أظهرت أرقام رسمية أن عاملي المملكة المتحدة عانوا من تراجع في قيمة أجورهم في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي مع تجاوز تكلفة المعيشة المتزايدة زيادة الأجور.
وكانت أحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية بمثابة قراءة قاتمة للأسر البريطانية، التي تواجه أكبر ضغوط على مستويات المعيشة منذ عقود.
وارتفع نمو الأجور الإجمالية إلى 4.3 في المئة في الفصل المنتهي في ديسمبر (كانون الأول) – من 4.2 في المئة في الأشهر الثلاثة المختتمة في نوفمبر (تشرين الثاني) – لكنه واصل التخلف عن معدل التضخم، الذي قفز إلى أعلى مستوى له منذ 30 سنة تقريباً، إذ بلغ 5.4 في المئة في ديسمبر، مدفوعاً بزيادات ضخمة في تكاليف الطاقة والوقود.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يرتفع معدل التضخم إلى حوالى سبعة في المئة بحلول أبريل (نيسان)، عندما تواجه ملايين الأسر ارتفاعاً في فواتير الطاقة بنسبة 54 في المئة. ويواجه المقترضون مزيداً من الضغوط، بعدما رفع بنك إنجلترا معدلات الفائدة هذا الشهر، مع توقع مزيد من الزيادات.
ومن المرجح أن يخفف من هذه التحديات ارتفاع الأجور، إذ تشير تقديرات مبكرة إلى أن أصحاب العمل بدأوا في زيادة الرواتب في استجابة لارتفاع معدل التضخم.
كذلك تتعزز قوة المساومة التي يتمتع بها العاملون بسبب النقص في الموظفين في عدد من القطاعات. فقد ارتفع إجمالي الشواغر إلى رقم قياسي بلغ 1.3 مليون وظيفة شاغرة خلال الفترة من نوفمبر إلى يناير (كانون الثاني)، وفق مكتب الإحصاءات الوطنية.
ويقول ماثيو برسيفال، مدير الموظفين والمهارات في اتحاد الصناعة البريطاني: "النبأ السار هو أن اقتصاد المملكة المتحدة يواصل توليد فرص العمل"، "والخبر السيء هو أن الشركات تعاني من التوظيف، والأجور تفشل في مواكبة معدل التضخم".
وانخفض العدد الإجمالي للأشخاص الذين يتولون وظائف بواقع 38 ألف شخص في الفصل الأخير، على الرغم من أن عدد الأشخاص الذين يعملون في مقابل أجور ارتفع بواقع 108 آلاف شخص إلى 29.5 مليون.
ويبقى معدل البطالة متدنياً عند 4.1 في المئة، وهو مستوى لا يفوق إلا جزئياً مستوى ما قبل الجائحة. لكن عدد الذين يتولون وظائف يقل بنصف مليون شخص تقريباً عنه قبل الجائحة، بسبب التراجع الكبير في عدد العاملين لحسابهم الخاص.
رسمياً، لا يشير معدل البطالة إلا إلى الناس الذين لا يتولون وظائف ويسعون بنشاط إلى وظائف. وهو لا يشمل الناس "الخاملين اقتصادياً"، الذين لا يعملون ولا يبحثون عن عمل.
وارتفعت نسبة الخاملين اقتصادياً قليلاً إلى 21.2 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال وزير المالية ريشي سوناك، "حمت خطتنا الاقتصادية البالغة قيمتها 40 مليار جنيه استرليني (نحو 55 مليار دولار) في حماية سوق الوظائف لدينا خلال الجائحة، وهذه السوق أكثر صحة الآن مما كان يُؤمَل.
"فعدد الموظفين في مقابل رواتب يسجل مستوى قياسياً مرتفعاً، وعدد المصروفين من العمل يبلغ مستوى قياسياً متدنياً بفضل خطتنا للوظائف"، "ونواصل مساعدة مزيد من الناس على العمل ونوفر الدعم لتكلفة المعيشة بقيمة تفوق 20 مليار جنيه خلال السنتين الماليتين الحالية والمقبلة".
وقال سام بيكيت، رئيس الإحصاءات الاقتصادية لدى مكتب الإحصاءات الوطنية، "ارتفع عدد العاملين في مقابل رواتب مجدداً في يناير 2022، وهو الآن أعلى بكثير من مستويات ما قبل الجائحة"، "لكن استطلاعنا للقوة العاملة يبين أن عدد الموظفين الإجمالي أدنى بكثير مما كان عليه قبل حلول "كوفيد-19"، "ويعود السبب إلى التراجع الكبير الآن في عدد العاملين لحسابهم الخاص"، "ويبين الاستطلاع أيضاً أن معدل البطالة تراجع مجدداً، وهو يفوق الآن جزئياً المستوى الذي كان عليه قبل الجائحة".
وقال بات ماكفادن، كبير أمناء المالية في حكومة الظل العمالية، "تؤكد هذه الأرقام أن العاملين لا يزالون يواجهون تعافياً هشاً في مقابل تكلفة متزايدة للأزمة المعيشية ومعدل متفاقم للتضخم، فـ 12 سنة من سجل المحافظين تعني أن العاملين اليوم لن يدفعوا ضرائب أكبر في ظل المحافظين فحسب، بل يواجهون فواتير متصاعدة للتدفئة وارتفاعاً للأسعار وتراجعاً للأجور الحقيقية".
© The Independent