قال الرئيس الأميركي جو بايدن قبل جولته المنتظرة في الشرق الأوسط الشهر المقبل، إن الهدف من زيارته للرياض "ليس الضغط على السعودية لزيادة إنتاج النفط"، مؤكداً أنه سيلتقي "بالعاهل السعودي وولي عهده".
وتأتي تصريحات بايدن قبل نحو 13 يوماً من زيارة للشرق الأوسط، يبدأها بإسرائيل قبل أن يتوجه بعدها إلى السعودية للمشاركة في قمة إقليمية تعقد في جدة.
وجدد بايدن للصحافيين تأكيده في ختام مشاركته بقمة "الناتو"، قائلاً إن "الهدف من الزيارة ليس لزيادة إنتاج النفط بغية كبح أسعاره، بل لدفع التكامل بين المنطقة وإسرائيل".
هل تطوى صفحة الأمس؟
وكان محللون سياسيون رأوا في الزيارة المرتقبة أنها قد "تجب ما قبلها" من خلافات بين البلدين الصديقين، وإن لم تنهِها بالكلّية، بخاصة أن الطرفين لم يرغبا بأن يكون اللقاء عابراً، وإنما استبقاه بالتحضير والنقاش لأبرز الملفات التي يعتقد أن المواقف المتباينة حولها تقف خلف استياء الطرفين.
وأشار مراقبون إلى أن الرياض، وإن فتحت أبوابها أخيراً للرئيس الأميركي، فإن ذلك لم يكُن بلا ثمن، إذ يأتي بعد سلسلة من المواقف الإيجابية الرامية إلى تصفية الأجواء بين بلدين لطالما وصفا علاقاتهما بـ"التاريخية الراسخة"، قبل أن تظللها غمامة منذ وصول الرئيس الأميركي الحالي إلى السلطة، أثارت سجالاً ونقاشاً على المستويات كافة.
إلا أن الزعيم الديمقراطي الذي بدأ عهده برسائل مزعجة لحلفاء واشنطن التقليديين تبعاً لسردية اليسار المتطرف، أقنعته المؤشرات الدولية في أشهر مضت، بأن حل كثير من معضلاته والعالم، لا بد فيها من الرياض، وإن اختلفت معه في كثير من التفاصيل، التي جعلته يحاول اتخاذها دولة منبوذة، بعد أن كانت صاحبة المقام المحمود لعقود في مراكز القرار بالولايات المتحدة والغرب الأكبر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان العد التنازلي للزيارة بدأ عندما نقلت "سي أن أن" الأميركية بعد منتصف مايو (أيار) الماضي عن مسؤولين في البيت الأبيض، أن "بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قد يجتمعان للمرة الأولى في أقرب وقت، بعد أشهر من البرود الدبلوماسي، ما يمثل تحولاً لرئيس الولايات المتحدة، الذي أعلن ذات مرة السعودية "منبوذة".
وقالت إن ذلك جاء بعد محادثات مضنية لمسؤولين أميركيين مع السعوديين بشأن ترتيب لقاء شخصي محتمل أثناء جولة الرئيس الشرق أوسطية، لكن ذلك يبدو أنه لم يرُق للرياض التي ثبتت على موقفها على الرغم من المناورة الأميركية، فجاء بايدن إليها في زيارة مطولة ومستقلة، تطورت إلى قمة إقليمية لم يغِب عنها من حلفاء واشنطن غير إسرائيل، التي ترفض الرياض حتى الآن إبرام اتفاق سلام معها، وهو ما ترددت أنباء عن ضغط الأميركيين لإثنائها عن هذا الموقف، إلا أن السعودية دائماً ما علقت ذلك بتطبيق إسرائيل مبادرة السلام العربية.
ولفتت القناة في ذلك الحين إلى أن أي اجتماع من هذا النوع كان سيكون روتينياً بين بلدين حليفين مثل السعودية وأميركا، فإنه "يمثل الآن تحولاً كبيراً بسبب التوتر الأخير في العلاقة، ومن المحتمل أيضاً أن يثير ذلك بعض الجدل في الداخل بالنسبة إلى بايدن".
"لا أهتم بالأمر"
وكان البيت الأبيض سعى من قبل إلى التقليل من شأن أي محادثات مباشرة بين بايدن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ووصف الزيارة المرتقبة إلى الرياض بأنها اجتماع مع زعماء دول الخليج.
لكن السعودية ردت بقسوة على الموقف الأميركي، إذ أجاب ولي العهد عن سؤال لمجلة "ذا أتلانتك" حول ما إذا كان الرئيس جو بايدن أساء فهم شيء ما عنه، فقال "ببساطة لا أهتم. الأمر يرجع له بالتفكير في مصالح أميركا. ليس لدينا الحق في تلقينكم محاضرات في أميركا، والعكس ليس لديكم الحق بالتدخل في شؤوننا الداخلية".
ولهذا تعتقد القناة الأميركية في تحليلها الشهر الماضي بأنه بالنسبة إلى بايدن، فإن "العودة إلى علاقات أفضل مع السعودية تعكس الخيارات غير المريحة في بعض الأحيان التي يجب على القائد اتخاذها عند التنقل في السياسات المعقدة للنفط وحقوق الإنسان وشبكة العلاقات الشرق أوسطية"، على حد قولها، لتشير إلى أن "الحديث عن التقارب مع السعوديين، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، يأتي مع استمرار ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة".
وألمحت القناة إلى أن بايدن في وضع لا يحسد عليه بسبب مواقفه المتضاربة ضد السعودية وبعض حلفائها، في وقت وجد نفسه فجأة في أمسّ الحاجة إليها، ولا يسعه تجاهلها، إن أراد أقصر طريق لحل مشكلات أميركية وعالمية.