يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تظهير تباين موقف بلاده مع حلفائها تجاه روسيا والحرب في أوكرانيا. ففي وقت دعا فيه الغرب إلى التفكير في كيفية معالجة حاجة موسكو إلى ضمانات أمنية إذا وافق الرئيس فلاديمير بوتين على إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، كشف عن أنه سيتحدث "قريباً" مع زعيم الكرملين في شأن القضايا الأمنية و"الطاقة النووية المدنية" في أوكرانيا. وقال ماكرون في مقابلة مع محطة "تي أف1" التلفزيونية الفرنسية، السبت الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، سجلت خلال زيارته الرسمية للولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، إن أوروبا في حاجة إلى إعداد هيكلها الأمني المستقبلي. وأضاف، "هذا يعني أن إحدى النقاط الأساسية التي يجب أن نتناولها، كما يقول الرئيس بوتين دائماً، هي الخوف من أن يأتي حلف شمال الأطلسي إلى أبوابه ومن نشر أسلحة يمكن أن تهدد روسيا".
وقال، "سيكون هذا الموضوع جزءاً من موضوعات السلام، لذلك نحن في حاجة إلى إعداد ما نحن مستعدون للقيام به، وكيف نحمي حلفاءنا والدول الأعضاء، وكيف نقدم ضمانات لروسيا في اليوم الذي تعود فيه إلى طاولة المفاوضات".
وأكد ماكرون أنه ينسق مع المستشار الألماني أولاف شولتز "بشكل وثيق، وأعتقد أنه من الجيد أن يكون لدينا تواصل منتظم" مع بوتين.
يذكر أن بوتين تحدث، الجمعة، مع شولتز الذي طالبه بسحب قواته من أوكرانيا من أجل التوصل إلى "حل دبلوماسي" للحرب.
مناقشة بوتين قريباً
وفي مقابلة مع صحيفة "لو باريزيان"، السبت، ذكر ماكرون أنه ناقش الحرب في أوكرانيا وتداعياتها "لساعات عدة" مع الرئيس الأميركي جو بايدن هذا الأسبوع خلال زيارته الولايات المتحدة "من أجل الحصول على تفويض جماعي".
وأشار إلى أنه "سيناقش مجدداً" الأمر، الأحد، مع رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي. وأضاف، "على هذا الأساس سأتمكن من إجراء مناقشة قريباً مع الرئيس بوتين في شأن موضوع الطاقة النووية المدنية"، موضحاً أنه سيتحدث بداية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وتعود المحادثات الرسمية الأخيرة بين ماكرون وبوتين إلى 11 سبتمبر (أيلول).
وأعلن الرئيس الفرنسي، الأسبوع الماضي، أنه ينوي إجراء "اتصال مباشر" بالرئيس الروسي "في شأن مسألة النووي المدني أولاً ومحطة زابوريجيا".
الخلاف في شأن المحادثات
وقالت روسيا والولايات المتحدة قبل أيام إنهما مستعدتان من حيث المبدأ لإجراء محادثات على رغم أن الرئيس الأميركي قال إنه لن يجري محادثات مع بوتين إلا إذا أظهر أنه مهتم بإنهاء الحرب. وتعتبر أوكرانيا أنه لا يمكن إجراء مفاوضات إلا إذا أوقفت روسيا الهجوم وسحبت قواتها.
ويعارض كثيرون في أوكرانيا والغرب بشدة إجراء أي مفاوضات مع بوتين من شأنها أن تكافئه بتنازلات بعد الحرب المستمرة منذ قرابة 10 أشهر، خصوصاً أن أوكرانيا طردت القوات الروسية من مناطق واسعة في الأشهر الثلاثة الماضية، لكن تصريحات ماكرون أشارت إلى تعاطفه مع حاجة موسكو إلى ضمانات أمنية، وهو مطلب لم يتحقق، وكان محوراً للدبلوماسية المكثفة في الفترة التي سبقت الحرب.
وفي الثامن من فبراير (شباط)، أي قبل أسابيع من الهجوم الروسي، قال بوتين خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ماكرون في موسكو إن روسيا ستواصل محاولة الحصول على إجابات من الغرب على مطالبها الأمنية الثلاثة الرئيسة، وهي لا مزيد من التوسيع لحلف شمال الأطلسي ولا انتشار للصواريخ بالقرب من حدودها وتقليص البنية التحتية العسكرية لحلف الأطلسي في أوروبا إلى مستويات عام 1997. وقالت الولايات المتحدة في ذلك الوقت إن المطالب الروسية "غير مجدية".
وزير الدفاع الأميركي يتهم روسيا بـ"الوحشية المتعمدة"
اتهم وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، السبت، روسيا "بالوحشية المتعمدة" في حربها في أوكرانيا، قائلاً إن موسكو تستهدف المدنيين عمداً.
وأضاف أوستن خلال منتدى ريغان للدفاع الوطني في سيمي فالي في كاليفورنيا، "بوحشية متعمدة، تضع روسيا المدنيين والأهداف المدنية في مرمى نيرانها".
وتابع، "الهجمات الروسية خلفت قتلى من الأطفال ودمرت مدارس وحطمت مستشفيات".
محادثات بين وزيري دفاع روسيا وبيلاروس
أفادت وكالة أنباء "بيلتا" الرسمية، السبت، أن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أجرى محادثات مع نظيره من بيلاروس فيكتور خرينين في مينسك. وقالت الوكالة إن الوزيرين ناقشا التعاون العسكري الثنائي وعدلا اتفاقية عن الحماية المشتركة للأمن الإقليمي. ولم تدل الوكالة بمزيد من التفاصيل.
وتشكل روسيا وبيلاروس رسمياً جزءاً من "دولة الاتحاد"، كما أنهما حليفتان على نحو وثيق على الصعيد الاقتصادي والعسكري، إذ استخدمت موسكو بيلاروس نقطة انطلاق في هجومها على أوكرانيا في 24 فبراير.
وقالت مينسك إنها لن تدخل الحرب في أوكرانيا، لكن الرئيس ألكسندر لوكاشينكو أمر قواته في السابق بالانتشار مع القوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، مشيراً إلى تعرض بلاده لتهديدات من كييف والغرب.
موسكو ترفض تحديد سقف لسعر نفطها
في سياق متصل أكدت روسيا، السبت، أنها "لن تقبل" بتحديد سقف لسعر نفطها غداة اتفاق الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وأستراليا على آلية قد تحد من واردات موسكو لتمويل هجومها في أوكرانيا، فيما توقعت كييف أن "يدمر" هذا القرار الاقتصاد الروسي.
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف للصحافيين، "لن نقبل هذا السقف". وأكد أن موسكو كانت قد "استعدت" لمثل هذا الأمر، من دون أن يضيف أي تفاصيل.
زيلينكسي ينتقد قرار سعر النفط الروسي
وانتقد الرئيس الأوكراني زيلينسكي، السبت، وضع سقف لسعر برميل النفط الروسي، معتبراً أنه ليس "قراراً جدياً" بعدما اقترحت كييف سعراً أدنى بمرتين.
وكانت كييف قد رحبت صباحاً بهذا القرار، وقال مدير مكتب الرئاسة الأوكرانية أندريه يرماك على تطبيق "تيليغرام" إنه مع هذا القرار "ما زلنا نحقق هدفنا وسيدمر اقتصاد روسيا وستدفع الثمن وستتحمل مسؤولية جرائمها كلها"، لكن زيلينسكي قال مساءً، "أن يتم تحديد هذا السقف للأسعار الروسية ليس قراراً جدياً، فهذا الأمر مريح تماماً لموازنة الدولة الإرهابية". وأضاف زيلينسكي في كلمته الليلية أن "روسيا بتعمدها زعزعة استقرار سوق الطاقة تسببت في خسائر كبرى لحقت ببلدان العالم". واعتبر أن القرار الصادر بتحديد سقف لسعر النفط الروسي ينم عن "موقف ضعيف".
حظر النفط الروسي
واتفقت الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول السبع وأستراليا، الجمعة، على وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي عند 60 دولاراً للبرميل، وفق ما جاء في بيان مشترك. ويدور سعر برميل النفط الروسي الخام من جبال الأورال حالياً حول 65 دولاراً، وهو أعلى بقليل من السقف الأوروبي، ما يشير إلى تأثير محدود للإجراء الأوروبي على المدى القصير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بولندا التي رفضت دعم خطة تحديد سقف للسعر باعتباره مرتفعاً جداً عادت ووافقت على ذلك، كما أكد سفيرها لدى الاتحاد الأوروبي، مساء الجمعة.
ومطلع سبتمبر، كان وزراء مالية الدول الأعضاء في مجموعة السبع قد اتفقوا على هذه الآلية المصممة لحرمان روسيا من الموارد المالية. وقالت مجموعة السبع وأستراليا إن الآلية ستدخل حيز التنفيذ الاثنين "أو بعد ذلك بوقت قصير جداً".
ويفترض أن يمنع نظام الاتحاد الأوروبي الشركات من تقديم خدمات تسمح بالنقل البحري (الشحن والتأمين وغيرها) للنفط الروسي إذا تجاوز سعره الحد الأقصى البالغ 60 دولاراً، من أجل الحد من الإيرادات التي تجنيها موسكو من عمليات التسليم إلى الدول التي لا تفرض حظراً مثل الصين أو الهند.
وروسيا هي المصدر الثاني للنفط الخام في العالم.
ومن دون هذه الآلية كان يمكن لروسيا أن تصل إلى مشترين جدد بأسعار السوق بسهولة.
وقال فوك فين نغوين الخبير في قضايا الطاقة في معهد جاك ديلور إن روسيا كسبت 67 مليار يورو من مبيعاتها النفطية إلى الاتحاد الأوروبي منذ بداية الحرب في أوكرانيا، بينما تبلغ ميزانيتها العسكرية السنوية نحو 60 مليار يورو. وتسعى الآلية التي اقترحتها بروكسل إلى إضافة حد خمسة في المئة أقل من أسعار السوق في حال انخفاض سعر النفط الروسي إلى أقل من 60 دولاراً.
واعتباراً من الاثنين، يدخل الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على شراء النفط الروسي من طريق البحر حيز التنفيذ، مما يخفض ثلثي مشترياته من الخام الروسي.
ويقول الأوروبيون إنه مع قرار ألمانيا وبولندا بمفردهما وقف الشحنات عبر الأنابيب بحلول نهاية العام، ستتأثر الواردات الروسية بنسبة أكثر من 90 في المئة.
التأقلم مع الظروف
في أوكرانيا، حثت السلطات مجدداً، السبت، المدنيين على التأقلم على رغم الظروف المعيشية الصعبة بشكل متزايد. ويغرق انقطاع التيار الكهربائي ملايين الأوكرانيين في الظلام مرات عدة يومياً، في ظل اجتياح البرد منازلهم.
ودعت السلطات الأوكرانية السكان المدنيين إلى "الصمود" في مواجهة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي يومياً عقب الضربات الروسية التي أضرت بشكل كبير في شبكة الكهرباء الوطنية في الأسابيع الماضية. وفي بعض المناطق، تلامس درجات الحرارة -5 درجات مئوية في الأيام الماضية، على أن تكون درجات الحرارة المحسوسة منخفضة بعد أكثر. وقال حاكم منطقة ميكولايف (جنوب) فيتالي كيم للتلفزيون الأوكراني، "علينا أن نصمد". وأعلن أن التيار الكهربائي سيقطع "لأربع ساعات" في ميكولايف للتعامل مع "زيادة الاستهلاك" الذي يهدد بزيادة العبء على الشبكة.
وضع ميداني صعب
ميدانياً، المعارك "صعبة" في شرق البلاد "لأن الروس كان لديهم الوقت للاستعداد" لهجمات قوات كييف، بحسب ما أكد حاكم منطقة لوغانسك سيرغي غايداي.
ووفق النشرة الصباحية الصادرة عن الرئاسة الأوكرانية، فإن الوضع "صعب" قرب مدينة باخموت الواقعة في منطقة دونيتسك التي يحاول الروس الاستيلاء عليها منذ الصيف. واكتسبت المعركة حول باخموت أهمية رمزية أكثر لموسكو بعد انسحاب القوات الروسية من خاركيف (شمال شرق) في سبتمبر وخيرسون (جنوب) في نوفمبر (تشرين الثاني).
واكد الكرملين، السبت، أن بوتين سيزور منطقة دونباس "في الوقت المناسب"، علماً أن الرئيس الروسي لم يتوجه بعد إلى هذه المنطقة في شرق أوكرانيا التي أعلن ضمها في نهاية سبتمبر.
وصرح المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف رداً على سؤال عن احتمال قيام بوتين بزيارة مقبلة لدونباس، "في الوقت المناسب، ستتم (هذه الزيارة). إنها منطقة من روسيا".