مع أن دولة فلسطين لم تكشف عن موقفها من الغزو الروسي لأوكرانيا والتزمت الصمت، فإنها عبرت عن انزعاجها الشديد مما وصفه مسؤولون فلسطينيون "نفاقاً غربياً في التعاطي مع أوكرانيا يصل حد الاشمئزاز".
ولاقت الإجراءات والعقوبات الغربية السريعة والحاسمة، التي اتخذت خلال أيام ضد موسكو، خيبة أمل فلسطينية، ليس من تلك الإجراءات، لكن من امتناع الدول الغربية عن اتخاذ إجراءات مماثلة ضد إسرائيل منذ عقود طويلة بسبب احتلالها فلسطين.
"الشرعية الدولية لا تتجزأ"
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ إن "الشرعية الدولية لا تتجزأ، ولا يجوز الكيل بمكيالين"، مطالباً المجتمع الدولي "بتطبيق القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية تجاه فلسطين، وإجبار الاحتلال الإسرائيلي على الالتزام بميثاق الأمم المتحدة، وإنهاء احتلاله للأراضي المحتلة عام 1967".
ويأتي تصريح الشيخ المقرب للغاية من الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعبيراً عن الرغبة الفلسطينية في تعامل الدول الغربية مع القضية الفلسطينية كما تتعامل مع الغزو الروسي لأوكرانيا، "فكلاهما احتلال، ولا يوجد احتلال جيد، وآخر سيئ" بحسب القيادي في حركة "فتح" أحمد صب الذي قال لـ"اندبندنت عربية" إن الفلسطينيين يشعرون "بالاشمئزاز من سياسة الدول الغربية، هي ليست ازدواجية معايير وكيل بمكيالين فقط، لكنها تطبيق انتقائي للقانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة"، مشيراً إلى أن القانون الدولي وكأنه صُنع للغرب فقط ولخدمة مصالحه.
"الخذلان الشديد"
لكن صبح شدد على أن الفلسطينيين يرفضون احتلال أي دولة لشعب آخر، لأنهم يعرفون جيداً معنى ذلك، مشيراً إلى أنه من المستغرب تطبيق القانون الدولي في جزء من العالم، وتجاهل تطبيقه في جزء آخر، وعبر صبح عن شعور الفلسطينيين بـ"الخذلان الشديد وخيبة الأمل من تجاهل الدول الغربية تنفيذ قرارات للأمم المتحدة حول فلسطين تعود إلى عقود طويلة، في حين تعمل تلك الدول على اتخاذ إجراءات سريعة وحاسمة وموجعة خلال أيام ضد روسيا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي خطاب حال الاتحاد أمام الكونغرس، أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن "بمقاومة الشعب الأوكراني"، متعهداً "بمساعدة المقاتلين الأوكرانيين ضد روسيا"، مضيفاً أن ما يقوم به "ديكتاتور روسي من غزو لدولة أجنبية له أثمان في كل أنحاء العالم"، وأكد بايدن أنه في "المعركة بين الأنظمة الديمقراطية وتلك الاستبدادية، أثبتت الديمقراطيات أنها على قدر التحدي".
واعتبر مدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أن تعامل الدول الغربية بمعايير مزدوجة مع فلسطين ليس جديداً، مضيفاً أن ذلك أصبح "قيمة عليا في سياستها الخارجية"، وأشار الرنتاوي إلى أن "اللطميات الغربية على الأوكرانيين بسبب ويلات الحرب صحيحة، لكن ذلك يتطلب ردة فعل غربية مماثلة تجاه ضحايا الصراعات الأخرى ومنها الفلسطيني - الإسرائيلي".
مقاربة واستراتيجية
وطالب الرنتاوي الفلسطينيين "بأخذ السياسة الغربية المنحازة ضدهم بالاعتبار عينه خلال وضع مقاربة واستراتيجية جديدتين تعملان على إثبات قوّتهم وصمودهم حتى تُجبر تلك الدول على احترامهم، بدلاً من حفلات استجداء السلام، وجر التعاطف من تلك الدول". وانتقد الرنتاوي إجراء الفلسطينيين المقارنات بينهم وبين أوكرانيا، مشبهاً ذلك "بمن يحاول أن يقنع نفسه بانتهاج دول الغرب سياسة مزدوجة ضدهم"، وبدلاً من ذلك طالب الرنتاوي "بالعمل على حشد رأي عام عالمي" مؤيد لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وعن أسباب وقوف الدول الغربية مع إسرائيل، أوضح الرنتاوي أن ذلك يعود لأنها "جزء من المنظومة الغربية، وقلعة أمامية لمواجهة التحديات الغربية"، بالإضافة إلى ممارسة إسرائيل جهداً كبيراً في صناعة النظرة الغربية المتعاطفة معها، وتابع الرنتاوي أن إسرائيل لها "نظام سياسي ديمقراطي تعددي وقيم مشتركة مع الغرب، ما منحها عنصر قوة أسقطته الدول العربية، وعملت على ترسيخ نظم مستبدة بادعاء مواجهة الصهيونية".