أشهر "الحكم الإسرائيلي" البطاقة الحمراء في وجه لاعبي "السترات الخضراء" لفريق نادي "خدمات رفح" الغزي، فمنعت السلطات الأمنية الإسرائيلية الفريق القادم من قطاع غزّة، من استكمال طريقه إلى ملعب نادي بلاطة في نابلس، لخوض مباراة تحديد الفائز في نهائي كأس فلسطين لكرة القدم.
وتعمّدت أجهزة الأمن الإسرائيلية "طرد" الفريق الغزي قبل وصوله إلى الملعب الذي كان سيستضيف اللقاء في الضفة الغربية، في حادثة ليست الأولى من نوعها، إذ سبق ورفضت السماح لبعثة ألعاب القوى الفلسطينية من المشاركة في بطولات خارجية، وتكرر الأمر مع بعثة منتخب الكرة الطائرة. كما يُحرم اتحاد كرة القدم الفلسطيني منذ أكثر من سنة، من عقد اجتماعاته السنوية. ولا تسمح إسرائيل لأعضاء في المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية الفلسطينية من دخول الضفة الغربية.
وصول منقوص
وتُقام في كلّ عام سلسلة مباريات في بطولة كأس قطاع غزّة والضفة الغربية، من أجل اختيار الفائز في كلتا المنطقتين، تمهيداً لمباراة نهائية تجمع الفريقين الفائزين لتحديد هوية حامل كأس فلسطين لكرة القدم. وتمكن هذه المرة، نادي "خدمات رفح" الغزي من الوصول إلى المباراة النهائية، لمواجهة فريق "مركز بلاطة" من الضفة الغربية.
وبالفعل، وصل "مركز بلاطة" إلى غزّة ناقصاً حارس مرماه، ومديره الفني ورئيس النادي، بعد حرمانهم من قبل إسرائيل، من المشاركة في مباراة الذهاب (غزة) في كأس فلسطين، لكن ما حدث مع نادي "خدمات رفح" في مباراة الإياب (الضفة الغربية) كان معاكساً تماماً، إذ رفضت إسرائيل مرور كل اللاعبين والإداريين، باستثناء لاعب واحد.
حرمان وغضب
هذا الرفض لسفر فريق كرة القدم الغزي إلى الضفة، صاحبه غضب الجماهير واتحادات الرياضة، مطالبين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بالضغط على إسرائيل من أجل السماح لبعثة "خدمات رفح" من خوض إياب كأس فلسطين. وتبع ذلك وقفة احتجاجية أمام مقر الأمم المتحدة في غزّة، وتسليم المندوب السامي الدولي مذكرة حول الانتهاكات الإسرائيلية بحق الرياضة الفلسطينية.
"ضربة البداية" التي وجهتها إسرائيل ضد الحركة الرياضية الفلسطينية، تمثلت في قصف المنشآت الرياضية. ويقول مدير دائرة الإعلام في وزارة الشباب والرياضية غسان محيسن إنّ القصف الإسرائيلي دمّر نحو ثلاثة ملاعب بشكلٍ كامل، وألحق أضراراً بالغة في 30 منشأة رياضية، كما قتل الجيش الإسرائيلي منذ العام 2008 حوالى 200 رياضي، وتعرض أكثر من ألف آخرين إلى إصابات وحالات بتر في أطرافهم.
انتهاكات بحق الرياضة
وبحسب معلومات لـ "اندبندنت عربية" فإنّ الخسائر التي لحقت بالرياضة الفلسطينية بسبب الانتهاكات الإسرائيلية تُقدَر بنحو 25 مليون دولار أميركي، الأمر الذي يؤثر سلباً في تطوير البنية التحتية للحركة الرياضية.
وبلغة المصطلحات الرياضية، فإنّ إسرائيل تمارس "الضربات الحرة غير المباشرة" على حرية حركة الرياضيين الفلسطينيين وتنقلهم بين غزّة والضفة الغربية، فسفر اللاعبين يخضع للمزاج الإسرائيلي الذي يغلب عليه الرفض، تحت ذريعة الأمن، ويُعدّ ذلك فصلاً شاملاً بين الضفة والقطاع، وفقاً للأمين العام المساعد في اللجنة الأولمبية الفلسطينية محمد العمصي.
ويوضح العمصي أن الانتهاكات الإسرائيلية تصل إلى درجة منع البضائع التي ترسلها الاتحادات الدولية من الوصول إلى غزّة، وتحتجزها في الموانئ فترات تصل إلى سنوات، ما يجعلها غير صالحة للاستخدام، وتمنع إسرائيل الخبراء والمدربين الدوليين من القدوم إلى القطاع لإعطاء الدورات التدريبية المتقدمة، ويشمل هذا الأمر الضفة الغربية.
على صعيد معبر رفح الحدودي مع مصر، فإنّ الرياضيين الفلسطينيين يواجهون صعوبة كبيرة في السفر، ويقول عضو المجلس الأعلى للشباب والرياضة عبد السلام هنية "عادةً ما يتمّ رفض جزء منهم، أو تأخير البعثات، بذريعة ضخامة أعداد المسافرين وإعطاء الأولوية للحالات الإنسانية والطلاب وحملة الجوازات الأجنبية، ويعيق ذلك التمثيل الفلسطيني في المحافل الدولية، واكتساب الخبرات".
اهتمام كبير
وتولي فلسطين الرياضة اهتماماً كبيراً، فانضم الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إلى الـ"فيفا" في العام 1998، وتتبع الاتحادات الرياضية الأخرى للجنة الأولمبية الدولية، ما يسمح لها بالمشاركة في المناسبات الرياضية الدولية، فيوجد في غزّة نحو 70 نادياً رياضياً، وأكثر من 28 اتحاداً، وملاعب منتشرة في محافظات القطاع.
وبما أنّ فلسطين عضو في الـ"فيفا"، فإنّ الأخيرة عقدت لقاء جمع بين اتحادَي كرة القدم الفلسطيني والإسرائيلي، لدراسة سبل تسهيل سفر اللاعبين وحركتهم عبر المعابر التي تسيطر عليها إسرائيل. ورأى مدير دائرة الإعلام في وزارة الشباب والرياضية غسان محيسن إنّ "إسرائيل تنصّلت ولم تلتزم بذلك البتة"، مطالباً الفيفا بإعادة الضغط على السلطات الإسرائيلية.
ميداليات عدّة
وتمكن رياضيو فلسطين من تمثيل بلادهم في بطولات عدة، فوصل منتخب كرة القدم إلى بطولة كأس آسيا، وفازت فلسطين ببطولة المجموعة المؤهلة إلى كأس آسيا، وحصدت الميدالية البرونزية على المستوى القاري في كرة الطائرة، وشارك العداء محمد أبو خوصة في الألعاب الأولمبية الصيفية في العام 2016.
وعلى الرغم من الصعوبات، إلا أن الفرق الفلسطينية تنافس في رياضات كرة القدم، والسلة والطائرة، وكذلك الكاراتيه، والمصارعة الحرة، والجودو، وألعاب القوى مثل الجري والمارثون ودفع القلة ورمي الرمح، وكذلك تُقام بطولات وسباقات للدراجات الهوائية والفروسية والسباحة في قطاع غزّة، والضفة الغربية.
على صعيد ذوي الحاجات الخاصة، فإنّ غزّة تضم رياضات عدة منها كرة القدم لذوي إعاقات البتر، ورمي الرمح للمبتورين، وكرة السلة لذوي الإعاقة الحركية، وطائرة الجلوس، وتُقام لهم سلسلة بطولات سنوية. وحقّقت فلسطين في ذلك ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية عدّة. وشارك منتخب كرة القدم للمبتورين أخيراً في بطولة دولية نُظِمت في فرنسا.