يعمل نشطاء يمينيون مؤثرون ممن يدعمون مزاعم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في شأن التزوير الانتخابي على تعبئة "جيش" من المراقبين لانتخابات منتصف الولاية، في خطوة يحذر محللون من أنها قد تؤدي إلى فوضى وترهيب وأعمال عنف.
ومن بين هؤلاء النشطاء شخصيات حاولت قلب نتائج انتخابات عام 2020 التي خسر فيها ترمب على غرار مستشاره السابق ستيف بانون، وهم يستخدمون التضليل الإعلامي سلاحاً مع ما يعرف بنزعة "إنكار الانتخابات" لتشجيع آلاف الأشخاص على التسجيل للانخراط في العملية الانتخابية بصفة مراقبين.
والتعبئة جعلت من انتخابات منتصف الولاية على مسافة أسبوعين من موعدها، أكبر اختبار للنظام الديمقراطي الأميركي منذ تأكيد ترمب من دون أي دليل أن الانتخابات سرقت منه.
وفي منصته الإلكترونية "غرفة الحرب" هذا الشهر، حض بانون جمهوره على تسجيل أسمائهم للمشاركة في تنظيم العملية الانتخابية، واصفاً الأمر بأنه نداء سياسي "لحمل السلاح".
وقال بانون لمستمعيه إن انتخابات منتصف الولاية "لا يمكن أن تكون مماثلة لتلك التي أجريت عام 2020".
والأسبوع الماضي قضت محكمة أميركية بحبس بانون أربعة أشهر لرفضه التعاون مع تحقيق الكونغرس في شأن عملية اقتحام مناصرين لترمب مقر مجلسي النواب والشيوخ في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021.
وعلق تنفيذ الحكم بعد أن استأنفه بانون، وهو ما مكنه من البقاء خارج السجن بانتظار البت في الطعن.
تحذير من الفوضى
وحذرت أستاذة العلوم السياسية في جامعة ولاية جورجيا جينيفر ماكوي من "موسم انتخابي تسوده الفوضى"، قد ينجم عن "دعوة ستيف بانون الباكرة لمن ينكرون الانتخابات لتسجيل أسمائهم للمشاركة في تنظيمها أو مراقبتها، مع ما يرافق ذلك من تضليل إعلامي يشكك في نزاهة نظام التصويت".
وقالت ماكوي إنه "يمكن أن نشهد ارتباكاً هائلاً، إذ قد يمنع ناخبون من التصويت كما قد تقدم طعون كثيرة خلال عملية الفرز، لأن هؤلاء العاملين الجدد في تنظيم الانتخابات والمراقبين الحزبيين سيطعنون بالنتائج التي لا تعجبهم".
واستضاف بانون عبر منصته المحامية كليتا ميتشل التي أسهمت في مساعي ترمب لقلب نتائج انتخابات عام 2020، والمنخرطة حالياً في تعبئة ما تطلق عليه تسمية "جيش من المواطنين" لمراقبة الانتخابات.
وتقول المحامية إن منظمتها "شبكة نزاهة الانتخابات" دربت أكثر من 20 ألف شخص على العمل بصفة مراقبين للانتخابات في مختلف أنحاء البلاد، مشيرة إلى أن كثيراً منهم في ولايات يتوقع أن تشهد معارك انتخابية.
وجاء في تعليق سابق لها نشرته هذا العام أن "اليسار كان منذ أمد بعيد يتولى الفرز والتحكم بالعملية الانتخابية من دون أي إشراف من جهتنا"، مضيفة "لقد ولت تلك الأيام".
"أصدقاء أم أعداء؟"
وحض دليل توجيهي نشر في الموقع الإلكتروني للمنظمة وتم توزيعه خلال الحصص التدريبية في مختلف أنحاء البلاد المواطنين على "الحضور الدائم" في مراكز الاقتراع المحلية ومساءلة السلطات الانتخابية والتحقق من أهلية الناخبين.
كذلك حضت الوثيقة هؤلاء على تحديد ما إذا كان المسؤولون الموجودون في مكاتب النيابة العامة "أصدقاء أم أعداء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكتبت المحللة في "مركز برينان للعدالة" ميكيلا بانديثاراتني أنه "من خلال التوجيهات المشحونة والغامضة في آن والترويج غير المبرر لطيف التزوير الواسع النطاق، يمكن أن يؤدي الجهد غير المسبوق الذي يبذل لتشكيل جيش من المواطنين إلى تأثير في الناخبين وترهيب لهم وطعون جماعية بأهلية ناخبين وخروق أمنية للانتخابات وأشكال أخرى من خرق القوانين خلال نوفمبر"، فيما لم تستجب المحامية ميتشل لطلب إجراء مقابلة معها.
وقالت السلطات الانتخابية في ولاية أريزونا الأسبوع الماضي إنها "قلقة للغاية" حيال سلامة الناخبين بعد أن رصد شخصان مسلحان يرتديان زياً عسكرياً وهما يراقبان صندوقاً لجمع البطاقات الانتخابية المرسلة بالبريد.
ونشر النبأ بعد أن تقدم ناخبان على الأقل في أريزونا بشكويين رسميتين حول تعرضهما للترهيب، وفق ما أفادت محطة تلفزيونية محلية.
مراقبة أم ترهيب؟
وقال المحلل في "مؤسسة هوفر" لاري دايمند "شتان ما بين مراقبة التصويت بشكل محايد وبشكل يرهب الناخبين الذين قد يكون انتماؤهم الحزبي مغايراً".
وأشار إلى أن انخراط "متطرفين مؤيدين لترمب ممن ينكرون نزاهة انتخابات عام 2020 بصفة مراقبين للانتخابات في شكل من شأنه ترهيب بعض الناخبين، وعلى سبيل المثال ذوي البشرة السوداء أو أشخاص من دوائر ذات كثافة ناخبين ديمقراطيين، قد يشكل تهديداً لنزاهة الانتخابات"، بينما يبدو أن حملة تعبئة مراقبي الانتخابات المؤيدين للحزب الجمهوري ممولة بشكل جيد.
ومؤسسة ميتشل تابعة لـ "معهد الشراكة المحافظة" الموالي لترمب الذي يفيد تقريره السنوي بأنه جمع العام الماضي 19.7 مليون دولار.
وبحسب اللجنة الفيدرالية للانتخابات، وهي هيئة تنظيمية، يشمل المبلغ مليون دولار منحتها لجنة العمل السياسي في منظمة "سيف أميركا" التي أنشأها ترمب بعد خسارته انتخابات عام 2020 وجمعت مذاك ملايين الدولارات.
ومن بين المتمولين المؤيدين لترمب الذين يحاولون تعبئة مراقبين للانتخابات منظّر المؤتمرات الانتخابية ومؤسس متجر "أوفرستوك" للبيع بالتجزئة عبر الإنترنت، باتريك بايرن.
ومن خلال منظمته غير الربحية "أميركا بروجكت" يسعى بايرن إلى تجنيد "مواطنين لمراقبة الانتخابات"، ومع تصاعد نزعة إنكار الانتخابات تواجه الولايات المتحدة خطر التحول إلى ما تصفه المؤرخة والأستاذة في جامعة "نيويورك" روث بين غايت بـ "الاستبداد الانتخابي".
وقالت غايت إن ترمب ومناصريه "يسعون إلى نزع صفة الشرعية عن الانتخابات بالمطلق"، وتابعت "يكمن الهدف في ربط التصويت بالفساد إلى حد يقوض في أذهان الناخبين فكرة اعتماد الانتخابات وسيلة لاختيار القادة".