لا مكان في ويغان تشتري منه سيدة حمالة للصدر.
ويبدو أن هذه هي الشكوى التي كثيراً ما تسمعها جانيت ديكينسون، مديرة "ليدي ديزاينر وير"، آخر بوتيك لملابس السيدات في وسط بلدة ويغان. "ثمة سيدات يأتين إلى هنا قائلات إنهنّ لا يستطعن العثور حتى على حمالة للصدر".
قد يكون الأمر ببساطة أن النساء اللاتي يرتدين حمالات للصدر في ويغان يستطعن أن يحدثن الفارق [يغيرن هذا الواقع]، وأن الحكومة قد تتنبه أخيراً إلى ما يحدث في محلاتنا للبيع بالتجزئة. والسبب، الحق يقال، أن الحكومة تتجاهل بإصرار إلى الآن الأزمة التي تتكشف في بلادنا.
فشوارع التسوق والمناطق التجارية في البلدات والمدن تنزف [تغلق أبوابها]. لقد دخلت مستخدمة مجهولة إلى "مامسنت" (المنصة المحبوبة من السياسيين، ولا سيما في وقت الانتخابات) لتقول كيف أن ويغان "خسرت متاجر "دبنهامس"، و"نكست"، و"ماركس أند سبنسر"، و"أتش أند أم"، و"ذا بادي شوب"، ومكتبها البريدي المركزي، ومحلات خاصة بالألعاب، ومقاهي، والمطاعم كلها، ومتاجر للأغذية الصحية، ومعظم مقاصفها، وسوقها الكبرى، وكثيراً من مصارفها، ونوادي ليلية، ومكتبات، وكثيراً من المحلات الخيرية، وصالوناتها الفاخرة لتصفيف الشعر كلها". وأضافت، "حلت محل هذه المؤسسات صالونات مؤقتة للعناية بالحواجب/ الرموش، ومطاعم للوجبات السريعة، ومحلات الجنيه الواحد، ومتاجر فك أقفال الهواتف، ومتاجر تشتري أشياء مستعملة وتبيعها، و"بريمارك" (متجر الملابس الوحيد المتبقي)، و"أيسلاند". أما بقية المحلات فمغلقة بألواح".
وتابعت السيد، "لا أفهم كيف ساء الوضع هكذا. لماذا انتهى كل شيء فحسب؟ كان كل شيء [في الماضي القريب] ينبض بالحياة بكل تأكيد".
وسرعان ما نال المنشور أكثر من 400 تعليق، وشارك أشخاص مشكلات تتعلق بمتاجر البيع بالتجزئة في مختلف أنحاء البلاد ودعوا إلى إجراءات تتعلق برسوم مواقف المركبات وضرائب الأعمال، وفرض ضريبة منصفة على جهات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت.
وثمة دلالة أيضاً في زيارة إلى ويغان قامت بها "دايلي ميل" وملاحظتها صعوبة الحصول على حمالة صدر جديدة.
كانت متاجر البيع بالتجزئة في انحدار، قبل حلول "كوفيد"، بسبب ضرائب الأعمال المرتفعة، والافتقار إلى مواقف مجانية للسيارات، والنمو في متنزهات التجزئة خارج البلدة، وارتفاع معدلات التسوق عبر الإنترنت. ولم تسفر الجائحة إلا عن التعجيل بالتحول نزولاً.
وأدى عامل آخر مرتبط بـ "كوفيد" دوراً. لم يفرض تفشي المرض إغلاق المحلات ويدفع الناس نحو الشراء عبر الإنترنت فحسب، بل غيّر أيضاً أنماط العمل، جاعلاً فكرة العمل من المنزل مقبولة في شكل عام.
فالقيود التي فُرِضت بسبب "كوفيد" مرفوعة منذ أشهر، ومع ذلك، ما من علامة على عودة بالجملة إلى المكاتب، ليس في شكل جماعي، وليس كل يوم من أيام أسبوع العمل. يوجد أشخاص في الطوابق الأرضية، لكن فوق، في مباني المكاتب، الأضواء مطفأة والغرف فارغة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والنتيجة هي أن الشركات كلها التي كانت تعتمد على خدمة المتنقلين والعاملين في المكاتب اختفت الآن. فالأكشاك الموجودة في الطرق المفضية إلى المحطات، وحانات السندويشات، ومحلات تنظيف الملابس، ومحلات إصلاح الأحذية، والمتاجر التي تبيع أحذية وقمصاناً وربطات عنق وبذلات مناسبة للعمل، إما اختفت أو ستختفي على الأرجح.
في وست إند بلندن، اختفت كل المتاجر الصغيرة التي كانت تنتشر في محطات مترو أنفاق لندن. وفي محطة بيكاديلي سيركس، لم يكن هناك منفذ مفتوح واحد عندما مررت أخيراً بالمكان. والحال نفسه في القلب التجاري للندن، في قلب القلب، حيث محل تلو آخر، في المحطة وفوق الأرض، وفي الطرق الثانوية والجانبية، مغلق بألواح. كانت تشغل تجارتها يوماً من خلال توفير إمدادات للتدفقات الثابتة من البشر الذاهبين إلى العمل والمغادرين إياه، وأثناء فترات استراحتهم من العمل. لم تعد تفعل. قد يبدو الأمر طبيعياً في بعض الأيام، لكن ليس في كل الأيام، وهذه هي النقطة المهمة، لن يتسنى لها أن تزدهر إذا انخفضت أعداد الناس ليومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع.
الأسبوع الماضي، تعرضت أسهم الشركات المالكة للمكاتب إلى ضربة بعدما حذر مصرف استثماري من أن "أيام مجد القطاع العقاري باتت معدودة". فقد خفض محللون في "بنك أميركا" توقعاتهم لأرباح الشركات العقارية المتخصصة في المساحات المكتبية بنسبة سبعة في المئة سنوياً على مدى السنوات الـ10 المقبلة.
واستند المصرف في أنبائه الكئيبة إلى استنتاج مفاده بأن "العمل من المنزل والعمل المزدوج مرشحان للاستمرار".
ولا يرى مارك موزي، كبير المحللين للعقارات الأوروبية في "بنك أميركا"، وفريقه، أي اتجاه آخر غير بدء قيم المباني المكتبية الهبوط. وعلى مدى العامين المقبلين، يتوقع هو وفريقه "في شكل متحفظ" انزلاقاً بواقع 12 في المئة في قيم المكاتب.
ويبدو أن الحل الذي تقدمت به الحكومة حتى الآن يتلخص في إلقاء مبالغ عشوائية من المال في وجه المشكلة، تسليم منح إلى المجالس البلدية التي تُعتبَر جديرة بنحو خاص على أمل تحسين مناطق محلات البيع بالتجزئة لديها وجعلها أكثر جاذبية. لكن يبدو أن السلطات المحلية لا تملك كثيراً من الأدلة، وهي تتراجع الآن عن تحويل المحلات الكبرى السابقة، مثلاً، إلى مبان مختلطة الاستخدام كمكاتب وشقق.
لكن الإجراءات كلها عشوائية، وهي تستند إلى حد كبير إلى فرص نجاح ضئيلة. نحن بحاجة إلى شيء أكثر تضافراً ودراسة. يجب أن يستيقظ بوريس جونسون وزملاؤه، ويدرك أن هذا يحدث الآن، في كل دائرة انتخابية، وأن التداعيات الاجتماعية والتداعيات على الصحة العقلية ستكون على القدر نفسه من الأهمية كأي تداعيات جاء بها "كوفيد".
وينبغي مجدداً ممارسة الدرجة نفسها من التركيز والإلحاح، من التفكير المشترك في مختلف الإدارات الحكومية، وفي الإدارة العامة والسلطات المحلية، التي مورست في مكافحة الجائحة. فالأمر بهذه الخطورة. وسيخطئ المسؤولون على نحو خطير إذا استبعدوا عدم توافر حمالات الصدر في ويغان باعتباره مسألة تافهة. هو يشير إلى مشكلة متنامية، مشكلة يتعين عليهما أن يبدأوا في التعامل معها.
© The Independent