اليوم، الثلاثاء الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني)، هو آخر يوم في الانتخابات الأميركية النصفية، وبناءً على نتائجها تتحدد أمور كثيرة، محلية وعالمية. تاريخياً، مثل هذا اليوم هو يوم الانتخابات، لكن تغيير الكونغرس عدداً من القوانين في السنوات الماضية مكن ملايين من الناخبين من التصويت المبكر، وبهذا تحول الموضوع من "يوم الانتخابات" إلى "موسم الانتخابات".
في نهاية اليوم سنعرف كيف ستتغير موازين القوى في واشنطن، وهل سيسيطر الجمهوريون على الغالبية في "الكونغرس" و"الشيوخ" معاً، أم أحدهما فقط، أم سيستمر الأمر كما هو عليه الآن؟ استمرار الوضع كما عليه الآن يعد نصراً كبيراً لبايدن والحزب الديمقراطي الذي نقل البلاد من أزمة إلى أزمة منذ تولي بايدن كرسي الرئاسة. وسيشكل هذا مشكلة كبيرة لصناعة النفط الأميركية ودول "أوبك".
وإذا حقق الجمهوريون غالبية في "الكونغرس" و"الشيوخ"، فإن هذا سيكون ضربة قاصمة لبايدن والديمقراطيين، ورفضاً لأجندة الديمقراطيين، ليس في الاقتصاد والتغير المناخي والطاقة فحسب، وإنما في أمور ثقافية واجتماعية ودينية أيضاً.
غير أن معظم التوقعات تميل إلى فوز الجمهوريين بالغالبية في الكونغرس فقط، ولهذا أثر محدود بشكل عام خلال العامين المقبلين، لكنه ينذر بتغير كبير في انتخابات 2024.
إذا فاز الجمهوريون بالغالبية في مجلس الشيوخ، فإن هذا يعني ارتباك الحكومة. لماذا؟ لأن كل ما يريد الرئيس بايدن تمريره سيجري إيقافه في "الشيوخ"، وكل ما يمرره "الشيوخ" سيوقفه بايدن.
تاريخياً، تشير البيانات إلى أن هذا الوضع مفيد للاقتصاد، ويدعم صناعة النفط، سواء من ناحية الأنشطة أو الأسعار. قطاع النفط الأميركي سيستفيد كثيراً، لأن هذا الوضع سيمنع بايدن والديمقراطيين من وضع قيود على قطاع النفط والغاز، وهو القطاع الذي يعادونه بشدة. وسيطرة الجمهوريين على "الشيوخ" تعني توقف مخطط الديمقراطيين المتعلق بالتغير المناخي، وتوقف السياسات البيئية المتطرفة، وهذا يعني بالضرورة توسع قطاع النفط والغاز بسبب زيادة الطلب على منتجاتهما.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن هناك سيناريو محتملاً وسيئاً للغاية، وهو عدم قدرة الرئيس بايدن على تمرير قوانين وسياسات جديدة لا تعني بالضرورة توقف أجندته وأجندة الديمقراطيين. فيمكن للرئيس إصدار أوامر رئاسية تصبح قانوناً مباشرة من دون المرور على "الكونغرس" أو "الشيوخ".
مشكلة هذه القوانين أنه يمكن لأي رئيس آخر في المستقبل أن يلغي هذه الأوامر في الدقائق الأولى من تسلمه الحكم، وبجرة قلم. الرئيس أوباما لجأ إلى هذه السياسة بكثافة، وقد يلجأ إليها بايدن. ونظراً إلى أن سياسات التغير المناخي أصبحت الشغل الشاغل لإدارة بادين والديمقراطيين، فليس مستغرباً أن يصدر بايدن قرارات رئاسية عديدة تتعلق به، وهي أوامر سيكون لها آثار مباشرة في قطاع الطاقة.
قطاع الأعمال بجميع أقسامه، وبخاصة قطاعا الطاقة والمواصلات، لا يؤيدون فكرة استخدام الرئيس القرارات الرئاسية، لأنها تتغير باستمرار، وهذا يرفع كلف الإنتاج والخدمات من جهة، ويخفض الاستثمار من جهة أخرى.
إذاً، في حالة فوز الجمهوريين بمجلس الشيوخ سينعكس ذلك إيجاباً على قطاع النفط والغاز وبقية قطاع الطاقة، إلا إذا قرر الرئيس بايدن اللجوء إلى قرارات رئاسية لتطبيق أجندة المناخ. وهناك حالة، ولكن تعد نادرة فيما يخص قرارات المناخ والطاقة، وهي تمرير "الشيوخ" قوانين وتشريعات على رغم معارضة الرئيس بايدن إياها، وذلك إذا جرى التصويت عليها بغالبية الثلثين.
والأمر الوحيد الذي يمكن أن يمرر بهذه الطريقة هو قانون "لا لأوبك" الذي يسمح للحكومة الأميركية بمقاضاة دول "أوبك" بتهمة الاحتكار والتحكم في أسعار النفط، وذلك لأن هناك دعماً جمهورياً كبيراً لهذا القانون، والذي أيده الرئيس ترمب قبل أن يصبح رئيساً. باختصار، هناك اختلاف كبير بين الديمقراطيين والجمهوريين بخصوص سياسات التغير المناخي والطاقة، لكن هناك اتفاقاً بينهما حول معاداة "أوبك" والدول الأعضاء فيها.
في حالة فوز الجمهوريين بالغالبية في "الكونغرس" دون حصولهم على غالبية في "الشيوخ"، فإن أثر ذلك في سياسات الطاقة والمناخ سيكون ضعيفاً، لكنهم يستطيعون منع الرئيس بايدن من السحب من المخزون الاستراتيجي للتأثير في أسعار النفط، وهذا أمر مفيد لدول "أوبك" بشكل عام، وصناعة النفط الأميركية بشكل خاص.
ويمكن للكونغرس الجديد أن يشغل إدارة بايدن عن كل أهدافها عن طريق فتح تحقيقات تتعلق بالرئيس وعائلته وقادة الديمقراطيين. فمن الممكن أن يفتحوا تحقيقاً في شأن علاقة ابن الرئيس بدول وشركات أجنبية، أو أمور تتعلق بعلاقة الإدارة بشركات التقنية والتواصل الاجتماعي وحظرها كبار الشخصيات اليمينية والمحافظة، بما في ذلك الرئيس ترمب.
مشكلة صناعة النفط ستكون كبيرة إذا بقي الوضع على ما هو عليه الآن، بحيث لا يفوز الجمهوريون بالغالبية في كل من "الكونغرس" و"الشيوخ". بعبارة أخرى، يمكن أن يخسر الديمقراطيون عدداً من المقاعد في الكونغرس، لكن خسارة غير كبيرة، ومن ثم تبقى لهم الغالبية.
حتى هذا النوع من الخسارة ستفسره إدارة بايدن على أنه نصر كبير وتأييد شعبي لسياسات بايدن المتعلقة بالمناخ والطاقة، ومن ثم فإن الإدارة ستتبنى سياسات أكثر تطرفاً، والتي تتضمن وضع ضرائب استثنائية على أرباح شركات النفط والغاز، والاستمرار بالسحب من المخزون الاستراتيجي. الصناعة ستعاني في هذه الحالة، لكن الشيء الأكيد هنا أن الولايات المتحدة والعالم سيكونان مقبلين على أزمة طاقة تاريخية بسبب هذا التطرف.
ختاماً، أي نصر جمهوري اليوم في الانتخابات سيعيد الأمل في السماح بإتمام بناء أنبوب "كي ستون أكس أل" الذي ينقل النفط الكندي من ولاية ألبرتا إلى الولايات المتحدة، وسيحجم من قدرة بايدن على فرض ضرائب استثنائية على شركات النفط، إلا أن هناك أموراً غير واضحة حتى الآن، مثل موقفهم من السقف السعري على النفط الروسي والتعاون غير المباشر مع النظامين الإيراني والفنزويلي.