Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"هيومن رايتس ووتش" تتهم إسرائيل بالفصل العنصري. ماذا يعني ذلك؟

تذهب بيل ترو، إلى أن "هيومن رايتس ووتش" هي أول مجموعة حقوقية رائدة تستخدم ذلك المصطلح في وصف إسرائيل، وهي تهمة تنفيها هذه الأخيرة بشدة، ولكن هل سيُترجم ذلك بأكثر من مجرد بعض العناوين الصحافية العريضة فحسب؟

فلسطينيون يحرقون صورة لعلم إسرائيلي خلال احتجاج مناهض لإسرائيل اعتراضاً على التوتر في القدس، جنوب قطاع غزة   (رويترز)

قليلة هي الكلمات التي تحمل معنى خطيراً ومدمراً بقدر مصطلح الفصل العنصري.

في حين أن أشخاص كثيرين يربطون هذا التعبير بجنوب أفريقيا، إلا أنه في الواقع مصطلح قانوني عالمي وجريمة ضد الإنسانية، وبالتالي يُعتبر من أخطر الجرائم الدولية على الإطلاق.

في يوم الثلاثاء الماضي أصبحت "هيومن رايتس ووتش" أول منظمة حقوقية دولية كبرى تتهم السلطات الإسرائيلية بارتكاب الفصل العنصري ضد الفلسطينيين.

في منحى مقابل، نفت إسرائيل بشدة تلك الادعاءات ورفضت تقريرالمنظمة المؤلف من 213 صفحة واصفة إياه بأنه "كتيّب دعائي يفتقر إلى كل المصداقية"، كما اتهمت المجموعة التي تتخذ من نيويورك مقراً لها بأنها تعتمد أجندة معادية لإسرائيل منذ فترة طويلة.

غير أنّ "هيومن رايتس ووتش" ليست أول منظمة تستخدم ذلك التعبير الشاجب.

إذ لطالما قال محللون فلسطينيون ومجموعات حقوقية فلسطينية إن تصرفات إسرائيل تصل إلى مستوى الفصل العنصري: وهو موقف، على الرغم من كونه مدعوماً بحجج متينة، رفضه مؤيدو إسرائيل لسنوات باعتباره متطرفاً ومحدوداً. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن في الحقيقة، بات من الصعب اعتباره رأياً شاذاً، إذ توصّل عدد متزايد من الجماعات الحقوقية والخبراء إلى استنتاجات مماثلة. في يوليو (تموز) من العام الماضي، ثم مرة أخرى في يناير (كانون الثاني)، نشرت مجموعتان إسرائيليتان بارزتان في مجال حقوق الإنسان، هما "يش دين" (Yesh Din) ثم "بتسيليم" (B’Tselem)، وثائق لتحديد المواقف خلصت إلى أن إسرائيل تشكّل نظام فصل عنصري.

والآن انضمت "هيومن رايتس ووتش" إلى مؤيدي ذلك الموقف الجامع.

ولكن ما الذي يعنيه ذلك لإسرائيل، هذا إذا كان يحمل أي معنى بالنسبة إليها؟

في تقرير "هيومن رايتس ووتش"، الذي حمل عنوان "تجاوزوا الحد" (Threshold Crossed)، تذهب المنظمة إلى أبعد من توصيف الجريمة المزعومة، من خلال المطالبة بالمساءلة، بما في ذلك تطبيق عقوبات محددة الأهداف وإنشاء هيئات تحقيق دولية يمكن أن تؤدي إلى محاكمات، وبأن يكون بيع الأسلحة والمساعدات العسكرية لإسرائيل في المستقبل مشروطاً بالخطوات الإيجابية التي تتخذها البلاد.

في المقابل، تُعتبر تلك الأمور إجراءات سياسية تتطلب من حلفاء إسرائيل على غرار المملكة المتحدة العمل ضد ما يعتقدون أنه يخدم مصالحهم ومعتقداتهم الخاصة.

وفي ذلك السياق، تخضع السلطات الإسرائيلية، والفلسطينيون على حد سواء، إلى تحقيق تجريه المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم الدولية المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

في الواقع، شجبت إسرائيل بشكل قاطع تلك الادعاءات والتحقيق، معتبرة أنّها ليست ضمن نطاق الصلاحيات القضائية التي تتمتّع بها المحكمة الجنائية الدولية.

ومن اللافت أيضاً أن إجماعاً سرعان ما برز بين حلفاء إسرائيل مفاده أن المحكمة الجنائية الدولية تستهدف إسرائيل بشكل غيرمنصف، علماً أنّ بوريس جونسون ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ قال في رسالة حديثة إن التحقيق "يعطي الانطباع بأنه هجوم متحيز ومجحف على صديق وحليف للمملكة المتحدة".

وبالتالي، فمن غير المرجح أن توافق الحكومة البريطانية على تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" أو أن تلتزم بتوصياتها. ومن المستبعد أن تفعل أي دولة أخرى ذلك أيضاً.

تجدر الإشارة إلى أنّ المحكمة الجنائية الدولية تمتلك الصلاحية القضائية للنظر في جريمة الفصل العنصري في تحقيقها القادم. ولكن وفقاً لخبراء في القانون الدولي، لا توجد سوابق قضائية مماثلة في هذا المجال. ولا أحد يعرف نوع الأدلة التي قد يطلبها القضاة ليتوصّلوا إلى أن دولة ما متورطة في الفصل العنصري.

وفي ذلك الإطار، يقول كيفن جون هيلر، أستاذ في القانون الدولي والأمن في جامعة كوبنهاغن وبروفسور في القانون في الجامعة الوطنية الأسترالية: "لا نملك أي اجتهادات [سوابق] قضائية على الإطلاق، إذ إنّ هذه القضيّة لم تخضع لأي محاكمة من قبل". ويتابع: "يمكننا الاستناد إلى التعريف الوارد في نظام روما الأساسي وإلى اتفاقية إلغاء كافة أشكال الفصل العنصري (Apartheid Convention)، لكنها جريمة جديدة تماماً من الناحية القانونية. وهي ليست جريمة مباشرة. بل تعتمد على الحقائق بشكل وثيق".

ويضيف بطريقة موازية أنّ تزايد عدد المجموعات الحقوقية التي تجادل بأن إسرائيل ترتكب الفصل العنصري قد يؤدي إلى "تصاعد شديد في النشاط" الرامي إلى دفع الدول إلى استخدام الولاية القضائية العالمية من أجل التحقيق مع المتورطين بمصداقية ومقاضاتهم باستخدام المحاكم الوطنية في بلادهم. لكن ذلك سيكون مستبعداً أيضاً وستقاومه الدول بشدة.

على سبيل المثال، غيرت الحكومة البريطانية قانون المملكة المتحدة بشأن الولاية القضائية العالمية عندما اضطرت الوزيرة الإسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، إلى إلغاء رحلتها إلى لندن في ديسمبر (كانون الأول) 2009 بعد أن أصدرت محكمة الصلح في وستمنستر مذكرة توقيف بحقها.

وحالياً، صار القانون في المملكة المتحدة يتطلب موافقة مسبقة من مدير النيابة العامة قبل إصدار أي مذكرة توقيف تتعلق بجرائم حرب دولية.

في وقت لاحق، مُنحت ليفني حصانة دبلوماسية مؤقتة خلال زيارة قامت بها في عام 2014.

ولذلك يرى الخبراء في القانون الدولي أن تقرير "هيومن رايتس ووتش" والعدد المتزايد من الجماعات الحقوقية التي تناقش النقطة ذاتها، يخلّفان أثراً "رمزياً" لا غير.

في الواقع، يمكن لذلك أن يجعل استعمال المصطلح أمراً طبيعياً ويشجع الآخرين على استخدامه في المستقبل. وهذا هو السبب على الأرجح في رؤية أولئك الذين يرفضون بشدة تلك النتائج يعاندون ويصرّون على رأيهم.

والجدير بالذكر أنّ وزارة الخارجية الإسرائيلية لم تلطف تعابيرها في رفضها للتقرير. وجاء في بيان لها: "هذا التقرير هو جزء آخر من الحملة المستمرة التي تنتهجها المنظمة، بقيادة مؤيد معروف لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)، بدون أن يمتّ بأي صلة للحقائق أو الوقائع على الأرض".

وأشار البيان إلى أنّ "المزاعم الخيالية التي لفقتها هيومن رايتس ووتش هي ادعاءات كاذبة ومنافية للمنطق".

 

 

وفي سياق متصل، وجّه الأكاديمي الإسرائيلي جيرالد م. ستاينبرغ في صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، اتهاماً إلى المجموعة الحقوقية التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، بتشويه صورة إسرائيل عمداً عن طريق نشر "بروباغندا الفصل العنصري". وقال إنها تسعى إلى "نزع الشرعية عن مفهوم المساواة اليهودية في السيادة" من خلال رسم "خط مقارنة مباشر مع جنوب أفريقيا".

في الحقيقة، مهما كان موقفك تجاه الحجج التي قدّمتها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أو منظمات أخرى توصلت إلى النتيجة نفسها، فقد حدث انعطاف واضح في هذا الإطار. وعلى الرغم من أن ذلك قد لا يؤدي إلى أي تغييرات فعلية في الوقت الحالي، إلا أنه قد يخلّف آثاراً عميقة في المستقبل.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل