يناقش مجلس الشيوخ المصري هذا الأسبوع، تقريراً يدعو الحكومة إلى إعادة النظر في خططها للتخارج بالكامل من قطاعات اقتصادية معينة، وفق ما أعلنته لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالمجلس.
وفي حين يحظر الدستور المصري على مجلس الشيوخ مناقشة الموازنة السنوية التي تعرضها الحكومة، فإن بإمكانه مناقشة خطة التنمية المستدامة والموازنة الصادرة عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، في الوقت الذي يجري عرض الموازنة على مجلس النواب. وسوف يستخدم مجلس الشيوخ تقرير لجنة الشؤون المالية لديه حول موازنة وزارة التخطيط لمناقشة اعتراضات بعض النواب على الخطة الأوسع التي ستشهد انسحاب الحكومة من 79 نشاطاً اقتصادياً بالكامل خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، كجزء من خطط زيادة مساهمة القطاع الخاص في اقتصاد البلاد.
وذكر التقرير أن "الدور المهيمن للدولة يجب أن يكون جنباً إلى جنب مع القطاع الخاص، حتى تتمكن الأولى من مواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية وامتصاص صدماتها والتخفيف من تأثيرها السلبي في الطبقات المعرضة للخطر". ودعا إلى إعادة هيكلة الشركات الصناعية المملوكة للدولة لتعظيم الصادرات والإيرادات بالعملة الصعبة، "بدلاً من طرح حصص بتلك الشركات أو بيعها".
في الوقت ذاته، أعرب بعض النواب عن معارضته خطط الحكومة لبيع حصص في أصول مملوكة للدولة إلى مستثمرين محليين ودوليين، لكن المعطيات القائمة تشير إلى أن الحكومة المصرية لن تتراجع عن قراراتها.
خطة لجمع 40 مليار دولار في 4 أعوام
خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت الحكومة المصرية اعتزامها إشراك القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بـ10 مليارات دولار سنوياً لمدة 4 أعوام. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنه كلّف الحكومة الإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بـ10 مليارات دولار سنوياً ولمدة 4 أعوام.
وأعلن وقتها أنه وجّه الحكومة بطرح شركات مملوكة للجيش في البورصة قبل نهاية العام الحالي. وفي تصريحات حديثة، قال المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي أيمن سليمان إنه يجري إعداد شركتي "وطنية" لتوزيع المنتجات البترولية، والشركة الوطنية لتعبئة المياه الطبيعية "صافي"، للطرح في البورصة المصرية قبل الصيف المقبل. وأوضح السيسي أيضاً أنه وجّه الحكومة لطرح حصص بشركات مملوكة للدولة لا يسهم فيها الجيش.
وأفادت مسودة وثيقة تداولتها وسائل إعلام مصرية، بأن الحكومة حددت قطاعات تقول إن الدولة ستتخارج من أنشطة فيها على مدار الأعوام الثلاثة المقبلة في إطار تشجيع القطاع الخاص.
وتعرّض الاقتصاد المصري لهزة جراء نزوح رؤوس أموال وارتفاع كُلف الاستيراد ولصدمة في قطاع السياحة ناتجة من الحرب الروسية على أوكرانيا. وتجري الحكومة محادثات في شأن برنامج قرض جديد مع صندوق النقد الدولي. وتقول إنها تستهدف إتاحة أصول مملوكة للدولة بقيمة 40 مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص المصري أو الأجنبي على مدار أربعة أعوام وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاستثمارات المنفذة من 30 في المئة حالياً إلى 65 في المئة خلال ثلاثة أعوام.
كما تتحدث الحكومة عن بيع مجموعة من الأصول الحكومية منذ سنوات، لكن الخطط أُجّلت في الغالب، ما يرجع إلى أسباب منها اضطرابات في السوق وعقبات قانونية وبيروقراطية. وبحسب الوثيقة، فإن الأنشطة التي تعتزم الحكومة التخارج منها خلال ثلاثة أعوام تشمل الحبوب باستثناء القمح، وإنشاء الموانئ ومحطات تحلية المياه وأنشطة البناء باستثناء بعض المشاريع العامة.
وتشمل المجالات التي تعتزم الحكومة الحفاظ على وجودها مع إمكانية تقليصه محطات توليد الكهرباء والتعليم قبل الابتدائي وإدارة وتشغيل وصيانة مترو الأنفاق والملكية العقارية وإنتاج الألبان وأنشطة الوساطة المالية المساعدة. كما تتضمن المجالات التي من الممكن أن تزيد الدولة وجودها فيها البنية التحتية للنقل والتعليم وإنتاج ورفع مياه الشرب وأنشطة متعلقة بقناة السويس وبعض أنشطة الوساطة المالية والتأمين.
طمأنة المستثمرين المصريين والأجانب
في سياق متصل، قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إن الحكومة تخطط لضخ مزيد من الاستثمارات المؤسسية في البورصة لزيادة السيولة وتحفيز الاستثمارات الأجنبية. وأشار إلى أن هذه الاستثمارات تسهم في تحقيق استقرار السوق، وتلعب دوراً رئيساً في طمأنة المستثمرين المصريين والأجانب. وتبحث الحكومة زيادة استثمارات المؤسسات الحكومية كصناديق المعاشات والتأمينات العامة والخاصة في البورصة.
ومن المقرر أن تعقد الحكومة المصرية عدداً من الاجتماعات مع الجهات ذات الصلة لمناقشة آليات التنسيق من أجل تسريع عملية زيادة الاستثمارات المؤسسية الحكومية في البورصة، وكذلك اجتماعات لإعادة تعريف مسؤولي ومديري التأمينات والمعاشات بمزايا ضخ الأموال في البورصة. ويُتوقع أن تتسبب مضاعفة الحد الأدنى لنسبة الاستثمار المسموح بها من أموال التأمينات إلى 10 في المئة في "إنعاش" السوق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسعت القاهرة طيلة أعوام إلى بيع حصص في شركات مملوكة للدولة ضمن برنامج الطروحات، لكنها قابلت عراقيل عدة كانت من بينها موجة البيع من قبل المستثمرين الدوليين في الأسواق الناشئة خلال عامَي 2018 و2019، ثم جائحة كورونا خلال عامَي 2020 و2021. وتمكنت الحكومة حتى الآن من بيع حصة إضافية في الشركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني" المدرجة بالفعل بالبورصة، كما أتمت بنجاح طرح شركة التكنولوجيا المالية "إي فاينانس" في موسم الخريف الماضي.
وكانت الحكومة المصرية أعلنت في وقت سابق، عزمها استئناف برنامج متعثر لإدراج أو بيع حصص إضافية في أكثر من 20 شركة حكومية. ووفق بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، تلقّت الحكومة عروضاً من 4 تكتلات دولية لإعادة تأهيل وتطوير مجمع التحرير في وسط القاهرة، لكنها رفضت تقديم تفاصيل إضافية حول العروض.
توجيهات رئاسية بإعادة هيكلة الاقتصاد
وقبل أيام، أعلن السيسي عن حزمة قرارات تتعلق بإعادة هيكلة الاقتصاد، من بينها تكليف الحكومة عقد مؤتمر صحافي عالمي لإعلان خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، مع توجيه الحكومة بتعزيز جميع مجالات الدعم المقدم لمزارعي القمح في مصر، وذلك بزيادة المحفزات المقدمة إلى هؤلاء، سواء كانت مادية أو خدمية، بما يحقق رفع الاكتفاء الذاتي من القمح.
ووجّه السيسي بدعم مضاعف للقطاع الخاص خلال المرحلة المقبلة للاضطلاع بدوره في تنمية الاقتصاد وتوفير البيئة اللازمة لتحقيق ذلك، وأعلن إطلاق مبادرة لمساندة وتوطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي، من خلال تعزيز دور القطاع الخاص في توسيع القاعدة الصناعية للصناعات الكبرى والمتوسطة.
كما كشف الرئيس المصري عن إعادة تفعيل عمل لجنة العفو الرئاسي التي تم تشكيلها كأحد مخرجات المؤتمر الوطني للشباب، على أن توسع قاعدة عملها بالتعاون مع الأجهزة المتخصصة ومنظمات المجتمع المدني المعنية، إضافة إلى تكليف الوزارات والمؤسسات والأجهزة المعنية باستمرار عمل المعارض التي أسهمت في توفير السلع الأساسية للمواطنين على مستوى محافظات الجمهورية، بالاستمرار في تقديم جميع السلع الأساسية للمواطنين بأسعار مدعمة وحتى نهاية العام الحالي.
كما أصدر تعليمات إلى الحكومة بطرح رؤية متكاملة للنهوض بالبورصة المصرية، مع الإعلان عن خطة واضحة يتم الالتزام بها لخفض الدين العام كنسبة من الدخل القومي، وأيضاً، تكليف الحكومة الإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة بمستهدف 10 مليارات دولار سنوياً ولمدة 4 أعوام، مع الطلب من الحكومة البدء بطرح حصص من شركات مملوكة للدولة وشركات مملوكة للقوات المسلحة في البورصة قبل نهاية العام الحالي.