تتشبث مصر بالحفاظ على مواردها المائية كاملة، تزامناً مع التمسك بحقوقها تامة في مياه نهر النيل، ففي ظل الصراع الدبلوماسي السياسي في خندق واحد بجانب شقيقتها السودان ضد إثيوبيا، افتتحت القاهرة أمس محطة بحر البقر بمحافظة بورسعيد شرق القاهرة، بهدف معالجة مياه الصرف الصحي بتكلفة إجمالية تصل إلى 18 مليار جنيه (1.1 مليار دولار أميركي) وبطاقة إنتاجية تصل إلى 5.6 مليون متر مكعب في اليوم.
10 مليارات دولار لاستصلاح 400 ألف فدان في سيناء
وتُعلق القاهرة حزمة من الآمال على محطة "بحر البقر"، فإلى جانب الحفاظ على مواردها المائية تهدف كذلك إلى ضخ المياه المُعالجة ثُلاثياً إلى شبه جزيرة سيناء لاستصلاح ما يزيد على 400 ألف فدان في إطار خطتها للتنمية الشاملة في سيناء، التي تبلغ تكلفتها نحو 160 مليار جنيه (عشرة مليارات دولار) وفق ما قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال فاعليات الافتتاح. وأضاف الرئيس المصري، "إن مصر تعمل على الحفاظ على ما لديها من موارد مائية نظراً لندرتها"، مؤكداً "أن التنمية ستطال كافة أنحاء البلاد"، مشيراً إلى "أن الحكومة استطاعت إنجاز المرحلة الأولى من مشروع بحر البقر وهو نقل المياه التي كانت تُلقى في البحر إلى سيناء، وأن الدولة ستبدأ تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع في عام 2022".
وتابع أن بلاده تسعى إلى استصلاح 400 ألف فدان لتهيئة الأرض للمواطن للزراعة من دون بذل أي جهود إضافية من المزارعين، قائلاً، "تكلفة استصلاح الفدان الواحد للزراعة تصل إلى 300 ألف جنيه (19 ألف دولار)، علاوة على إقامة شبكة من الطرق والترع والكهرباء ونظم الري الحديثة وبناء مساكن للعاملين". متسائلاً، "من لديه القدرة من المواطنين على تحمل تكلفة استصلاح فدان واحد"، لافتاً إلى "أن خطط التنمية لن تطال سيناء فقط، بل ستمتد أيضاً إلى الدلتا الجديدة وتوشكى والريف المصري"، مشدداً على "أن القوات المسلحة المصرية هي المسؤولة عن تأمين كافة المشروعات التنموية في سيناء؛ لحمايتها من الإرهابيين"، مشيراً إلى أن "تسلل الإرهاب إلى سيناء يرجع إلى غياب التنمية".
3 شهادات من موسوعة غينيس
من جانبه، قال نائب وزير الإسكان للمشروعات والبنية التحتية، سيد إسماعيل، "إن أكبر محطة لمعالجة المياه في العالم يصل إنتاجها إلى نحو 3.2 مليون متر مكعب بينما محطة (بحر البقر) تصل طاقتها الإنتاجية إلى نحو 5.6 مليون متر مكعب يومياً"، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية"، "المشروع حاصل على ثلاث شهادات من موسوعة غينيس للأرقام القياسية، الأولى أنها أكبر محطة تنقية، والثانية باعتبارها أكبر محطة معالجة للملوثات، أما الأخيرة فباعتبارها أكبر محطة تستعمل الأوزون للتعقيم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هدر 8 ملايين متر مكعب مياه يومياً قبل تدشين "بحر البقر"
وقال أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، نادر نور الدين، "إن أهمية المحطة تتلخص في عدة نقاط، أبرزها أن مصرف بحر البقر قبل تدشين المحطة كان يصب نحو ثمانية ملايين متر مكعب يومياً في بحيرة المنزلة ومنها إلى البحر الأبيض المتوسط من دون استفادة حقيقية، وأن تدشين تلك المحطة يعني استخلاص مياه نقية ومعالجة ثلاثياً تستخدم في استصلاح أراضي سيناء بدلاً من أن تذهب هباءً من دون استخدام، وهو ما يعني أن مصر تسعى للحفاظ على كل قطرة مياه في إطار حربها السياسية والدبلوماسية مع الجارة السودان ضد إثيوبيا على مياه نهر النيل بعد إقامة سد النهضة".
التوسع الزراعي تحريك عجلة الصناعة
وتابع، "إن استغلال الأراضي الشاسعة في شبه جزيرة سيناء بعد ضخ مياه (بحر البقر) يمثل هدفاً آخر للتوسع الزراعي في ظل التغيرات المناخية العالمية التي تهدد العالم أجمع بأزمة خانقة في توافر الغذاء"، مؤكداً أن "استصلاح أراضي سيناء بمياه نقية معالجة بأحداث وسائل التنقية سيدعم حظوظ مصر في تصدير كميات كبيرة من المحاصيل الزراعية، خصوصاً أن الدول الأوروبية تمتنع عن استيراد الحاصلات الزراعية من نظيرتها التي تستصلح أراضيها أو تزرعها بمياه الصرف الصحي، وهو ما يدعم خطط الدولة لجذب مستثمرين زراعيين كُثر خلال الفترة المقبلة".
وأكد "أن بين الأهداف التي جاءت على خلفية تدشين (بحر البقر) هو الحفاظ على التوازن البيئي، خصوصاً أن الحكومة المصرية في سبيلها لتنفيذ خطة للحفاظ على البيئة على بحيرة المنزلة لضمان التوازن البيئي في البحيرة"، لافتاً إلى "أن هذا يعني منع التلوث في البحيرة من جانب، وضمان التوازن البيئي من جانب آخر".وأوضح، "إن استصلاح تلك المساحة من الأراضي داخل سيناء سيحرك عجلة الصناعة من جانب آخر، إذ إن عمليات الاستصلاح ستستخدم روافع ومواسير تُنتج محلياً، علاوة على إتاحة الآلاف من فرص العمل، إلى جانب تنمية المجتمعات العمرانية في سيناء إضافة إلى شبكة الطرق الجديدة، وأخرى لتوزيع الكهرباء".
وأكدت دراسة لمركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، "أن محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر، تضم أربع وحدات تقوم بتصريف 1.40 مليون متر مكعب يومياً"، وأشارت إلى "أن استصلاح الأراضي في سيناء سيحولها من صحراوية إلى زراعية منتجة، بالإضافة إلى تعميرها بمشروعات تنموية وصناعية من خلال الأنفاق التي ربطت سيناء بالدلتا، وهو ما يساعد على تحقيق التنمية السكانية بها إلى جانب زيادة الرقعة الزراعية في مصر، التي تآكلت بسبب التجريف والبناء العشوائي لتصبح في حدود ثمانية ملايين فدان حالياً، بعد أن كانت تتجاوز 9.5 مليون فدان في عام 2010".
وأضافت، "عمليات الاستصلاح ستقلل من معدلات البطالة إذ يبلغ إجمالي العمالة بالمحطة ما بين 2500 وثلاثة آلاف عامل، إضافة إلى العمالة المتوقعة في استصلاح وزراعة 400 ألف فدان، التي تتجاوز 100 ألف فرصة عمل كمرحلة أولى".