تصدّرت نصرت غاني العناوين بعد ادعائها بأنها عُزلت عن منصب وزيرة النقل في عام 2020 لأنها مسلمة. في مقابلة مع صحيفة "ذا صنداي تايمز"، قالت غاني إن أحد مسؤولي الانضباط الحكوميين أوضح لها بأنّ "إسلامها" طُرح كمشكلة وإنّ أحد النواب قال إن انتماءها الديني يسبّب "عدم الارتياح" في أوساط الباقين.
وبعد إصداره الأمر بفتح تحقيق وزاري في شكوى النائب، أكد بوريس جونسون أنه يتعامل مع الموضوع "بجدّية شديدة".
وقال جونسون "تعاملت مع (تعليقات غاني) بأقصى درجة من الجدية حين أُعلمت بها منذ 18 شهراً… يسعدني جداً أنّ التحقيق جارٍ حالياً. لكن لا يمكنني قول المزيد عن هذه المسألة، حقاً".
ولكن ادّعاءات الإسلاموفوبيا هذه لن تفاجئ أي شخص يتابع مجريات الأحداث. فمزاعم العنصرية تلاحق الحزب منذ زمن بعيد. وفي الواقع، قالت الرئيسة المساعدة لحزب المحافظين البارونة سعيدة وارسي في عام 2018 إنّ التحامل على المسلمين "يسمّم" الحزب. وفي إشارة إلى ما حدث مع غاني، قالت وارسي إن هذه الحادثة كانت "سراً معروفاً" في ويستمنستر، مضيفةً أنّ الزملاء يدركون منذ "عدة أشهر" بأنّ غاني عانت لكي يُسمع رأيها.
تعرّض مايكل غوف -وهو وزير الإسكان والمجتمعات بذاته- للانتقاد عدة مرات بسبب كراهيته المزعومة للإسلام، بدءاً من تأليفه كتاباً يحمل خطاباً معادياً للإسلام، ووصولاً إلى دوره في تأسيس جمعية هنري جاكسون، وهي مركز أبحاث للمحافظين الجدد انتُقد بسبب الإسلاموفوبيا كذلك.
منذ أشهر قليلة فقط، وجد تقرير سينغ الذي طُلب إعداده للتحقيق في وجود الإسلاموفوبيا داخل حزب المحافظين أن هذه النزعة "ما زالت مشكلة" ولكنه لم يقل بأنّ العنصرية راسخة في الحزب ما دفع بعض المنتقدين إلى أن يعتبروه "تغطية". وجد التحقيق، الذي أجراه البروفيسور سواران سينغ، أنّ الغالبية العظمى من الشكاوى التي رُفعت إلى مقرّ حملة المحافظين لقيت تأييداً وخلُصت إلى فرض عقوبات. ولكن 50 في المئة منها فقط كانت تعليق عضوية فيما أسفرت واحدة فقط عن اعتذار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويبدو بالتالي أنّ حزب المحافظين غير مستعدّ للاعتراف بمشكلته مع الإسلاموفوبيا- أي نزعة معاداة المسلمين نفسها التي ربما أدت إلى حادثة غاني المزعومة-فما بالك بحلّها. ولهذا السبب، لا يمكن الوثوق بتوصّل تحقيق مكتب الرئاسة في شكاوى الوزيرة السابقة إلى نتيجة إيجابية. فطالما يتعامل رئيس الوزراء بجدية تامة مع هذه المسألة، لماذا احتاج إلى أكثر من عام لكي يتحرّك؟
وكيف يتوافق التزامه المزعوم بكشف حقيقة هذه الكارثة مع تاريخه الشخصي من التعليقات حول المسلمين والأقليات؟ ازدادت حوادث الإسلاموفوبيا بنسبة 375 في المئة بعد مقارنة جونسون المحجّبات بـ"صناديق البريد"، كما أوضحت إحدى الدراسات.
ويُضاف إلى ذلك أنّ ردود فعل بعض أقسام حزب المحافظين على ادّعاءات غاني تدلّ على ثقافة معادية للمسلمين. فالعديد من السياسيين والأعضاء البارزين في حزب المحافظين، إما استبعدوا حصول التجربة التي عاشتها شخصياً، أو قللوا من أهميتها.
وقد عرّف كبير مسؤولي الانضباط مارك سبنسر عن نفسه علناً بأنه الشخص الذي زُعم بأنه أخبر الوزيرة عن عزلها بسبب "إسلامها"، ولكنه نفى رواية غاني. وفي هذه الأثناء، اعتبر نائب المحافظين مايكل فابريكانت أنّ توقيت ادعاءاتها "مريب جداً"، ملمّحاً إلى ارتباطه بمحاولات للتخلص من بوريس جونسون على خلفية "فضيحة الحفلة". وفي حديثه إلى إذاعة "أل بي سي"، قال فابريكانت إن إسلام غاني ليس "ظاهراً" وإنه من "السخف" الزعم بأنّه سبب طردها من منصب وزيرة النقل خلال التشكيلات الحكومية التي حصلت في عام 2020.
ثم دافع وزير التربية والتعليم ناظم الزهاوي عن تقاعس جونسون عن التحرّك في قضية غاني خلال مقابلته مع محطة "سكاي نيوز". وقال "لقد رقّى رئيس الوزراء ناظم الزهاوي إلى منصب وزير التعليم، وساجد جاويد إلى منصب وزير الصحة وريشي سوناك وبريتي باتيل وكوازي كارتينغ". ومن جهته، اعتبر أدريان هيلتون، المستشار الوزاري السابق ورئيس المجلس الأكاديمي لمركز مارغريت تاتشر "يصعب تصديق هذه المسألة. فرئيس الوزراء نفسه يتحدّر من أصول مسلمة. وقد عيّن مسلمين في مجلسه".
يجب ألّا يشكّك أي شخص بحقّ نصرت غاني في إبداء رأيها كمسلمة وهي ليست مضطرة أن تتعامل مع التمييز في مكان العمل على أي أساس كان، ولا سيما دينها. ومع ذلك، يعكس هذا السيناريو الواقع الذي تعيشه نساء كثيرات ينتمين إلى الأقليات في بريطانيا. فمعدّل النساء اللواتي لا يحصلن على الترقية في مكان العمل بسبب التمييز العنصري يصل إلى الثلث.
وعندما يتعلّق الأمر بحكومة طلبت وضع تقرير جدلي للغاية يقول بأنّ العنصرية غير متجذّرة في المؤسسات البريطانية، فلا يدهشني أبداً توجيه مزاعم إضافية إليها بأنها تمارس الإسلاموفوبيا. وأتوقع أن يكون تحقيق مجلس الوزراء تغطية أخرى على المسألة.
© The Independent