في محاولة لجذب المسافرين الفلسطينيين والرد على الخطوة الإسرائيلية بتسيير أول رحلة جوية لفلسطينيي الضفة الغربية من مطار رامون، اتخذت الحكومة الأردنية خطوات عدة لتطوير معبر جسر الملك حسين الفاصل بين الأراضي الأردنية والفلسطينية.
وبعد أن أثار مطار رامون الإسرائيلي جدلاً كبيراً وتراشقاً بين الأردنيين والفلسطينيين، يبدو أن الأردن استجاب أخيراً لمطالب شعبية فلسطينية بضرورة تحسين ظروف السفر عبر جسر الملك حسين، إثر تلقي شكاوى وملاحظات حول المرافق والبنية التحتية والاكتظاظ الشديد وما يترتب على ذلك من معاناة مريرة للمسافرين.
وتنحصر مطالب الفلسطينيين في تقليل الازدحام عبر زيادة عدد موظفي الجوازات، ووقف ابتزاز "سماسرة النقل"، ووضع آلية جديدة لتفتيش وتسلم حقائب السفر، وتوفير مظلات تقي من الظروف الجوية السيئة، فضلاً عن المرافق الصحية النظيفة، وتقليل الرسوم والأجور.
ويستشهد الفلسطينيون بحالة المعاناة والازدحام غير المسبوق الذي شهده "جسر الملك حسين" في يوليو (تموز) الماضي، حيث تقطعت السبل بآلاف المسافرين الذين اضطر كثيرون منهم إلى المبيت في العراء لأيام.
وتلقي السلطات الأردنية باللوم على الجانب الإسرائيلي الذي يعمل ببطء ويسمح يومياً بدخول 80 حافلة فقط، مما يتسبب بكل هذه المعاناة والاكتظاظ، وهو ما دفع إدارة المعبر الأردني إلى الإعلان عن آلية جديدة تمثلت في الحجز المسبق لتجنب الازدحام.
200 مليون لتطوير المعبر
وأعلن وزير النقل الأردني وجيه عزايزة أن بلاده ستخصص أكثر من 200 مليون دولار لتطوير معبر الملك حسين الذي يطلق عليه الإسرائيليون اسم (اللنبي)، ويسميه الفلسطينيون معبر الكرامة، والذي ظل سنوات طويلة بمثابة متنفس للفلسطينيين وبوابة عبور لهم نحو العالم.
الوزير الأردني كشف عن عطاء لتحسين المقر الدائم لجسر الملك حسين بقيمة 211 مليون دولار، بهدف تسهيل حركة السفر وتبديد المعوقات التي يعانيها المسافرون الفلسطينيون، مؤكداً حرص حكومته على تسهيل إجراءات سفرهم عبر جسر الملك حسين ومن ثم مطار الملكة علياء الدولي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبدد الوزير مزاعم الصمت الرسمي، مشيراً إلى رفض الأردن بشكل قاطع لمطار رامون الإسرائيلي، وأن المملكة قدمت اعتراضاً رسمياً على تشغيله لدى منظمة الطيران الدولية مرتين، الأولى عام 2013، والثانية عام 2019، وأسفر ذلك عن إلغاء الرحلات الجوية الدولية من المطار.
بدوره، قال وزير الداخلية الأردني مازن الفراية إنه "جرى بحث جميع الإجراءات المتعلقة بالمعبر مع الجانب الفلسطيني والاستماع لملاحظاتهم، وبدأنا بإجراء بعض التحسينات المتعلقة بالإجراءات الإدارية، بتسهيل بعضها وزيادة الكوادر العاملة". وأضاف، "سنواصل تحسين البنية التحتية ومرافق الجسر تباعاً، ويلمس المواطنون الأردنيون والفلسطينيون فرقاً كبيراً في التعامل والإجراءات في وقت قريب".
معبر دولي جديد
ويؤكد وزير النقل والمواصلات الفلسطيني عاصم سالم، أنه سيتم فتح المعبر للمسافرين على مدار 24 ساعة بدءاً من شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل ضمن تفاهمات مع الجانبين الأردني والإسرائيلي.
ويقول الوزير الفلسطيني إنه نقل للجانب الأردني بعض الملاحظات والمعوقات التي يمكن حلها والعمل عليها، مضيفاً، "بعض الإجراءات بدأ تنفيذها مباشرة، وهناك تعاون واضح من الجانب الأردني لحل هذه الإشكاليات"، مشيراً إلى أن الأردن يعمل على إنشاء معبر دولي كامل وجديد يليق بالمواطن الفلسطيني، وسيبدأ العمل به في 2023، وينتهي في 2025.
وتوضح وزارة الأشغال العامة والإسكان الأردنية، أن موقع مشروع المعبر الجديد سيكون قريباً من الموقع الحالي وعلى مساحة تقدر بألفي دونم، بحيث يلبي الحاجات المستقبلية المتوقعة لحركة الشحن والمسافرين.
وستقوم فكرة المشروع الجديد على فصل حركة الركاب عن الشحن كلياً، بتخصيص مبانٍ للمسافرين (قادمين ومغادرين) ومواقف للسيارات ومبانٍ وساحات للشاحنات (استيراد وتصدير)، وهو ما سيؤدي إلى تعزيز حركة التبادل التجاري وتخفيض زمن الانتظار والتفتيش للركاب والشحن على حد سواء.
نافذة الفلسطينيين على العالم
وقبل احتلال القدس الشرقية في عام 1967 كان الفلسطينيون يستخدمون مطار القدس للسفر إلى الخارج، لكنهم منذ ذلك الحين يستخدمون مطار الملكة علياء الدولي في الأردن الذي بات مهدداً بخسائر كبيرة منذ الإعلان عن تخصيص مطار رامون الإسرائيلي رحلات للفلسطينيين.
ويرى الأردن في مطار رامون الإسرائيلي، انتهاكاً للسيادة الأردنية وخرقاً للقانون الدولي، بخاصة أنه لا يبعد سوى كيلومترات معدودة عن مطار العقبة الأردني.
وتقول تقديرات منسوبة للبنك الدولي أن نحو مليونين و600 ألف مسافر فلسطيني يستخدمون سنوياً المعابر الأردنية، يدرون دخلاً تقارب قيمته مليار دولار كعائدات مالية ما بين رسوم وأجور وتشغيل لقطاعات عديدة.
وحالياً يشكل جسر الملك حسين نافذة الفلسطينيين الوحيدة على العالم، ومنذ فك الارتباط بين الأردن والأراضي الفلسطينية عام 1988 انتهى عهد طويل من إدارة الأردن للضفة الغربية، ومنذ ذلك الوقت فإن ثمة فئات محددة يحق لها العبور إلى الأراضي الفلسطينية من خلال جسر الملك حسين، وهم الفلسطينيون من حملة الجوازات الفلسطينية، وحملة الجوازات الأردنية الموقتة، والأردنيون الحاصلون على التصاريح الإسرائيلية (لم الشمل)، إضافة إلى الهيئات الدبلوماسية وموظفي الأمم المتحدة والوفود الرسمية والمجموعات السياحية وحملة الجوازات الأجنبية.