من المرجح أن يجد روري ستيوارت سيارة أجرة تنتظره خارج قصر البرلمان في ويستمنستر عندما يتم الإعلان عن نتائج الاقتراع الأخير لنواب حزب المحافظين الثلاثاء.
ستكون جاهزة لنقله إلى منزل زوجته شوشانا وطفليه الصغيرين، بعد أن يتم إبعاده من سباق قيادة المحافظين عقب حملة جريئة - لكن غير واقعية في نهاية المطاف – ليصبح رئيس الوزراء المقبل. فهذه ستكون النتيجة التي توقعها معظم المراقبين عندما انطلق السباق الشهر الماضي، وهي النتيجة التي ما زال الكثيرون يعتقدون أنها الأكثر ترجيحًا.
لكن سيكون هناك عنوان آخر مبرمج في نظام تحديد المواقع الخاص بسائق التاكسي يوم الثلاثاء، وهو عنوان لاستوديو بي بي سي الذي لا يبعد كثيرا عن ويستمنستر، حيث سيسرع إليه ستيوارت بعد إعلان النتائج إذا راح كل شيء كما هو مخطط له.
هناك، سيواجه ستيوارت رأساً برأس بوريس جونسون، المرشح البارز الذي أمضى أسابيع في مهاجمته، في مناظرة تلفزيونية بين المرشحين المتبقين، سيرتفع معها بسرعة احتمال مثير بإجراء جولة أخيرة بين الرجلين.
ستكون هذه نتيجة رائعة، بالنظر إلى أن وزير التنمية الدولية الذي تم تعيينه حديثًا كان غريبا وبالكاد يعرفه أحد عندما انطلق سباق القيادة في الشهر الماضي، وكان متوقعا على نطاق واسع أن يكون واحدا من أوائل الذين سيتم إقصاؤهم.
لكنه لم يعد كذلك. لقد قاد حملةً غير تقليدية مقترنة بنهج مباشر ونزيه وموقف قوي ضد الخروج من دون صفقة من الاتحاد الأوروبي. تلك الحملة التي قادها قادته إلى دائرة الضوء، فدفع المراهنين على نتيجة الانتخابات إلى رفع احتمالات أن يصبح رئيس وزراء بريطانيا المقبل. (هو الآن المرشح الثاني المفضل)
وفي الوقت الذي يراه بعض نواب حزب المحافظين المعتدلين على نحو متزايد كأفضل أمل لهم لوقف بوريس جونسون في طريقه إلى داونينغ ستريت، فإن ستيوارت أمامه تحد كبير إن أراد زيادة عدد أصواته من 19 صوتًا التي حصل عليها في اقتراع الأسبوع الماضي إلى 33 اللازمة للتقدم بعد الجولة الأخيرة.
سيكون ذلك أصعب من أي رحلة شاقة قام بها. لكن من هو روري ستيوارت، الرجل الذي أثار عاصفة في سباق قيادة حزب المحافظين؟
في رد صريح كعادته على سؤال بشأن نقاط ضعفه، قال ستيوارت خلال حملة انتخابية بُثت على التلفزيون يوم الأحد الماضي إن أحد أكبر عيوبه هو تربيته المتميزة.
لقد ولد في عام 1973، وهو نجل براين ستيوارت - دبلوماسي بريطاني ونائب رئيس جهاز الاستخبارات إم آي 6 - وزوجته سالي أكلاند روز نوجينت. نشأ في ماليزيا حيث كان والده متمركزا، ثم في اسكتلندا. تلقى تعليمه في إيتون وجامعة أكسفورد، حيث درس السياسة والفلسفة والاقتصاد. وأثناء وجوده في الجامعة، عمل كمدرس خاص للأمير وليام والأمير هاري.
ما حدث بعد ذلك هو محل بعض الخلاف. فالرواية الرسمية للأحداث تقول إن ستيوارت انضم إلى وزارة الخارجية وخدم في إندونيسيا في وقت أزمة تيمور الشرقية ومحاولتها الاستقلال، ثم بعد ذلك في الجبل الأسود في إعقاب التدخل في كوسوفو المجاورة.
تشير تقارير أخرى إلى أنه كان في الحقيقة جاسوسا. بالنظر إلى موقع والده في أجهزة الاستخبارات، تم تجنيد روري الشاب بعد فترة وجيزة من مغادرته الجامعة وعمل ضابط مخابرات لمدة سبع سنوات، بحسب الرواية.
وقد نفى النائب ذلك عندما سأله صحفيون يوم الاثنين عما إذا كان جاسوسًا، لأنه سيكون ملزما قانونيا بالكشف عما إذا كان عميلًا سريًا بالفعل. لكن، بعد الإلحاح عليه في هذه القضية يوم الثلاثاء، قال في تصريح مشفر لقناة بي بي سي: "بالتأكيد سأقول إنني خدمت بلدي، وإذا سألني أحدهم ما إذا كنت جاسوساً، فأنا سأقول لا".
كان ما قام به بعد ذلك أكثر وضوحا. ففي عام 2000 - التاريخ الذي زعم فيه أنه توقف عن العمل مع الحكومة بشكل مباشر– سافر مشيا على الأقدام لمسافة 6000 ميل عبر أفغانستان وباكستان وإيران ونيبال والهند - وهي رحلة أصبحت أساسا لثلاثة كتب نالت استحسانا واسع النطاق.
عاد ستيوارت إلى الشرق الأوسط بعد غزو العراق عام 2003، ليصبح نائب حاكم محافظة ميسان في جنوب العراق.
بعد فترة قصيرة من التدريس في جامعة هارفارد، ساعد في عام 2005 في إنشاء مؤسسة جبل الفيروز، وهي منظمة غير حكومية تعمل في أفغانستان في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للبلاد.
كان براد بيت مهتمًا جدًا بقصة ستيوارت في هذه المرحلة لدرجة أنه اشترى حقوقًا لإنتاج فيلم عن حياته. غير أن نجم هوليوود فقد اهتمامه عندما أصبح ستيوارت عضوًا في حزب المحافظين، وفاز بمقعد مقاطعة بينريث آند بوردرز في الانتخابات العامة لعام 2010.
وسرعان ما تم ترشيحه ليصبح رئيسا للوزراء في المستقبل بعد دخوله البرلمان، لكن حياته السياسية بدأت بداية بطيئة. فقد أمضى ست سنوات على المقاعد الخلفية قبل تعيينه في سلسلة من الأدوار الوزارية، بما في ذلك وزير السجون، حيث أثار الدهشة عندما تعهد بالاستقالة إذا لم تتحسن حالة سجون المملكة المتحدة في غضون عام.
حصل ستيوارت أخيرا على فرصته الشهر الماضي، عندما تمت ترقيته إلى الحكومة كوزير للتنمية الدولية في تعديل وزاري بعد إقالة غافن ويليامسون كوزير للدفاع. لقد كان ذلك جزئياً مكافأة على ولائه ودفاعه القوي عن صفقة تيريزا ماي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي- وهو موقف حافظ عليه خلال سباق قيادة حزب المحافظين.
ومع ذلك لقي تعيينه تجاهلا إلى حد كبير، وظل ستيوارت غير معروف كثيرا خارج وستمنستر. لكن ذلك تغير عندما أعلنت ماي استقالتها كرئيسة للوزراء. ففي غضون أيام من ذلك، أعلن ستيوارت أنه سيترشح لخلافتها، وأطلق جولة مشي في بريطانيا سافر خلالها في جميع أنحاء البلاد، ويتحدث إلى الناخبين ويصور الأحاديث على كاميرا هاتفه.
في البداية كان ينظر إليه باعتباره غريبا مسليا غير ذي أهمية إلى حد كبير. لكن سرعان ما اكتسب ترشيحه زخما، بعد مشاركته في المناظرة بين المرشحين في القناة الرابعة البريطانية الأحد الماضي، حيث حصل على إشادة المعلقين وتلقى لاحقًا بعض الدعم من شخصيات بارزة، بما في ذلك ديفيد ليدينغتون، نائب رئيسة الوزراء تيريزا ماي. ويشاع أن ماي نفسها قد صوتت لصالحه.
في مقابلة أجريت معه العام الماضي، اعترف ستيوارت أنه سيكون "من الصعب" بالنسبة له أن يصبح رئيسا للوزراء. وبالرغم من التغطية الكبيرة التي تلقتها حملته، إلا أن ذلك لم يتغير. فنسبة الدعم التي يتلقاها من أعضاء البرلمان المحافظين آخذ في الازدياد لكنه لا يزال هشًا، كما أن مكانته بين الأعضاء في حزب المحافظين المشككين في الاتحاد الأوروبي تبقى ضعيفة.
ومع ذلك، فإن المرشح غير المرجح الذي يدير أكثر الحملات خروجا عن المألوف قد حقق بالفعل ما لم يكن في الحسبان. قليلون الآن هم من سيراهن على تقدمه إلى الجولة التالية، وقد تقلصت احتمالات وصوله إلى الجولتين الأخيرتين بسرعة.
لكن مهما حدث بعد ذلك، فإن ستيوارت هو الفائز الواضح في السباق حتى الآن. فالكثيرون في وستمنستر يتساءلون الآن: إلى أي مدى فقط يمكن أن يذهب؟
© The Independent