كشفت دراسة بحثية حديثة أن قرار البنك المركزي المصري زيادة نسبة الاحتياط النقدي الإلزامي من 14 إلى 18 في المئة سيزيد من فرص السيطرة على التضخم ويسهم في تقييد السياسة النقدية التي يتبعها.
والخميس الماضي قرر البنك المركزي المصري زيادة نسبة الاحتياطي النقدي الإلزامي التي تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها لدى المركزي بهدف كبح جماح التضخم إلى 18 في المئة. ووفقاً لبيان لجنة السياسة النقدية زادت نسبة الاحتياط النقدي إلى 18 بدلاً من 14 في المئة من دون فائدة.
وسيساعد القرار في تقييد السياسة النقدية التي يتبعها البنك المركزي المصري. ويعد الاحتياط النقدي أحد أدوات السياسة النقدية في يد البنك المركزي، المأخوذ بها في دول العالم لامتصاص ضغوط التضخم لتقليص حجم السيولة.
وبخلاف زيادة نسبة الاحتياط الإلزامي كان المركزي المصري قرر في اجتماع لجنة السياسة النقدية نهاية الأسبوع الماضي تثبيت سعر الفائدة للمرة الثالثة على التوالي لتستقر عند مستوى 11.25 في المئة للإيداع، و12.25 في المئة للإقراض.
التحكم في حجم النقد المتاح وخفض السيولة
الدراسة التي أعدها الخبير المحلل المصرفي أحمد آدم تشير إلى أن الاحتياطات الإلزامية أو القانونية كما يسميها البعض تمثل نسبة من ودائع العملاء بالعملة المحلية والعملات الأجنبية تقوم البنوك بإيداعها لدى البنك المركزي دون احتساب أي عوائد عليها تستفيد منها البنوك نظير إيداعها لهذه الودائع.
ونسب الاحتياطات الإلزامية باتت متساوية بالنسبة إلى العملات الأجنبية والعملة المحلية بعد أن تم تخفيضها للعملة المحلية من 15 في المئة قبل 25 يناير (كانون الثاني) إلى 14 في المئة، ثم تخفيضها بعد 25 يناير من 14 إلى 12 في المئة خلال مارس (آذار) 2012 ثم إلى 10 في المئة خلال يونيو (حزيران) 2012. والتخفيضان تما في أقل من أربعة أشهر، لتتساوى بذلك احتياطات العملة المحلية مع نظيرتها الأجنبية عند نسبة 10 في المئة، ثم تمت زيادة هذه الاحتياطات خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2017 لتصل إلى 14 في المئة. والواقع أن الاحتياطات القانونية أداة مهمة من أدوات السياسة النقدية يتم استغلالها عند البدء في مواجهة التضخم وارتفاعات الأسعار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشارت الدراسة إلى أن البنك المركزي يستطيع من خلال الاحتياطات الإلزامية التحكم في حجم النقد المتاح بزيادته عند فترات الانكماش بتخفيض نسبة الاحتياطات، وتخفيضه عند زيادة معدلات التضخم بزيادة نسبة الاحتياطات، إضافة إلى التحكم في سعر العائد بعد تحريره، حيث يمتلك كل بنك الحرية في تحديد سعر العائد على ودائعه وقروضه، وقدرته على فرض إرادته على البنوك بزيادة النسبة عند رغبته في زيادة أسعار العائد وتخفيضها عند رغبته في تخفيض أسعار العائد. وأيضاً ضمان سلامة البنوك عند تعرضها لسحب مفاجئ لودائع العملاء قد يعرضها لخطر إعلان الإفلاس.
وحول علاقة الاحتياطات الإلزامية بصافي الأرباح، أشارت الدراسة إلى أن انخفاضها يرتبط مع صافي الربح بعلاقة عكسية، فانخفاض الاحتياطات الإلزامية يعود إيجاباً على صافي ربح البنك، والواقع أن انخفاضها عن 10 في المئة أمر ممكن في ظل قرارات البنك المركزي في شأن هذه الاحتياطات.
وتمثلت القرارات في أن أرصدة شهادات الادخار التي مرت عليها ستة أشهر لا يتم خصم الاحتياطات الإلزامية منها، بالتالي كلما زادت نسبة شهادات الادخار في ودائع العملاء كلما انخفضت الاحتياطات الإلزامية ويؤثر ذلك إيجاباً في صافي الربح، كما أن الأرصدة الموجهة لإقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعفى من نسبة الاحتياط الإلزامي للودائع، أو تخصم قيمتها بالكامل من رصيد الاحتياط حال دخولها مبادرة البنك المركزي وإقراضها بعائد خمسة في المئة، بالتالي فإن زيادة الأرصدة الموجهة لإقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة تقلص من نسبة الاحتياط الإلزامي بما يعود إيجاباً على صافي الربح، كما أن هناك عديداً من مبادرات البنك المركزي الخاصة بالإسكان تخصم من الاحتياطات الإلزامية.
ما علاقة زيادة الاحتياط الإلزامي بخفض التضخم؟
أشارت الدراسة إلى إيجابيات قرارات البنك المركزي المصري بزيادة الاحتياط الإلزامي من 14 إلى 18 في المئة. وفي الواقع، أنه في ضوء انخفاض الاحتياطات الإلزامية التي تضعها البنوك لدى البنك المركزي بعد المبادرات المتعددة التي أطلقها في قطاع الإسكان وللمشروعات الصغيرة والمتوسطة في عهد المحافظ السابق، وانخفاض حجم الاحتياطات الإلزامية قد يحد من قدرة البنك المركزي على التدخل لضخ سيولة لدى أي بنك قد يحتاج إليها، وزيادة نسبة الاحتياط الإلزامي عززت من قدرة المركزي على أن يلعب دور الملاذ الآمن وقت الحاجة لكل البنوك التي تعمل تحت مظلته.
وأوضحت أن الدين المحلي ارتفع بشكل كبير خلال الأعوام الماضية، وأي زيادة في أسعار الفائدة تعود سلباً على خدمة الدين المحلي وتزيد من أعبائه على الموازنة العامة للدولة، بالتالي فإن معدلات التضخم المتزايدة التي تتطلب رفع أسعار الفائدة لسحب السيولة وتخفيف حدة التضخم قابلها المركزي المصري برفع الاحتياط الإلزامي، وسحب سيولة من البنوك وهذا يشكل سابقة تاريخية لاستهداف التضخم من خلال الاحتياط الإلزامي.
وذكرت الدراسة أنه قبل صدور هذا القرار لم يسبق استخدام الاحتياطات الإلزامية من قبل البنك المركزي لاستهداف التضخم على الإطلاق، وهو ما أشار إليه صندوق النقد الدولي في أحد تقاريره عن إدارة السياسة النقدية في مصر عام 2017.
وأكدت الدراسة أن الارتفاع في الاحتياط الإلزامي سيمكن البنوك من الارتفاع بعائد شهادات الادخار بما لا يقل عن 0.5 في المئة دون أي أعباء على مركزها المالي، بالتالي فإن القرار سيزيد من متانة الهيكل النسبي لودائع العملاء لزيادة الوزن النسبي لودائع القطاع العائلي، وكذلك زيادة الوزن النسبي للودائع طويلة الأجل وهو ما سيخفض نسب المخاطر على الودائع بشكل كبير.