أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الأحد، السابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، أنه ستتم ملاحقة الذين ارتكبوا الجريمة، مشيراً إلى أن الحكومة تعرفهم جيداً وسيتم كشفهم.
وقال الكاظمي خلال الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء، "تعرض منزلي لاعتداء عبر استهدافه بطائرات مسيرة وجهت إليه بشكل مباشر، وهذا العمل الجبان لا يليق بالشجعان، ولا يعبر عن إرادة العراقيين"، وأضاف، "بلدنا يمرّ بتحديات عديدة ليست وليدة اليوم ولا نتاج هذه الحكومة، وتمكّنا من تفكيك وحلّ الأزمات الاقتصادية والصحية، وتجاوزنا أزمة انهيار أسعار النفط، والسياسات الخاطئة للحكومات السابقة"، وتابع، "نجحنا في تلبية مطلب الشعب والمرجعية والمتظاهرين بإجراء انتخابات مبكرة، ووفرنا كل ما طلبته المفوضية".
ولفت الكاظمي الى أن "نتائج الانتخابات والشكاوى والطعون ليست من اختصاص الحكومة، إنما واجبنا انصبّ على توفير الأمور المالية والأمنية لإجراء الانتخابات"، مضيفاً أن "هناك من يحاول أن يعبث بأمن العراق ويريدها دولة عصابات، ونحن نريد بناء دولة"، وتابع، "سنلاحق الذين ارتكبوا جريمة الأمس، نعرفهم جيداً وسنكشفهم، وسوف تصل يد العدالة إلى قتلة الشهيد العقيد نبراس فرمان ضابط جهاز الاستخبارات الوطني العراقي".
"الهدوء وضبط النفس والحوار"
ودان الرئيس الأميركي جو بايدن بقوة هجوماً استهدف مقر إقامة الكاظمي مشيداً بدعوته إلى "الهدوء وضبط النفس والحوار"، وأوضح بايدن في بيان مكتوب "أدين بقوة الهجوم الإرهابي الذي استهدف مقر إقامة رئيس وزراء العراق الكاظمي. شعرت بارتياح لعدم إصابة رئيس الوزراء وأشيد بالقيادة التي أظهرها في الدعوة للهدوء وضبط النفس والحوار لحماية مؤسسات الدولة وتعزيز الديمقراطية التي يستحقها العراقيون كثيراً".
وأضاف أنه أبلغ فريقه للأمن القومي بعرض المساعدة المناسبة للسلطات العراقية بينما يحققون في الواقعة.
في المقابل، لوحظ انتشار آليات مدرعة للجيش العراقي في حي المنصور وسط بغداد.
من جهة ثانية، كشفت وزارة الداخلية العراقية عن تفاصيل إضافية عن محاولة الاغتيال، وأكدت أن الاستهداف تم بثلاث طائرات مسيرة تمكنت القوات الأمنية من إسقاط طائرتين، مشيرة الى أن الطائرات كانت مختلفة الأحجام، وإذ طمأنت إلى أن الكاظمي لم يصب بأي أذى تحدثت عن إصابات في صفوف أفراد حمايته، وأكدت الداخلية فتح تحقيق بملابسات الحادث.
وشكل المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي، لجنة عليا للتحقيق بمحاولة الاغتيال.
وقال "مصدر أمني رفيع" لوكالة الأنباء العراقية إن "اللجنة العليا التي شكلها المجلس الوزاري للأمن الوطني ستكون برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي وعضوية وكيل شؤون الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية الفريق أحمد أبو رغيف".
وتضم اللجنة أيضاً رئيس أركان الجيش عبد الأمير يارالله ونائب قائد العمليات المشتركة عبد الأمير الشمري ورؤساء أجهزة الاستخبارات ومكافحة الإرهاب والأمن الوطني".
متفجرات
وكان أفيد عن استهدفت طائرة مسيرة محملة بمتفجرات منزل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في بغداد في ساعة مبكرة من صباح الأحد، 7 نوفمبر، فيما وصفه الجيش العراقي بأنه محاولة اغتيال فاشلة، لكنه قال إن الكاظمي نجا من دون أن يصاب بأذى.
وقال بيان للجيش العراقي، إن الهجوم استهدف منزل الكاظمي في المنطقة الخضراء ببغداد. ولم يتطرق لمزيد من التفاصيل.
وكان مصدر أمني أفاد وكالة الصحافة الفرنسية، بأن "صاروخاً سقط على منزل الكاظمي"، فيما قال الآخر، إن "رئيس الوزراء بصحة جيدة"، مضيفاً أنه "لا محاولات لاقتحام المنطقة الخضراء"، وأن "الوضع تحت السيطرة".
"التهدئة وضبط النفس من الجميع من أجل العراق"
وبعد الاستهداف، دعا الكاظمي عبر تغريدة على "تويتر" إلى "التهدئة وضبط النفس من الجميع، من أجل العراق".
وقال: "كنت- وما زلت- مشروع فداء للعراق وشعبه. صواريخ الغدر لن تثبط عزيمة المؤمنين، ولن تهتز شعرة في ثبات وإصرار قواتنا الأمنية البطلة على حفظ أمن الناس وإحقاق الحق ووضع القانون في نصابه".
ونشر مكتب رئيس الوزراء مقطع فيديو للكاظمي قال فيه: "تعرض منزلي لعدوان جبان... أنا ومن يعمل معي بخير"، مضيفاً أن "الصواريخ الجبانة والطائرات المسيرة الجبانة لا تبني أوطاناً".
كنت ومازلت مشروع فداء للعراق وشعب العراق، صواريخ الغدر لن تثبط عزيمة المؤمنين، ولن تهتز شعرة في ثبات وإصرار قواتنا الأمنية البطلة على حفظ أمن الناس وإحقاق الحق ووضع القانون في نصابه.
أنا بخير والحمد لله، وسط شعبي، وأدعو إلى التهدئة وضبط النفس من الجميع، من أجل العراق.
— Mustafa Al-Kadhimi مصطفى الكاظمي (@MAKadhimi) November 7, 2021
وتحدث مصدر أمني عن إصابتين طفيفتين في صفوف الحرس الشخصي للكاظمي.
وذكر دبلوماسيون غربيون موجودون في المنطقة الخضراء، أنهم سمعوا دوي انفجارات وإطلاق رصاص في المنطقة.
ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم حتى الآن.
"عمل إرهابي واضح"
وتعليقاً على الاستهداف، شجب الرئيس العراقي برهم صالح "الاعتداء الإرهابي الذي استهدف رئيس الوزراء"، معتبراً أنه "تجاوز خطير وجريمة نكراء في حق العراق".
وقال رئيس التيار الصدري، مقتدى الصدر، إن محاولة اغتيال الكاظمي تهدف إلى "إعادة العراق إلى الفوضى وسيطرة قوى اللادولة".
ودانت بعثة الأمم المتحدة في العراق "بأشد العبارات محاولة اغتيال" الكاظمي، داعية إلى "الهدوء والحث على ضبط النفس".
كتائب "حزب الله"؟
ونفى مسؤول أمني في كتائب "حزب الله" المدعومة من إيران في العراق اتهامات بأن جماعات عراقية تقف وراء الهجوم على الكاظمي، وقال أبو علي العسكري على "تيليغرام"، "بحسب معلوماتنا المؤكدة: لا أحد في العراق لديه حتى (الرغبة) لخسارة طائرة مسيرة على منزل رئيس وزراء سابق".
وكتائب "حزب الله" وفصائل مسلحة متحالفة مع إيران من بين الجماعات التي تناصب الكاظمي العداء.
إدانة سعودية وخليجية
ودانت السعودية محاولة الاغتيال، وقالت الخارجية السعودية في بيان، إن المملكة "تدين بشدة العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف رئيس مجلس الوزراء العراقي، وتؤكد وقوفها صفاً واحداً إلى جانب العراق الشقيق، حكومة وشعباً، في التصدي لجميع الإرهابيين الذين يحاولون عبثاً منع العراق الشقيق من استعادة عافيته ودوره، وترسيخ أمنه واستقراره، وتعزيز رفاهه".
بدوره، أبدى الأمين العام لمجلس تعاون دول الخليج العربية، نايف فلاح مبارك الحجرف، في بيان إدانته أيضاً لـ"محاولة الاغتيال الآثمة" التي نفذت بواسطة طائرة مسيرة، وأكد الحجرف "رفضه القاطع مثل هذه الاعتداءات الإجرامية التي استهدفت أمن واستقرار العراق الذي هو من أمن دول المجلس"، معبراً عن تضامن مجلس التعاون مع العراق وشعبه للحفاظ على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه.
"عمل إرهابي واضح"
وفي السياق ذاته، دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "بشدة" الاعتداء الذي استهدف الكاظمي، داعياً إلى ضبط النفس ونبذ العنف.
ودعا الناطق باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك، في بيان، "إلى محاسبة مرتكبي هذه الجريمة". كذلك دعا غوتيريش العراقيين إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ونبذ جميع أشكال العنف وأي محاولات لزعزعة استقرار العراق".
ودانت الولايات المتحدة بشدة محاولة اغتيال الكاظمي، معتبرة هذا الهجوم "عملاً إرهابياً واضحاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان، "لقد شعرنا بارتياح عندما علمنا أن رئيس الوزراء لم يُصب بأذى. هذا العمل الإرهابي الواضح، الذي ندينه بشدة، استهدف صميم الدولة العراقية".
وأضاف "نحن على اتصال وثيق بقوات الأمن العراقية المكلفة الحفاظ على سيادة العراق واستقلاله، ولقد عرضنا مد يد المساعدة في التحقيق في هذا الهجوم".
وأعلن مكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أنه أبلغ الكاظمي إدانته الشديدة للهجوم.
وقال مكتب رئيس الوزراء البريطاني، في بيان، في أعقاب اتصال بين الزعيمين إن جونسون "دان بقوة الهجوم على مقر إقامة رئيس الوزراء العراقي في بغداد وعبر عن تعاطفه مع المصابين".
وأضاف "أوضح أن بريطانيا تقف إلى جانب الشعب العراقي وتدعم جهود الكاظمي لتشكيل حكومة في أعقاب الانتخابات، والتي لها أهمية بالغة بالنسبة إلى استقرار العراق على الأمد الطويل".
وكانت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس عبرت في وقت سابق الأحد عن تأييد بريطانيا لدعوة الكاظمي إلى "الهدوء وضبط النفس".
وقالت تراس في بيان نُشر على "تويتر"، "ندين الهجوم على رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي... نقف إلى جانب الحكومة العراقية وقوات الأمن والشعب العراقي في رفضهم العنف السياسي وندعم بقوة دعوة رئيس الوزراء إلى الهدوء وضبط النفس".
"فتنة جديدة"
إيرانياً، دان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني محاولة اغتيال الكاظمي، وقال على حسابه على "تويتر" إن "محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي فتنة جديدة يجب البحث عنها في مراكز الفكر الخارجية،" من دون أن يذكر تفاصيل أخرى.
محتجون
وشارك المئات، السبت، في تظاهرة على إحدى بوابات المنطقة الخضراء وسط أجواء هادئة، حيث رفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "كلا كلا للتزوير"، وصوراً لقادة أمنيين كتب عليها "مجرم حرب"، ورددوا شعارات "نعم نعم للحشد"، و"الموت لأميركا".
وقام المحتجون بنصب الخيام في الحديقة الموازية لواحدة من البوابات الأربع للمنطقة الخضراء، استعداداً لاعتصام جديد، وقد أحرقوا صوراً للكاظمي، فيما انتشرت القوات الأمنية في المكان.
ويحتج المتظاهرون على "تزوير" يقولون، إنه شاب الانتخابات التشريعية المبكرة، ويطالبون بفرز كامل للأصوات، بعدما سجل تحالف "الفتح" الممثل للحشد الشعبي تراجعاً كبيراً بحسب النتائج الأولية. إلا أن النتائج النهائية الرسمية للانتخابات التي جرت في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول)، لم تصدر بعد، إذ لا تزال المفوضية العليا للانتخابات في المراحل الأخيرة لإعادة فرز الأصوات بناءً على طعون قدمت لها، قبل رفعها للمحكمة المختصة وإعلان النتائج النهائية.