حل الموعد المنتظر طويلاً في بريطانيا وخرجت الملكة إليزابيث الثانية إلى شرفة قصر باكينغهام مع انطلاق احتفالات اليوبيل البلاتيني لجلوسها على العرش قبل 70 عاماً، في فعاليات بدأت الخميس، الثاني من يونيو (حزيران)، وتستمر أربعة أيام تتخللها عروض ومسيرات وحفلة موسيقية كبيرة.
وفي مستهل الاحتفالات، شكرت إليزابيث كل المشاركين في هذه الفعاليات، التي تتوقع الحكومة أن يشارك فيها الملايين من أنحاء بريطانيا والعالم تكريماً للملكة البالغة من العمر 96 عاماً والتي تعتلي العرش منذ فترة تخطت كل من سبقوها.
وقالت الملكة في بيان، "شكراً لكل من شارك في عقد تجمعات وللأسر والجيران والأصدقاء للاحتفال بيوبيلي البلاتيني سواء في المملكة المتحدة أو في أنحاء الكومنولث". وتابعت، "ما زالت النوايا الطيبة التي ألمسها تمثل لي حافزاً، وأرجو أن تتيح الأيام المقبلة فرصة للتأمل في كل ما تم إنجازه على مدى الأعوام السبعين الماضية ونحن ننظر للمستقبل بثقة وحماسة".
وبدأت الاحتفالات بعرض عسكري في وسط لندن، وللمرة الأولى تلقت الملكة إليزابيث التحية من 1500 جندي وضابط من شرفة قصر بكنغهام.
ويعرف العرض العسكري السنوي باسم "تروبينغ ذي كولور"، وشارك فيه الأمير تشارلز على صهوة حصان، على غرار ما كانت تفعل والدته، فيما حلقت طائرات في الأجواء.
ووقف إلى جانب الملكة على شرفة قصر باكينغهام، إحدى أشهر الشرفات في العالم حيث تحتفل العائلة الملكية بالأحداث المهمة منذ القرن التاسع عشر، الأفراد الرئيسون النشطون في العائلة وأطفالهم.
ولم يكن بين هؤلاء الأمير هاري وزوجته ميغن اللذان تابعا العرض من مبنى آخر. وغاب أيضاً الأمير أندرو نجل الملكة الذي دفع ملايين الدولارات لحفظ شكوى ضده بارتكاب اعتداء جنسي.
من جانب آخر، أظهرت لقطات بثها التلفزيون أن شخصين على الأقل تسببا في اضطراب خلال العرض العسكري الخميس إذ ركضا أمام الجنود المشاركين فيه قبل أن يتم اعتقالهما وبدا أن أحدهما كان يرفع لافتة والآخر يضع على رأسه تاجا مطليا باللون الذهبي.
وفي بلد أمضى السنوات الأخيرة ممزقاً بشأن "بريكست" وعانى في الصميم من جائحة "كوفيد-19" وعمليات الحجر الصارمة، ويواجه الآن ارتفاعاً كبيراً في الأسعار، توفر هذه الأيام الأربعة متنفساً ضرورياً.
وفي رسالة خطية، قالت الملكة والقائدة العليا لـ15 بلداً من المملكة المتحدة إلى كندا مروراً بنيوزيلندا: "آمل أن تشكل الأيام المقبلة فرصة للتفكير في ما أنجز خلال السنوات السبعين مع التطلع إلى المستقبل بثقة وحماسة".
لم يسبق لأي عاهل بريطاني أن جلس على العرش لهذه الفترة الطويلة. ومن غير المرجح أن يحقق أي ملك آخر ذلك. فالأمير تشارلز وريث العرش يبلغ 73 عاماً فيما نجله ويليام سيحتفل بعيد الأربعين قريباً.
وقد تأكد خروج الملكة إليزابيث إلى شرفة باكينغهام، مساء الأربعاء فقط، خصوصاً أن مشاركة الملكة في مناسبات عامة باتت قليلة.
وتثير صحة إليزابيث الثانية قلقاً في الفترة الأخيرة، فقد أدخلت المستشفى في أكتوبر (تشرين الأول) حيث أمضت ليلة وألغت كل مشاركتها تقريباً في مناسبات رسمية وحل مكانها الأمير تشارلز. وقد ألقى نيابة عنها للمرة الأولى خطاب افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان.
وتواجه الملكة صعوبة في المشي وتستعين بعصا.
وكانت الملكة المؤمنة جداً، تعهدت في سن الحادية والعشرين تكريس "حياتها كاملة" لخدمة البريطانيين ولا يبدر عنها أي مؤشر على أنها ستتخلى عن العرش قريباً. وقد شاركت في الفترة الأخيرة في مناسبات عدة بشكل مفاجئ، لا سيما معرض تشيلسي الشهير للزهور في لندن على عربة كهربائية.
وشهدت العائلة الملكية أزمات عدة فيما تواجه انتقادات متزايدة، لا سيما في المستعمرات السابقة بشأن الماضي الاستعبادي للإمبراطورية البريطانية. وبعد باربادوس العام الماضي، قالت جامايكا إنها تريد قطع الروابط مع العرش البريطاني لتتحول إلى جمهورية.
في المملكة المتحدة، لا تزال الملكة تتمتع بشعبية كبيرة مع نسبة تأييد تصل إلى 75 في المئة، وفق ما أفاد معهد يوغوف لاستطلاعات الرأي، فيما الأمير تشارلز يحظى بتأييد 50 في المئة من السكان.
وجاء في نتائج الاستطلاع أن 62 في المئة يريد استمرار النظام الملكي، إلا أن الرأي منقسم في صفوف فئة 18-24 عاماً (33 في المئة مؤيد، و31 في المئة معارض). ويرى 39 في المئة من البريطانيين فقط أن العائلة الملكية ستستمر لمئة سنة إضافية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في هذه المرحلة الانتقالية الزاخرة بالتساؤلات، توفر الاحتفالات بيوبيل الملكة وقتاً مستقطعاً يركز على شخصيتها. فبعد الظهور على شرفة قصر باكينغهام، ستشارك مساء في مراسم تضاء خلالها لوحات ضوئية من قصر ويندسور غرب لندن حيث باتت تقيم.
ويقام الجمعة، قداس شكر في كاتدرائية القديس بولس في لندن بمشاركة كل أفراد العائلة بمن فيهم هاري وزوجته ميغن والأمير أندرو.
والسبت، ستغيب الملكة عن سباقات دربي أبسوم للخيول وفق ما ذكرت الصحف على الرغم من شغفها الكبير.
ويلي ذلك حفلة موسيقية كبيرة ستتابعها الملكة عبر التلفزيون، تقام في قصر باكينغهام بمشاركة 22 ألف شخص وفنانين من أمثال أليشا كيز وديانا روس.
والأحد، سيسير عشرة آلاف شخص في شوارع لندن. وسيشارك ملايين البريطانيين في آلاف المآدب الاحتفالية في الأحياء، واحتفالات في الشوارع تكريماً للملكة التي تعالت على الأزمات وعاصرت العهود المختلفة بقوة عزيمة لافتة.