أثار أطباء "مخاوف جدية" بشأن طرح جرعات معززة ضد "كوفيد" في الخريف المقبل، محذرين من أن خفض التمويل الحكومي سيحول دون تحمل كثيرين لتكاليف تقديم اللقاحات.
في التفاصيل أن "وكالة الأمن الصحي" (UKHSA) في المملكة المتحدة أعلنت أنها ستقدم جرعة جديدة خاصة بمتحور "أوميكرون" التي طرحتها شركة "موديرنا" لمن هم فوق 50 عاماً، وذلك كجزء من برنامج التطعيم الأخير الذي من المقرر أن يبدأ في سبتمبر (أيلول) المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولكن "اندبندنت" علمت من رؤساء كبرى المراكز الصحية أنه في ظل خفض التمويل المخصص وارتفاع التكاليف، وكذلك النقص في أعداد الموظفين، فإن تقديم اللقاح سيكون "غير ممكن".
في هذا الصدد، ذكرت "الجمعية الطبية البريطانية"British Medical Association (BMA) أن "مخاوف جدية" تعتريها بشأن مدى التأثير السلبي الذي سيلحق ببرنامج التطعيم نتيجة النقص في عدد المراكز التي تقدم الجرعات المعززة، داعية إلى زيادة التمويل المرصود.
فالمبلغ المرصود للجرعة الواحدة في العقد مع المراكز الصحية بشأن تقديم اللقاحات هذا الخريف جرى تخفيضه من 12.58 إلى 10.06 جنيه إسترليني، مع التوقف عن دفع مبلغ إضافي مقداره 10 جنيهات إسترلينية لإعطاء اللقاحات في دور الرعاية والفئات الأخرى الضعيفة.
إزاء هذه الحال، حذرت الدكتورة ميشيل دريج الرئيسة التنفيذية للجان الطبية المحلية في لندن، التي تمثل غالبية المراكز الصحية في العاصمة البالغ عددها 1200 مركز، من أنهم لا يملكون المال اللازم لإطلاق ثلاث حملات تطعيم رئيسة ضد "كوفيد" والإنفلونزا الموسمية وشلل الأطفال في الوقت نفسه.
وأضافت أنه "في ظل أزمة نقص القوى العاملة حالياً، لا يتوفر عدد كاف من الممرضات والممرضين الممارسين لإنجاز هذا العمل اليومي، إعطاء الأولوية للتوزيع العاجل للقاحات المضادة يعني وجوب تقديم الجرعات ما بين المواعيد الروتينية والاستعجال في تطعيم ملايين عدة من سكان لندن بوتيرة سريعة".
كذلك تحدثت في هذا الشأن الدكتورة بريتي شوكلا، رئيسة كل من لجنة الأطباء العامين التابعة لـ"الجمعية الطبية البريطانية" وسياسة الوصفات الطبية، فقالت إن إضافة لقاح "موديرنا" الجديد كجزء من حملة لقاحات الخريف كان نبأ رائعاً في المعركة ضد "كوفيد" بغية وقف المرض عن التفشي مجدداً في الشتاء.
"على الرغم من ذلك وفي خضم الأعباء الحالية المعروفة التي تواجهها عيادات الأطباء العامين وانخفاض التمويل اللازم لتقديم هذه اللقاحات، لدينا مخاوف جدية بشأن بدء تقديم الجرعات، فالمدفوعات المرصودة للمراكز الصحية لإعطاء اللقاحات المضادة انخفضت بنسبة 20 في المئة منذ طرحها العام الماضي، وفي الوقت نفسه شهدت التكاليف على هذه المراكز قفزة مهولة"، وفق الدكتورة شوكلا.
"لا بد من تجميد هذا اللقاح [المخصص لمتحورة "أوميكرون"] وتبريده [للحفاظ على صلاحيته وفاعليته]، وهي عملية مكلفة جداً إذا ما أخذنا في الاعتبار ارتفاع تكاليف الطاقة، اعتماد لقاح ’موديرنا‘ يعزز الحجج الداعية إلى دفع المبلغ عينه الذي كان معتمداً العام الماضي بدلاً من محاولة طرح برنامج للجرعات المعززة بثمن زهيد"، أضافت الدكتورة شوكلا.
وأوضحت أنه "بينما يشعر الأطباء العامون بالسرور لإضافة لقاح جديد إلى ترسانتهم من اللقاحات، إلا أنهم يتساءلون عن مدى جدوى هذا الأمر مادياً إذ سيواجهون خريفاً وشتاء قاسيين".
اعتباراً من الشهر الحالي، يتوفر نحو ألف مركز لتقديم اللقاحات المضادة في المراكز الصحية، و1400 صيدلية، و128 مركزاً كبيراً، وكذلك 245 ملحقاً بالمستشفيات.
بدوره، قال المدير المسؤول عن عدد من عيادات الأطباء العامين التي تغطي آلاف المرضى، إنهم اضطروا إلى التخلي عن برنامج التطعيم في الخريف لأن سد التكاليف "غير ممكن".
"لا نقدم لقاحات ’كوفيد‘ هذا الخريف، ببساطة لا تكفينا الأموال للقيام بذلك، وليست لدينا الاحتياطيات اللازمة لتحميل المراكز عجزاً كبيراً".
"كما تعني مشكلة خفض التمويل أيضاً أن أناساً أقل ستأتي لتلقي الجرعات، فالفقراء وبعض المجموعات الإثنية الذين لا يثقون في مؤسسات الدولة بالتالي التقدم لأخذ اللقاحات، سوف يتعين على ’هيئة الخدمات الصحية الوطنية- NHS‘ حملهم على المجيء وهذه عملية مكلفة".
ويضيف المدير على ما سبق أن "التكاليف أصبحت باهظة وكذلك هي الخدمات، وبات الموظفون الموقتون والدائمون يطالبون بالحصول على مزيد من الأموال لقاء أتعابهم العام الماضي، وفي فترة تكفل الحكومة بنسبة كبيرة من رواتب العاملين أثناء غيابهم عن العمل، كان من السهل الاستعانة بموظفين متطوعين، ولكن هذه الفترة انتهت وعادوا إلى العمل، لقد سئم الناس من التطوع فيما فواتيرهم مرتفعة جداً، في النتيجة سنعتمد أكثر على الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم في إنجاز حتى أمور تنظيم الدور".
كذلك أثار مدير الرعاية الصحية الأولية مخاوف بشأن جدوى طرح برنامج التطعيم ضد شلل الأطفال في لندن، الذي أعلنته "وكالة الأمن الصحي" في وقت سابق من الشهر الحالي، الذي سوف يعني أنه سيكون على كثير من المراكز الصحية تقديم الجرعات لما يزيد على ألف طفل إنما بمستوى التمويل نفسه البالغ 10 جنيهات إسترلينية لكل لقاح.
وقال إن التصريحات عن عمليات توزيع اللقاحات كانت "حيلة سياسية أعلنها أشخاص يقولون إننا نقوم بأمر ما، دونما التحقق فعلياً من القدرة على إنجازه".
ويأتي ذلك في وقت حذر العالم البارز جون بول من أنه مع تطور فيروس "كورونا"، ربما تكون حال المملكة المتحدة "كحال الشخصية الخيالية ’الملكة الحمراء‘ في كتاب ’أليس عبر المرآة‘ (بقلم لويس كارول) التي لا تتوقف عن الركض إنما لا تبرح مكانها، فيما تتسابق لمجاراة المتحورات الجديدة من الفيروس".
يبقى أن "هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا" (NHS England) امتنعت عن الإدلاء بأي تعليق في هذا الشأن، وقد تواصلنا مع وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية للتعليق على الموضوع.
© The Independent