تحولت بعض الفنادق والنزل التونسية خلال السنوات الأخيرة إلى مؤسسات رعاية صحية واجتماعية للمسنين القادمين من سويسرا، والذين يحتاجون إلى رعاية وعناية على مدار الساعة.
وعززت هذه الخدمة دور الوحدات السياحية وأسهمت في انتعاش مردودها المالي مما ساعدها في مجابهة الصعوبات على رغم ظروف اقتصادية صعبة تعيشها تونس.
وبحسب تقديرات المتخصصين فإن كلفة المسن الواحد تقدر بـ 3 آلاف يورو شهرياً (2900 دولار) أي قرابة 10 آلاف دينار تونسي، في مقابل إقامته في غرفة داخل الفندق تتوافر فيها كاميرا مراقبة لتمكين عائلته من مشاهدته في أي وقت، مع الحصول على رعاية اجتماعية وطبية.
ويعاني معظم هؤلاء المسنين من اضطرابات عصبية أبرزها ألزهايمر.
وتعتبر كلفة الحصول على هذه الخدمة في الفنادق السياحية التونسية أقل بكثير من نظيرتها في أوروبا، والتي تتراوح بين 4500 و20 ألف يورو.
فهل دشن القطاع السياحي في تونس منتجاً سياحياً جديداً يعزز السياحة الاستشفائية؟ وكيف يمكن تنظيم هذه الخدمات الطبية لفئة ذات خصوصية ومنهم مرضى ألزهايمر؟
تأهيل شامل للمؤسسات السياحية
يعتبر نائب رئيس الجامعة التونسية للنزل جلال الهنشيري في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن "الخدمات التي تقدمها النزل التونسية للمسنين والمتقاعدين والمصابين بالأمراض المزمنة منتج سياحي يختلف عن السياحة الاستشفائية".
ويميز الهنشيري بين من يقضون فترة في تونس للنقاهة وهم من "المتقاعدين المتمتعين بصحة جيدة ويعولون على أنفسهم في التنقل وممارسة الرياضة والعناية بأنفسهم، وبين الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة من طاقم طبي"، داعياً إلى "ضرورة تكوين الإطار العامل في الفنادق للتعامل مع هذه الفئة من خلال التدرب على العناية بالمسن والمريض وتقديم ما يحتاجه من أدوية واهتمام خاص".
ويعتقد نائب رئيس الجامعة التونسية للنزل أن هذا "القطاع يتطلب تأهيلاً شاملاً للمؤسسات السياحية والاستعداد الجيد لهذا المنتج الذي تتداخل فيه السياحة الكلاسيكية مع الجانب الطبي والنفسي والسوسيولوجي"، معتبراً أن "تونس لها إمكانات كبيرة لتطوير هذا القطاع"، داعياً إلى "تغيير القوانين لمواكبة التطورات الحاصلة عبر العالم في القطاع السياحي، وتيسير تحويل هذه الفئة لأموالها من الخارج إلى تونس، واستغلال فارق العملة لتطوير القطاع السياحي".
قريباً كراس شروط
من جهتها تصف نائبة رئيس الجامعة المهنية المشتركة للسياحة والمتخصصة في السياحة الاستشفائية كوثر المؤدب هذا "القطاع بالواعد، وفيه آفاق كبيرة للتعاون والاستثمار مع فرنسا وسويسرا وألمانيا"، مضيفة أن "المسنين والمصابين بألزهايمر وغيره من الأمراض المزمنة مثل هشاشة العظام والسكري، يتمتعون بتقاعد يكفيهم للإقامة المطولة في تونس والتمتع بالرعاية الطبية في الفنادق التونسية".
وترى المدب أن هذه "الخدمات نتاج تعاون بين وزارة الصحة ووزارة السياحة"، مشددة على أهمية "تأهيل الفنادق وتوفير جميع الخدمات خصوصاً لمرضى ألزهايمر الذين يتطلب وضعهم الصحي رعاية خاصة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبخصوص الإطار القانوني لممارسة هذا النشاط تؤكد نائب رئيس الجامعة المهنية المشتركة للسياحة أن "القوانين يمكن وضعها بعد ممارسة النشاط"، لافتة إلى أن "الجامعة تعمل بالتعاون مع المعنيين كافة في القطاع السياحي من أجل وضع كراس شروط ينظم القطاع".
يذكر أن مريض ألزهايمر يتطلب عناية خاصة، بحسب رئيسة الجمعية التونسية لمرضى ألزهايمر ليلى علوان التي شددت في تصريحها على أهمية "تنظيم هذا القطاع وجعله في متناول التونسيين المصابين بألزهايمر والبالغ عددهم حوالى 80 ألفاً، داعية إلى إنشاء نواد عمومية في مختلف أنحاء البلاد تسهم فيها المجموعة الوطنية وتستوعب مرضى ألزهايمر لمدة ساعات أو حتى ليوم كامل".
استقبال المرضى في النزل مخالفة
في المقابل، قالت مديرة وحدة الاستثمار وتسهيل الخدمات والنهوض بالصحة في وزارة الصحة نادية فنينة خلال مشاركتها في مؤتمر حول الضيافة العلاجية المنعقد بالحمامات الجنوبية، إن "استقبال مرضى أجانب بنزل تونسية هو تجاوز ومخالفة من قبل أصحاب النزل".
وحول معاينة استقبال سياح من سويسرا من مرضى ألزهايمر في فنادق تونسية، أوضحت أن "وزارة الصحة تلقت إشعاراً في شأن هذا الموضوع، وأرسلت لجاناً تفقدية للوحدات الفندقية موضوع الإشعار"، مضيفة أن "مكان المريض سواء كان سائحاً محلياً أم أجنبياً هو المراكز الخاصة أو دور النقاهة وليس النزل".
وكشفت فنينة عن شروع وزارة الصحة في "وضع استراتيجية وطنية تعنى بمجال السياحة العلاجية والاستشفائية، عبر استصدار كراس شروط لفتح مجال الاستثمار لمستثمرين تونسيين وأجانب في مجال دور نقاهة".
ويعول أصحاب الفنادق على هذه الخدمة الواعدة التي ستسهم في إنعاش القطاع الذي تضرر من وباء كورونا وبدأ يستعيد عافيته، كما سيمكن من خلق المئات من مواطن الشغل التي سيتم تكوينها من أجل الاستجابة لحاجات المرضى.
ويختار عدد من المتقاعدين الأوروبيين، لا سيما من ألمانيا وفرنسا وسويسرا، العيش في تونس وتحديداً في المدن الساحلية، مثل نابل والحمامات وسوسة والمنستير، لأن رواتب التقاعد تمكنهم من العيش في تونس في ظروف طيبة نظراً لفارق العملة، علاوة على التمتع بالطقس المعتدل طوال السنة.