لا يروق الحراك الدبلوماسي النشط للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في المنطقة للجانب الإسرائيلي، الذي ينظر بعين الريبة والقلق إلى الانفتاح الكبير على نظام بشار الأسد في دمشق، والاتصالات الخلفية بين عمّان وطهران، وحتى الزيارة الأخيرة للملك عبدالله الثاني إلى الدوحة، باعتبارها إحدى تجليات المرحلة في ما يخص الرؤية الأردنية لملف الأراضي الفلسطينية.
اتفاق مياه مع إسرائيل
وبمجرد إعلان توقيع الأردن وإسرائيل اتفاقاً لشراء المملكة 50 مليون متر مكعب مياه من تل أبيب، ككمية إضافية لما هو منصوص عليه في اتفاق السلام الموقعة بين البلدين عام 1994، هاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو الاتفاق.
وقال نتنياهو عبر "تويتر"، "في هذه الأيام تحديداً، بينما يوطد الأردن علاقاته مع إيران، ضاعف بينيت اليوم كمية المياه التي تنقلها إسرائيل إلى الأردن من دون الحصول على أي مقابل سياسي لإسرائيل".
واتسمت علاقة الأردن بإسرائيل خلال ولاية نتنياهو في الأعوام من (2009 - 2021) بالجفاء والتوتر والأزمات، ووصفها العاهل الأردني في حينه بأنها "في أسوأ حالاتها".
وبموجب اتفاق السلام تزود إسرائيل الأردن بـ 55 مليون متر مكعب سنوياً من مياه بحيرة طبريا، حيث يعاني فقراً مائياً يجعله في المرتبة الثانية عالمياً من حيث حصة الفرد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اتصال غير مألوف مع طهران
ووفقاً لمراقبين فإن الاتصال الذي أجراه وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان أخيراً مع نظيره الأردني أيمن الصفدي يعد "غير مألوف" في تاريخ العلاقة بين البلدين، التي تتسم بالتوتر والبرود منذ سنوات.
فعمّان لطالما اتهمت طهران باتباع سياسة عدوانية توسعية في المنطقة العربية، وانتقدت تدخلها في العراق وسوريا ولبنان، كما عبرت عن عدم ارتياحها من وجود ميليشياتها على مقربة مع حدوده الشمالية مع سوريا.
كما كان العاهل الأردني أول من أطلق تحذيرات مما سماه "الهلال الشيعي" في المنطقة، وفي يوليو (تموز) الماضي أعلن خلال مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية تعرض بلاده لهجوم بطائرات مسيرة إيرانية الصنع.
ويأتي الاتصال الهاتفي بعد زخم متسارع في تطبيع العلاقات بين الأردن وسوريا التي تعد طهران أبرز حلفائها، لكن ثمة من يتحدث عن اتصالات أردنية عبر قنوات خلفية مع طهران، وهو ما يفسر الزيارة الغريبة التي قام بها قبل أسابيع رئيس مجلس النواب الأردني عبدالمنعم العودات لبغداد، وأجرى خلالها لقاءين منفصلين مع ممثلين لميليشيات عراقية مدعومة إيرانياً، وهما رئيس تحالف الفتح في البرلمان العراقي هادي العامري، وأمين عام حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي.
زيارة إلى قطر
وفي شأن متصل، شكلت زيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى الدوحة مصدر تساؤل وقلق لدوائر صنع القرار في إسرائيل، على اعتبار أن أحد أهدافها هو إعادة العلاقات بين دمشق والدوحة عبر عمّان.
وبعيداً من التصريحات الدبلوماسية التي أعقبت الزيارة وتحدث فيها العاهل الأردني عن دعم الاستقرار في المنطقة وخدمة قضايا الأمة، وفق تغريدة له، فإن الزيارة الأولى له إلى الدوحة منذ عام 2013 حملت دلالات ومؤشرات مهمة، من بينها إعادة تأهيل النظام السوري عربياً، إضافة إلى بعض الاتفاقات الاقتصادية التي ستعود بالنفع على عمّان وتحرك عجلة الاستثمارات الراكدة فيها منذ سنوات.
وتتحدث المعلومات المتوافرة عن طلب الملك عبدالله الثاني من أمير قطر خلال الزيارة مساندة جهود إعادة دمشق إلى حضن الجامعة العربية، وهو المقترح الذي يحظى بدعم مصري وعراقي حتى الآن.
وكان لافتاً جولة العاهل الأردني خلال زيارته للدوحة، حيث زار غرفة العمليات الأمنية القطرية الخاصة بتجهيزات كأس العالم، وهو ما قد يشير إلى الاستعانة بالخبرات الأمنية والكوادر الأردنية في تأمين المونديال، والتي تحظى بسمعة طيبة عربياً ودولياً.
كما تتحدث الأنباء عن بعض تفاصيل الزيارة حول دور أردني مفترض إلى جانب قطر في غزة، ويتعلق الأمر هنا بأبعاد مالية وعقبات تواجهها الدوحة في غزة من قبل إسرائيل والسلطة الفلسطينية على حد سواء، وقد يكون للأردن دور محوري في حلحلتها.