أنجز مجلس النواب الليبي آخر التشريعات الخاصة بالانتخابات العامة المقرر إجراؤها نهاية العام الحالي، فقد أصدر قانون انتخاب البرلمان الجديد بعد أسابيع من إقراره قانون الانتخابات الرئاسية الذي ما زال يثير الخلافات والجدل مع الأطراف السياسية في طرابلس.
في موازاة ذلك، يترقب الليبيون اجتماعاً حاسماً لمصير خريطة الطريق السياسية والعملية الانتخابية، وهو اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة في جنيف الذي ينتظر أن يرتب لعملية سحب المقاتلين الأجانب من ليبيا وفق جدول زمني محدد.
إعداد قانون الانتخابات التشريعية
وأعلن المتحدث باسم مجلس النواب الليبي عبدالله بليحق أن "البرلمان أقر قانون الانتخابات التشريعية الجديدة خلال جلسة الإثنين 4 أكتوبر (تشرين الأول)، وبذلك يكون المجلس قد أنجز التشريعات اللازمة لتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية".
وقال بليحق إن "مجلس النواب اعتمد القانون رقم 10 لسنة 2014 وصوّت على مواده، وأحاله إلى اللجنة التشريعية لإعادة صياغته قبل إحالته إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات".
قانون قديم مع التعديل
في المقابل، كشف عضو مجلس النواب طارق الجروشي تفاصيل القانون الانتخابي الجديد الذي أقره المجلس، قائلاً إن "قانون انتخابات مجلس النواب هو نفسه قانون سنة 2014 بشأن انتخاب مجلس النواب، غير أنه أجرى تعديلاً مهماً يتعلق بموعد إجراء الانتخابات البرلمانية".
وأفاد الجروشي بأن "التعديل يقضي بإجراء الانتخابات البرلمانية بعد شهر من انتهاء الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية وبالتزامن مع الجولة الثانية لها".
ورأى أن "هذا التعديل يهدف إلى إنهاء الانتخابات برمتها في مرحلة واحدة لتجنب انتخاب برلمان جديد من دون انتخاب رئيس، مما قد يدخل البلاد في دوامة جديدة وانقسام جديد".
وقال عضو مجلس النواب مفتاح كويدير أن "قانون انتخاب البرلمان سيشمل قوائم الأحزاب والنظام الفردي، وقسمت الدوائر الانتخابية في القانون إلى 13 دائرة".
دعوة لإنجاز الاستحقاقات
في السياق، دعا مجلس النواب في بيان لهيئة الرئاسة بعد صدور قانون الانتخابات التشريعية، "الأجسام السياسية والتنفيذية كلها إلى أن تفي بالالتزامات الملقاة على عاتقها أسوة بمجلس النواب، والسياسيين كافة لتغليب مصلحة الوطن والسمو على أي مصالح شخصية أو حزبية أو جهوية أو قبلية، أو أي هدف عدا ما يحقق مصلحة ليبيا وشعبها".
ورأت هيئة الرئاسة أنه "كان لزاماً على مجلس النواب مواكبة رغبة الشعب الليبي صاحب السيادة في تطلعه إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية نهاية العام الحالي، وذلك انطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتق المجلس لإيصال البلاد إلى بر الأمان، وإيفاء بالتزاماته بوضع الإطار القانون والدستوري وإصدار التشريعات اللازمة للاستحقاق الانتخابي في موعدها يوم 24 ديسمبر (كانون الأول)".
واعتبر البيان أن "مجلس النواب بإصداره القانون الخاص بانتخاب رئيس البلاد وإقراره قانون الانتخابات البرلمانية يضع الشعب أمام مسؤوليته ويعيد الأمانة إليه في مرحلة صعبة من تاريخ الوطن، استطاع خلالها الحفاظ على وحدة أراضيه على الرغم من التحديات والمؤامرات الداخلية والخارجية".
ودعت هيئة رئاسة مجلس النواب "الأطراف والجهات إلى أن تجعل يوم 24 ديسمبر المقبل عرساً انتخابياً تدخل به بلادنا إلى مرحلة الاستقرار والبناء والمصالحة، على المستويات كلها السياسي منها والاجتماعي، لكي نطوي صفحات الاحتراب والخصومة إلى غير رجعة".
مجلس الدولة يستعد لرفض القانون
وفي خطوة حملت دلالات تشير إلى نية مجلس الدولة في طرابلس برئاسة خالد المشري رفض التشريع الجديد الخاص بالانتخابات النيابية الذي أقره مجلس النواب في طبرق، عقد المجلس اجتماعاً في العاصمة بالتزامن مع جلسة البرلمان لمناقشة تشريع موازٍ أسوة بما حدث بعد إصدار قانون الانتخابات الرئاسية.
وأعلن المكتب الإعلامي لمجلس الدولة أنه "تم في بداية الجلسة استعراض نتائج لقاء لجنتي مجلس الدولة الاستشاري ومجلس النواب بشأن التوافق على القوانين الانتخابية، ورحب المجلس بالبيان الختامي للاجتماع الذي أكد ضرورة الالتزام بالتوافق عند إصدار القوانين الانتخابية".
وكشف أن "الجلسة ناقشت مقترحات توزيع الدوائر الانتخابية في قانون انتخابات مجلس الأمة، إذ تم التصويت بقبول اقتراح بقاء عدد الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد طبقاً للقانون رقم 14 لسنة 2012 الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي الذي تم انتخاب المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب على أساسه، واعتماد توزيع المقاعد في مجلس الأمة بحسب التوزيع الوارد في مشروع الدستور".
في الأثناء، رحبت الأمم المتحدة بتصديق مجلس النواب على قانون الانتخابات البرلمانية المقبلة، مثلما حدث بعد صدور قانون الانتخابات الرئاسية الذي ما زال مجلس الدولة يصر على رفضه.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق في تعليق مقتضب بشأن صدور قانون الانتخابات البرلمانية في ليبيا، "نرحب بهذه الخطة وأي خطوة تساعد في المضي قدماً نحو إجراء انتخابات في 24 ديسمبر المقبل".
رسائل لا تخفى على أحد
واعتبر الإعلامي الليبي فرج حمزة أن "بيان مجلس الدولة حمل مضامين واضحة ورسائل لا تخفى على أحد بشأن استمرار رفضه انفراد مجلس النواب بإصدار التشريعات الخاصة بالانتخابات، وبالتالي عرقلة العملية السياسية من جديد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف، "من الواضح أن مجلس الدولة من خلال مناقشة قانون سنة 2012 للانتخابات التشريعية في الوقت الذي كان فيه مجلس النواب يناقش قانون سنة 2014، يشير بوضوح إلى رفض مجلس الدولة مسبقاً القانون الذي أصدره البرلمان، وبالتالي نحن مقبلون على مرحلة جديدة من التصعيد بين الطرفين".
وخلص حمزة إلى "ضرورة الوقوف وقفة حاسمة لإنهاء هذا العبث الذي يمارسه الطرفان، والذي ستكون له نتائج وخيمة على الاستحقاق الانتخابي واستقرار البلاد بشكل عام، وهنا أعتقد أن الطرف المخول حسم هذه المسألة هو البعثة الأممية التي بات تدخلها في هذه المشكلة ضرورة".
من جانبه، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب فوزي النويري أن "إصدار القوانين اختصاص أصيل لمجلس النواب لا يشاركه فيه أحد"، مشيراً إلى أن "قانون انتخاب الرئيس اتخذ ولا رجوع عنه، والتشاور مع مجلس الدولة بخصوص القوانين الانتخابية ليس وجوبياً".
تهديد بتعطيل الانتخابات
وفي طرابلس أيضاً نظمت قيادات الكتائب المنضوية تحت لواء القوة العسكرية المعروفة باسم "قوات بركان الغضب" تظاهرة في مطار طرابلس الدولي، رفضاً لترشح القائد العام للجيش الليبي في الشرق المشير خليفة حفتر ونجل الرئيس السابق معمر القذافي، سيف الإسلام القذافي، للانتخابات الرئاسية المقبلة، مما ينبئ بأزمة جديدة تهدد بعرقلة تنظيم الانتخابات في موعدها المتفق عليه نهاية العام الحالي.
وطالب مشاركون في التظاهرة عبر بيان بمنع حفتر من الترشح للانتخابات، وحذروا المفوضية العليا للانتخابات من قبول ترشح حفتر لانتخابات الرئاسة، قائلين إن "هذا سيدفعنا إلى إغلاق صناديق الانتخابات في المنطقة الغربية".