء قال فيه إنه "نظراً إلى أهمية التعميم 151 للاستقرار الاجتماعي ولتنشيط الحركة الاقتصادية في البلد، سيتقدم مصرف لبنان غداً (الخميس)، بمراجعة لدى مجلس شورى الدولة لكي يعيد النظر بالقرار (الإعدادي) الذي اتخذه رقم 213/2020-2021 في ما يتعلق بهذا التعميم".
دياب يناشد
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وجه في وقت سابق مساء الأربعاء، كلمة إلى اللبنانيين ندد فيها بـ"الحسابات السياسية التي لم تعد تقيم وزناً لمصير البلد ولا لمعاناة اللبنانيين"، في ظل تعثر تشكيل حكومة، واكتواء المواطنين "بنار الأسعار التي تفوق بكثير قدراتهم ومداخيلهم، فيتجذر إحباطهم، ويدفع بعضهم إلى البحث عن الأمل والانفراج بعيداً عن وطنهم الذي يخسر يومياً كفاءاته العلمية وشبابه وتتآكل قدراته".
وقال دياب إن "الواقع المالي المأزوم بتراكم الأخطاء في السياسات المالية، والذي وضعنا خريطة طريق لمعالجته في خطة التعافي التي اعتمدتها حكومتنا وباشرنا التفاوض مع صندوق النقد الدولي على قاعدتها، ثم توقفت باستقالة الحكومة، تحتاج اليوم إلى حكومة قائمة تستكمل التفاوض مع صندوق النقد لوضع البلد على سكة الخروج من الأزمة الحادة التي ترخي بأثقالها على لبنان واللبنانيين". وأضاف "نحن اليوم أمام واقع صعب جداً عبر عنه البنك الدولي في تقريره قبل أيام عندما اعتبر أن لبنان غارق في انهيار اقتصادي، قد يضعه ضمن أسوأ عشر أزمات عالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر، في غياب أي أفق حل يُخرجه من واقع متردٍ يفاقمه شلل سياسي".
وحذر دياب من أن الظروف الداخلية تدفع لبنان إلى "مشارف الانهيار الشامل الذي سيكون اللبنانيون ضحاياه، بينما ستعاود القوى السياسية النهوض لتقديم نفسها كمنقذ للناس والبلد". وزاد أن "الانهيار، في حال حصوله، لا سمح الله، ستكون تداعياته خطيرة جداً، ليس على اللبنانيين فحسب، وإنما على المقيمين على أرضه أيضاً، وكذلك على الدول الشقيقة والصديقة، في البر أو عبر البحر، ولن يكون أحد قادراً على ضبط ما يحمله البحر من موجات".
ووجه رئيس حكومة تصريف الأعمال نداء إلى "أشقاء وأصدقاء لبنان"، ناشدهم فيه "عدم تحميل اللبنانيين تبعات لا يتحملون أي مسؤولية فيها. فالشعب اللبناني ينتظر من أشقائه وأصدقائه الوقوف إلى جانبه، ومساعدته في محنته القاسية". وأضاف "أناشد الأشقاء والأصدقاء، لبنان في قلب الخطر الشديد، فإما أن تنقذوه الآن وقبل فوات الأوان، وإلا ولات ساعة مندم".