في آخر ردود الفعل الدولية، عبرت وزارة الخارجية السعودية عن أسف الرياض لما آلت إليه تطورات العلاقات بين المغرب والجزائر.
وأعربت عن أمل حكومتها في عودة العلاقات بين البلدين في أسرع وقت ممكن، وتدعو الأشقاء في البلدين إلى "تغليب الحوار والدبلوماسية لإيجاد حلول للمسائل الخلافية بما يسهم في فتح صفحة جديدة للعلاقات بين البلدين الشقيقين، وبما يعود بالنفع على شعبيهما، ويحقق الأمن والاستقرار للمنطقة، ويعزز العمل العربي المشترك.
"الأعمال العدائية"
في ظل التوتر الشديد الذي شاب العلاقات بين البلدين الجارين بالمغرب العربي في الآونة الأخيرة، أعلن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، الثلاثاء، قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بسبب ما قال إنه "الأعمال العدائية" للرباط.
وقال لعمامرة في مؤتمر صحافي "قررت الجزائر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية ابتداء من اليوم" الثلاثاء 24 أغسطس (آب).
وفي معرض تقديم الأسباب التي أدت الى هذا القرار، قال وزير الخارجية الجزائري "ثبت تاريخياً أن المملكة المغربية لم تتوقف يوماً عن الأعمال الدنية والعدائية ضد الجزائر"، سارداً الأحداث منذ حرب 1963 إلى المشكلة الأخيرة.
كما حمل لعمامرة القادة المغاربة مسؤولية تعاقب الأزمات التي تزايدت خطورتها"، معتبراً أن "هذا التصرف المغربي يجر إلى الخلاف والمواجهة بدل التكامل في المنطقة" المغاربية.
قرار "غير مبرر"
من جانبه، أعرب المغرب عن أسفه لقرار الجزائر "غير المبرر تماماً" قطع علاقاتها الدبلوماسية معه، وفق ما أفادت وزارة الخارجية المغربية في بيان صدر ليل الثلاثاء-الأربعاء بعيد ساعات على إعلان القرار من الجانب الجزائري.
وأكد بيان الخارجية المغربية أن الرباط "ترفض بشكل قاطع المبررات الزائفة بل العبثية التي انبنى عليها"، معتبراً أن هذا القرار "كان متوقعاً بالنظر إلى منطق التصعيد الذي تم رصده خلال الأسابيع الأخيرة".
وأضاف "ستظل المملكة المغربية من جهتها شريكاً صادقاً ومخلصاً للشعب الجزائري، وستواصل العمل بحكمة ومسؤولية من أجل تنمية علاقات مغاربية سليمة ومثمرة".
من جانبها دعت باريس، اليوم الأربعاء، الجزائر والمغرب إلى العودة إلى منطق "الحوار" من أجل "الاستقرار" في منطقة المغرب العربي.
وقال مساعد الناطق باسم الخارجية الفرنسية، في بيان، "فرنسا تبقى بالطبع متمسكة بتعميق العلاقات والحوار بين دول المنطقة، من أجل ترسيخ الاستقرار والازدهار فيها".
وتمر العلاقات الجزائرية - المغربية بانتكاسة جديدة، إثر إعلان الرئاسة الجزائرية أخيراً إعادة تقييم علاقتها مع المغرب، وذلك جراء اتهام الجزائر الرباط بدعم منظمتين هما "الماك" و"رشاد" تصنفهما الأولى بأنهما إرهابيتان، وتتهمهما بالتسبب في نشوب حرائق الغابات الأخيرة في الجزائر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستخدم الجيش الجزائري خلال عمليات إخماد الحرائق خمس مروحيات روسية من طراز "أم أي-26"، فيما استعملت قوات الحماية المدنية ثلاث مروحيات قاذفة للمياه، كما استقبلت الجزائر طائرتين فرنسيتين وأخرى إسبانية للإسهام في تلك العمليات، فيما تحاشت السلطات الجزائرية الرد على العرض المغربي، الذي قدمه الملك محمد السادس، بتوفير طائرات خاصة للمساعدة على إخماد الحرائق، إضافة إلى تحاشي الرئاسة الجزائرية الرد على مطلب العاهل المغربي الأخير بفتح الحدود البرية بين البلدين، المغلقة منذ عام 1994.
وكانت الرئاسة الجزائرية أصدرت بياناً إثر اجتماع استثنائي للمجلس الأعلى للأمن الأسبوع الماضي، أشارت فيه إلى ثبوت "ضلوع الحركتين الإرهابيتين، "الماك" و"رشاد"، في إشعال الحرائق، وكذا تورطهما في اغتيال المرحوم جمال بن إسماعيل"، مضيفاً أن "المجلس الأعلى للأمن قرر تكثيف المصالح الأمنية جهودها من أجل إلقاء القبض على باقي المتورطين في الجريمتين، وكل المنتمين للحركتين الإرهابيتين، اللتين تهددان الأمن العام والوحدة الوطنية، إلى غاية استئصالهما جذرياً، لا سيما الـ"ماك" التي تتلقى الدعم والمساعدة من أطراف أجنبية، بخاصة المغرب والكيان الصهيوني".
وأوضح البيان أن الأفعال العدائية المتكررة من طرف المغرب ضد الجزائر، تطلب إعادة النظر في العلاقات بين البلدين وتكثيف المراقبة الأمنية على الحدود الغربية.
وتُعد "الماك" (الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل) تنظيماً سياسياً يطالب بمبدأ الحكم الذاتي لمنطقة القبائل الجزائرية، تم تأسيسه من طرف المغني الشعبي فرحات مهني إثر أحداث "الربيع الأسود". وكانت تلك الحركة أعلنت في عام 2010 من باريس، تشكيل حكومة مؤقتة لمنطقة القبائل يرأسها مهني.
ويعود الخلاف بين المغرب والجزائر إلى دخول الرباط في عام 1975 إلى إقليم الصحراء بعدما كان تحت الاحتلال الإسباني، وقامت الجزائر إثر ذلك باستضافة "جبهة البوليساريو" على أراضيها ودعمتها بالمال والسلاح، حيث تزعم الجبهة أحقيتها بذلك الإقليم وتطالب بمبدأ تقرير المصير، لكن الرباط ترى في ذلك المبدأ أمراً متجاوَزاً لتعقد إجراءات إحصاء سكان الصحراء، بالتالي تطرح كحل، تطبيق مبدأ الحكم الذاتي للإقليم تحت السيادة المغربية.
ومنذ ذلك الحين تمر العلاقات المغربية - الجزائرية بأزمات متتالية، من بينها اتهام الرباط لاستخبارات جارتها بالضلوع في تفجير فندق أطلس إنسي في مدينة مراكش عام 1994، ورد السلطات الجزائرية على ذلك بغلق الحدود، مروراً بأزمة التعاون السري بين الجزائر ومدريد لنقل زعيم "البوليساريو" إبراهيم غالي للعلاج في أحد المستشفيات الإسبانية بهوية مزورة، إضافة إلى دعم السفير المغربي لدى الأمم المتحدة خلال اجتماع دول عدم الانحياز في 13 و14 يوليو (تموز) الماضي، "استقلال شعب القبائل" في الجزائر.