Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الذراري الحمر" يحصد جائزة "أيام قرطاج" وضجة حول فيلم سوري

جائزتان تكرمان فلسطين وواحدة لفيلم سنغالي وفوز فتاة تواجه البركان

من الفيلم  الفلسطيني "إلى عالم مجهول" الفائز بالجائزة الفضية (ملف الفيلم)"

ملخص

بعد 10 أيام من السينما التي رسمت لنا خريطة طريق صبحاً وظهراً ومساءً، اختتم ليل أمس "أيام قرطاج السينمائية" مع فوز الفيلم التونسي "الذراري الحمر" للطفي عاشور بحائزة "التانيت الذهبي" العريقة، التي نالها عبر الماضي كبار السينمائيين العرب، من مثل يوسف شاهين وتوفيق صالح وبرهان علوية وعبداللطيف كشيش.

الفيلم التونسي "الذراري الحمر" كان حصد قبل أيام جائزة أفضل فيلم في مهرجان "البحر الأحمر السينمائي"، يستند إلى واقعة حقيقية حدثت في خريف من عام 2015. إنه الرواية الطويلة الثانية لعاشور، الكاتب والمخرج السينمائي والمسرحي التونسي الذي سبق أن قدم عديداً من الأفلام القصيرة، عرضت في أبرز المهرجانات العربية والدولية. في فيلمه الروائي الطويل الأول "غدوة حي" (2016)، روى قصة صداقة نشأت خلال ثورة الياسمين التونسية وتطورت مع تطور أحداثها المتتالية. هذا كله يفضي إلى تشكيل بورتريه اجتماعي عن خيبات نتجت من تلك الانتفاضة الشعبية التي حلمت بحياة أفضل للتوانسة. 

يدور "الذراري الحمر" على مقتل الراعي التونسي مبروك السلطاني، البالغ من العمر 17 سنة، على يد مجموعة إرهابية في منطقة جبل مغيلة. الحادثة كانت صادمة في تفاصيلها، إذ أقدم أفراد من تنظيم "جند الخليفة" على قطع رأس الضحية ونشر التسجيل المصور على الإنترنت، متهمين إياه بالتجسس لمصلحة السلطات، على رغم انه لم يكن له أي علاقة بهذه الاتهامات، بل كان يقضي وقته مع ابن عمه أشرف في أحضان الطبيعة، يتبادلان الأحاديث والقصص، إلى أن باغتهما القتلة. بعد تنفيذ الجريمة، أبقى الإرهابيون على حياة ابن عمه وأجبروه على حمل الرأس المقطوع وتسليمه إلى أسرة الضحية، مع كل ما يحمل ذلك الفعل من رمزية مشينة، بيد أن الفيلم لا يعد إعادة فتح لملف الإرهاب، كما فعل عديد من الأفلام التونسية في السنوات الأخيرة، بل دراسة لأحوال الطفل الناجي الذي يحاول الخروج من التروما التي تعرض لها، على رغم استحالة الأمر، إذ يجبر على العودة إلى مسرح الجريمة للاستدلال على الجسد.

 

لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة التي ترأسها المخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد منحت جائزة "التانيت الفضي" لفيلم "إلى عالم مجهول" للفلسطيني مهدي فليفل. الفيلم الذي انطلق من مهرجان "كان" الأخير، قسم "أسبوعاً المخرجين" يحملنا إلى أثينا ويتمحور على شاتيلا وابن عمه رضا، اللذين يجدان نفسهما عالقين وسط حالة من الضياع والبؤس واليأس، فيسعيان إلى الهرب من واقعهما الذي لا يضمن لهما أي مستقبل. يحلم شاتيلا بالوصول إلى ألمانيا لافتتاح مقهى، بينما يغرق رضا في الإدمان، مما يعوق تحقيق أحلامهما.

الشباب المهاجرون

 تبدأ مغامراتهما في الاحتيالات البسيطة، لكنها سرعان ما تتطور إلى مخططات خطرة تضع مبادئهما الأخلاقية على المحك. يروي مهدي فليفل الذي سبق أن أبهرنا بفيلمه الوثائقي "عالم ليس لنا" (2012)، قصة من صميم الواقع الذي يعرفه جيداً، فهو نقله في أكثر من فيلم قصير تمحور على المسألة عينها، مسألة الشباب العالقين في اليونان تحديداً، فلا هم قادرون على العودة من حيث أتوا ولا قادرون على الانتقال إلى دولة تمنحهم ما يطمحون إليه. الشخصيات التي يصورها فيلم "إلى عالم مجهول" تترنح بين الأمل واليأس. بأسلوب ينطوي على الحركة والتشويق والإيقاع التصاعدي، يرتقي بقضية اللاجئين إلى مستوى آخر من المعالجة، بعيداً من جعل أبطاله ملائكة على طول الخط، بل يظهرهم أشخاصاً يكافحون ضد واقع لا يرحم، مطالبين بحقهم في الوجود في عالم يبدو أنه لا يعترف بهم ولا حتى يراهم.

 

"التانيت البرونزي" أسندت إلى "دمبا" للمخرج السنغالي مامادو ديا الذي يحكي عن رجل خمسيني يستعد للتقاعد بعد 30 عاماً من الخدمة في بلدية مدينته الصغيرة في شمال السنغال. مع اقتراب ذكرى مرور عامين على وفاة زوجته، يعي أخيراً أنه لم يتمكن يوماً من التعافي من فقدانها. فبينما تتدهور حالته النفسية، يحاول إعادة بناء علاقته مع ابنه بعد فترة من الابتعاد عنه. 

جائزة الطاهر شريعة (مؤسس "الأيام") لأفضل فيلم أول ذهبت إلى "هنامي" لدنيز فرناندس من جمهورية الرأس الأخضر، علماً أن المخرجة ولدت في لشبونة وعاشت في سويسرا وإيطاليا. تقع أحداث الفيلم في جزيرة بركانية يرغب الجميع في مغادرتها، لكن الفتاة الصغيرة نانا تتعلم كيفية التكيف معها والبقاء فيها، علماً أن والدتها كانت قد تخلت عنها مباشرة بعد ولادتها، مسلمة إياها لعائلة والدها. عندما تصاب نانا بحمى شديدة، يتم إرسالها إلى سفح بركاني لتلقي العلاج، وهناك تكتشف عالماً مليئاً بالواقعية السحرية، إذ تختلط الأحلام بالواقع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونال "الفيلم عمل فدائي" للفلسطيني الملتزم كمال الجعفري جائزة أفضل وثائقي طويل، وفيه ينبش المخرج الذاكرة البصرية الفلسطينية من خلال الغوص في الأرشيف والوثائق، متحدياً النسيان والتعتيم. أما أفضل فيلم روائي تونسي طويل، فكان من نصيب "القنطرة" لوليد مطار، وهو كوميديا اجتماعية يخرج من صميم المجتمع التونسي، في حين أعطي زميله ومواطنه رضا التليلي الجائزة نفسها، لكن في فئة أفضل وثائقي تونسي طويل عن "لون الفسفاط"، الذي يعرفنا إلى مهرج وعامل منجم يكافح ضد التهميش والتحقير من خلال المسرح. 

جوائز "أيام قرطاج السينمائية" كثيرة ومتنوعة، وقد استغرق توزيعها وقتاً طويلاً ما بين تسليمها وخطب الفائزين بها والفواصل الفنية، ولا مجال لتناول كل الأعمال التي رد لها الاعتبار. ويبقى من اللافت أن فيلم "سلمى" للمخرج السوري جود سعيد الذي ضغط بعض السوريين المعارضين والتوانسة المنتمين إلى التيارات الإسلامية على إدارة المهرجان لسحبه، ومع ذلك انتهى به الأمر في نهاية المطاف بنيل جائزتين: جائزة الجمهور (مناصفة مع "الذراري الحمر") التي ينالها المخرج المحسوب على النظام السوري (السابق)، وجائزة أفضل أداء للممثلة السورية سلاف فواخرجي. لم تنجح محاولات منع الفيلم، لا بل من غير المستبعد أن يكون قد شكل حافزاً للبعض للتصويت له، على رغم أن الفيلم ليس من تمويل الدولة، بل إنتاج مستقبل، وينطوي على بعض النقد الموجه للسلطة. وفي هذا الصدد، كتب المخرج التونسي أمين بوخريص، أن جمهور قرطاج صوت لجود سعيد زمن نظام الأسد ويعيد التصويت له بعد سقوطه، واصفاً هذا الجمهور بـ"العظيم".

اقرأ المزيد

المزيد من سينما