ربما اقترب وقت إحياء "خطة العمل الشاملة المشتركة"، المعروفة إعلامياً بـ"الاتفاق النووي". كثيرة هي التصريحات التي تؤشّر إلى حالة التفاؤل من قبل الدبلوماسيين الغربيين، بل هناك مؤشرات توحي باستعداد إيران نفسها للعودة إلى الاتفاق قريباً.
تصريحات مبشرة
قال متحدث الخارجية الأميركية نيد برايس، في 12 يناير (كانون الثاني)، "لقد شهدنا تقدماً متواضعاً في الأسابيع الأخيرة". كما أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أن "هناك تقدماً حقيقياً، ونتوقع التوصل إلى اتفاق".
وأعلن وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكين أنه لم يتبقَّ سوى "أسابيع قليلة" لإعادة إيران إلى الامتثال وإنقاذ الاتفاق النووي التاريخي، قبل أن تدرس الولايات المتحدة "خياراتها الأخرى". وهذا التصريح وإن كان يتضمّن تهديداً لطهران بخيارات أخرى، فإنه يعكس قرب إتمام الاتفاق بين الغرب وإيران.
أما على الجانب الإيراني الذي يتضح منه أنه حان وقت العودة إلى الاتفاق، فصرّح كبير المفاوضين الإيرانيين بأن كثيراً من نصوص الاتفاق النووي "جاهزة"، وأنه جرى "إحراز تقدم" في فيينا، لكن يتعين على الولايات المتحدة اتخاذ قرار بشأن "رفع العقوبات".
كما أطلع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في أثناء زيارته إلى سلطنة عمان وقطر المسؤولين في البلدين على المحادثات النووية، وتحدّث عن استعداد بلاده لـ"اتفاق جيد" في فيينا.
المرشد يبارك المفاوضات
الأهم من ذلك كله، ما ذكره المرشد علي خامنئي، في 9 يناير، إذ قال "لا ينبغي لأحد أن يتسامح مع عدوان العدو. التفاوض مع العدو، على سبيل المثال، شيء. لكن التفاعل معه والتعاون معه شيء مختلف تماماً". وهو بيان فُسّر على أنه مباركة المفاوضات النووية في فيينا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويذكّر هذا التصريح بما سبق أن قاله خامنئي حينما أعطى الضوء الأخضر للتفاوض من أجل الاتفاق النووي عام 2015 مع إدارة باراك أوباما، حينها أعلن المرشد الإيراني المعروف بموقفه الأيديولوجي المتشدد، الذي يعبّر عن عدم الثقة العميق بنيّات الولايات المتحدة تجاه بلاده، في أعقاب إتمام "خطة العمل الشاملة المشتركة" مع الغرب، أن العلاقات الأميركية - الإيرانية "ستبقى محصورة في المجال النووي، وعدم التوسّع في القضايا الإقليمية أو الثنائية".
وبرّر خامنئي براغماتية السياسة الإيرانية في هذا السياق بقوله: "إن نظام الجمهورية الإسلامية يفاوض هذا الشيطان في مواضيع معيّنة، مما نرى فيه المصلحة، ولأجل دفع شرّهم، ولحل المشكلات العالقة، ولا يعني ذلك أن الشعب قد تراجع".
النقاط العالقة
كل ذلك لا يعني أنه جرى الاتفاق بين الطرفين على كل النقاط، ففي الوقت الذي تحاول إدارة جو بايدن إحياء الاتفاق، تكمن إحدى أكبر العقبات في مطالبة طهران بأن تقدّم الولايات المتحدة ضماناً بأنها "لن تنسحب مرة أخرى" من الاتفاقية وتعيد فرض العقوبات.
ويضاف إلى النقاط العالقة في المحادثات، إصرار طهران على سحب واشنطن جميع العقوبات، قبل أن تتراجع إيران عن أي من انتهاكاتها. وقالت إدارة بايدن إن مثل هذه التأكيدات مستحيلة. لكن، الولايات المتحدة لا تنوي الانسحاب من صفقة أُعيد التفاوض بشأنها.
إن إعادة التزام الولايات المتحدة "خطة العمل الشاملة المشتركة" ستعني أن إيران منفتحة مرة أخرى للعمل في قطاعات الطاقة والشحن والمعادن والسيارات والتأمين وغيرها من القطاعات، وتريد طهران ضمان عدم انسحاب الطرف الأميركي مرة أخرى، ومن ثمّ إعادة فرض العقوبات، وحرمانها من الاندماج في الاقتصاد الدولي، بما يمكّنها من تأسيس اقتصادها المعتمد على الاستثمار مع الصين ودول أوروبا.