على الرغم من كل حملات التمكين ودعوات المساواة وبرامج التشغيل التي تستهدف المرأة الأردنية، يرتفع معدل البطالة في صفوف النساء يوماً بعد آخر، وتفقد الكثيرات وظائفهن، فيما تلجأ الناشطات اقتصادياً إلى العمل من المنزل في ظل ندرة الفرص المتاحة لهن.
ووفقاً لدائرة الإحصاءات العامة فإن نسبة البطالة ارتفعت خلال العام الحالي 2022 إلى 25 في المئة، بفعل جائحة كورونا التي أثرت سلباً في معظم قطاعات العمل، وكان واضحاً ارتفاع معدل البطالة لدى الإناث في مقابل الذكور، بخاصة لدى حملة الشهادات الجامعية، حيث بلغت نسبتهن 51 في المئة من مجمل العاطلين.
انخفاض قوة العمل
تاريخياً، بلغت نسبة البطالة بين النساء في الأردن أقصاها عام 1993 حيث قاربت 37 في المئة، وفي العام 2021 أظهرت تقارير رسمية انخفاض قوة العمل لدى الإناث، فمن بين كل 100 امرأة في الأردن فوق 15 عاماً، هنالك 86 امرأة غير نشطة اقتصادياً وأربع نساء يعانين البطالة.
ويقول مراقبون إن ما شهدته فترة جائحة كورونا من استغناء عن الخدمات كانت في معظمها على حساب العاملات الإناث، ووصلت نسبة المتعطلات من العمل واللاتي يحملن شهادة البكالوريوس 79.2 في المئة، لكنها لم تزد على 26 في المئة بين الذكور، مما يظهر حجم انتشار البطالة في صفوف النساء الأردنيات.
وتشكل النساء نسبة كبيرة من العاملين بنظام "المياومة"، وهو قطاع عريض يضم آلاف العاملين في المطاعم والمقاهي والباعة المتجولين والعاملين في الإنشاءات وسائقي التاكسي وقطاعات أخرى، ويُقدر عددهم ما بين 44 إلى 48 في المئة من مجمل العاملين في الأردن.
أرقام متضاربة
ويفسر تقرير صادر عن البنك الدولي ما يحدث في سوق العمل بالنسبة إلى الأردنيات بقوله إن 60 في المئة من النساء غير العاملات يتطلعن للعمل، لكن 12 في المئة منهن فقط يبحثن عن عمل فعلاً، أما النتيجة الأكبر أهمية فهي أن ثلاثاً من بين كل أربع نساء يعتقدن بأن المرأة تعمل لأن عائلتها تعاني صعوبات مالية.
وفي نتيجة أخرى متضاربة يتضح أن 25 في المئة من النساء العاملات يتركن عملهن بمجرد الزواج أو الإنجاب، على الرغم من أن إحصاءات تقول إن 96 في المئة من المجتمع الأردني يتقبل فكرة عمل النساء.
وبشكل عام، تعاني العاملات الأردنيات ضعفاً في فرص وصولهن إلى الخدمات المالية مقارنة بالرجال، بحسب تقرير لمنظمة العمل الدولية التي تطالب برقمنة الأجور للعاملات الأردنيات حفظاً للحقوق.
فعلى سبيل المثال، شهد قطاع الألبسة الذي تعمل فيه أغلبية الإناث آثاراً مدمرة بسبب الجائحة، في الوقت الذي لا يزال نحو ثلثي العاملين فيه يتقاضون أجورهم الشهرية نقداً، بينما يمنح دفع الأجور رقمياً الشركات فرصاً لتحسين الإنتاجية والكفاءة والشفافية ويعزز القدرة المالية، خصوصاً للنساء.
ويشير مراقبون إلى تعرض 30 في المئة من العاملات بالأردن إلى الإصابة باضطراب ثنائي القطب النفسي، ويعرف هذا المرض بأنه موجات من الهوس بتقلبات مزاجية خفيفة أو عالية، إضافة إلى موجات من الاكتئاب تصاحبها انخفاضات عاطفية، ويُصاب به الأشخاص جراء الضغوط النفسية الناجمة عن العمل والمجتمع الذي لا يلبي مراده، بخاصة في مكان العمل.
الهرب نحو العمل من المنزل
ترصد منظمات حقوقية ونسائية ظاهرة هرب النساء العاملات من العمل المنظم إلى العمل، إما في وظائف غير لائقة أو العمل من خلال شبكة الإنترنت أو من المنزل، ففي السنوات الأخيرة سجلت كثير من النساء الأردنيات نجاحات كبيرة من خلال العمل "أون لاين" في بيع الطعام والحلويات أو حتى الملابس والأكسسوارات، مروراً بتقديم دروات متخصصة في مجالات عدة وانتهاء بخدمات التغذية والاستشارات الأسرية والصحية والرياضية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من ناحية أخرى، أصبحت مشاهدة نساء عاملات في مهن غير تقليدية أمراً مألوفاً، ولم تعد مهن توصيل الطلبات بالدراجات البخارية أو في محطات الوقود أو البيع المتنقل حكراً على الرجال.
ودفع هذا الأمر متخصصين إلى تكثيف الجهود ودعم النساء العاملات من المنازل، من أجل تحفيز مشاركتهن الاقتصادية، ويدعو هؤلاء السلطات الأردنية إلى تذليل عقبات ترخيص المشاريع المنزلية.
وتؤكد رئيسة "شبكة المرأة" رانيا السويطي أن قطاع العمل المنزلي واسع جداً في الأردن، ولا توجد إحصاءات أو قاعدة بيانات دقيقة تبين عدد النساء العاملات من المنازل، بسبب مواجهة العديد من التخوفات والعقبات عند تسجيل مشاريعهن، ومنها ارتفاع رسوم التسجيل.
وتقسم السلطات المعنية بترخيص المهن المنزلية إلى أربعة أقسام، وهي المهن الفكرية وتشمل 49 مهنة، والحرف اليدوية وتتضمن 10 مهن، وتصنيع الأغذية وتضم ست مهن، وخدمات المنازل ست مهن.