علمت "اندبندنت" أن الأنهار التي تنساب عبر مجموعة من أجمل الأماكن الطبيعية الخلابة، لتصب في نقاط صالحة للسباحة، وتغذي موائل تجمع أسماك السلمون والتراوت البحري والمحار، باتت الآن من بين أكثر الأنهار تلوثاً في إنجلترا.
فقد توصل تحليل للبيانات المتعلقة بتسرب مياه الصرف في إنجلترا، من شركات مياه الصرف في عام 2021، الصادرة عن "وكالة البيئة" Environment Agency (هيئة غير حكومية تتركز مسؤولياتها على حماية البيئة وتحسينها في إنجلترا)، إلى أن ما يزيد على نصف الأماكن العشرة الأشد تلوثاً في البلاد، يوجد في مقاطعات ديفون وكورنوال وكامبريا التي كانت مقصداً للسياحة والعطلات.
وتم في الإجمال ضخ مياه الصرف في تلك الممرات المائية في إنجلترا على مدى أكثر من مليونين و600 ألف ساعة في عام 2021، بانخفاض عن نحو 3 ملايين و100 ألف ساعة في عام 2020. وكان قد سُجل في المواقع الأكثر تضرراً نحو 2700 تسرب، على مدى أكثر من 55 ألف ساعة.
وفيما لم يتم نشر البيانات الخاصة بمطلع هذه السنة بعد، إلا أن "اندبندنت" علمت أخيراً أن جميع شركات الصرف في إنجلترا وويلز، أخفقت في تحقيق أهدافها المتعلقة بمعالجة التلوث أو طوفان مياه الصرف في السنة 2021 - 2022، كما تم توجيه الانتقاد إلى شركات المياه لفشلها في الحد من التسربات.
وتبين أن الموقع الأكثر تلوثاً في البلاد وفقاً لمدة التسربات، كان عند نهر فال River Fal، الذي يقع جزء كبير منه في محمية Cornwall Area of Outstanding Natural Beauty (التي تتألف من 12 موقعاً طبيعياً هي الأكثر روعةً وتنوعاً في المقاطعة).
وتسببت الفيضانات في العام الماضي، بضخ المياه غير المعالجة في النهر لنحو 7500 ساعة - أي أكثر من 10 أشهر في العام.
لورانس كاولدريك الرئيس التنفيذي لمؤسسة "ويست كانتري ريفرز تراست" Westcountry Rivers Trust (جمعية خيرية تعمل لحماية بيئات المياه العذبة) التي تغطي المنطقة، وصف هذه الأخبار بأنها "مفجعة"، مرجحاً أن تكون منظومة الصرف غير قادرة على تصريف المياه بالحجم المطلوب لتلبية الحاجات اللازمة للسكان.
وفي وقت لا تشير البيانات إلى الحجم الجاري تفريغه، اعتبر كاولدريك أن تسرب المياه العادمة إلى الأنهر لمدة 10 أشهر من السنة، هو أمر "غير مقبول".
النقطة الثانية شديدة التلوث هي ممر "لون إستواري" النهري Lune Estuary في لانكاشير، الذي يحتوي على مياه تشكل موئلاً للمحار وتصل إلى مواقع السباحة في خليج "موركامب باي" Morecambe Bay.
وقد جرى ضخ مياه الصرف في هذه المنطقة لمدة 5300 ساعة، لكن بيانات "وكالة البيئة" أظهرت أن شاشة رصد التسرب كانت تعمل فقط 15 في المئة من الوقت، بسبب فشل جهاز الاستشعار، ما يعني أن الكمية الحقيقية للتسربات يمكن أن تكون أكبر بكثير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما المناطق الأخرى الأكثر تضرراً فكانت رافداً يغذي نهر ستو River Stowe، و"كراموك بيك" Crummock Beck في مقاطعة كامبريا، ونهر إيني River Inny في مقاطعة كورنوال، ونهر لو River Lew في مقاطعة ديفون، ونهر إلين River Ellen في كامبريا الذي تعيش في مياهه مجموعات من سمك السلمون والتراوت البحري.
وبرزت أيضاً مواقع على نهر ريبل River Ribble الذي يمر عبر يوركشير ولانكاشير، ونهر لافانت River Lavant في "ويست ساسيكس" الذي يحتوي على موائل المحار في ميناء "تشيتشيستر هاربور" Chichester Harbour ، ورافد "بلي بيك" Blea Beck في كامبريا الذي يصب في مياه مخصصة للسباحة.
جيم ماكماهون وزير الدولة لشؤون البيئة والغذاء والشؤون الريفية في حكومة الظل "العمالية" المعارضة، علق على خلاصات تحليل بيانات شركات الصرف بالقول إنها رسمت "صورةً قاتمة للعواقب التي تسببت بها حكومة المحافظين هذه".
وأشار إلى أن "الأسر يجب أن يكون في مستطاعها الاستمتاع بالطبيعة الجميلة لمناطقنا من دون أي مخاوف تتعلق بسلامة أفرادها. ويفترض بالشركات المحلية، ألا تعيش هذا القلق الناجم عن فشل الحكومة، والذي تسبب في تقويض السياحة وضرب تجارتها".
ريتشارد بينويل الرئيس التنفيذي لتجمع Wildlife and Countryside Link، وهو تحالف بيئي في إنجلترا، وصف النتائج التي توصلت إليها "اندبندنت" بأنها رسمت صورةً "كارثية" تثبت أن تلوث أنهار إنجلترا الذي تسببه مياه الصرف، ليس استثناءً بل أصبح قاعدة.
واعتبر أن "آلاف الساعات من التلويث الذي أحدثته مياه الصرف، بلغت حداً باتت فيه تشكل اعتداءً لا يطاق على النظم البيئية الهشة في بعض من أجمل البقع المائية وأكثرها حساسية في البلاد. إن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر إذا أردنا الوفاء بهدف الحكومة ووعدها بوقف التدهور البيئي بحلول عام 2030".
معلوم أن الحكومة البريطانية كانت قد أعلنت الأسبوع الماضي عن خطة جديدة لمعالجة التلوث الذي تحدثه مياه الصرف، وصفتها بأنها "أكبر برنامج للبنية التحتية في تاريخ شركات المياه، للقضاء على تسرب مياه الصرف ووضع حد نهائي للتلوث".
وبموجب المقترحات الحكومية، سيصبح لزاماً على شركات المياه أن تحسن التدفقات الناجمة عن فيضانات العواصف، والتي يتم ضخها في المواقع المخصصة للسباحة أو بالقرب منها، بحلول عام 2035، ويجب أن تعمل على تحسين 75 في المئة من الفائض الذي يُجرى تصريفه في أماكن تتبوأ صدارة المواقع الطبيعية من حيث الأولوية. وبحلول عام 2050، ستُطبق هذه الشروط على جميع التدفقات الأخرى التي جرى تضمينها في قائمة الأهداف، بغض النظر عن الموقع.
لكن بينويل قال إن الخطة ستسمح للتلوث بأن يستشري لأكثر من عقد من الزمن، في ربع المياه ذات الأولوية بالنسبة إلى الحياة البرية. ودعا إلى "ضرورة تقديم موعد هذا الهدف، لضمان أعطاء الأولوية لتعافي الموائل الثمينة للكائنات الحية مثل نهري لون إيستواري وفال. وهذا يعني تخصيص استثمارات إضافية كبيرة، وفرض عقوبات جديدة صارمة، لضمان أن تتخذ شركات المياه الإجراءات اللازمة في نهاية المطاف".
متحدث باسم وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية البريطانية، قال إن "تدفق مياه الصرف يمثل مشكلة أساسية في البنية التحتية منذ الحقبة الفيكتورية. وحكومتنا كانت الأولى التي قامت باتخاذ إجراءات لمعالجتها، من خلال إطلاق خطة تُعد أكبر برنامج للبنية التحتية في تاريخ شركات المياه. لقد كنا واضحين لجهة التأكيد على أن استخدام التدفقات الفائضة هو أمر غير مقبول على الإطلاق".
© The Independent