قررت في وقت سابق من الشهر الفائت القيام برحلة بمفردي إلى باريس. لطالما أحببت تلك المدينة ولكني لم أزرها أبداً كشخص بالغ ومستقل. في أكتوبر (تشرين الأول)، دخلت أواخر العشرينيات من عمري وفكرت ليس هنالك وقت أفضل من الآن للسفر بمفردي واستكشاف البهجة التي تقدمها فرنسا؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
استقليت إحدى رحلات قطار "يوروستار" Eurostar. لم تستغرق رحلة خروجي من لندن وقتاً يذكر – حتى أنني غردت على "تويتر" مازحةً أن التبديل بين محطات مترو الأنفاق في لندن استغرق وقتاً أطول مما استغرقني للوصول من لندن إلى باريس.
قضيت أربعة أيام وثلاث ليال في باريس أتناول خبز الباغيت والكرواسون. زرت متحف اللوفر، والتقطت صورة لا بد منها خارج برج إيفل، كما كونت صداقات جديدة مع أشخاص من نيويورك وتايوان كانوا يزورون باريس أيضاً. للتلخيص، كانت لدي أفضل رحلة يمكن أن أتخيلها على الإطلاق.
بعد ظهر السبت، توجهت إلى محطة قطار الشمال (Gard du Nord) حيث وصلت باكراً بثلاث ساعات تقريباً من موعد الانطلاق كما هي عادتي دائماً في الإبكار بالمواعيد. فتح تسجيل الدخول إلى قطار يوروستار قبل ساعتين - وفي الساعة 15.13 ، كنت من أوائل الأشخاص الذين اصطفوا من أجل قطار 17.13.
الآن، سيكون لدى البعض منكم دراية بكابوس الهجرة المحيط بموضوع تسوية إقامات الأوروبيين في بريطانيا حيث تم رفضي سابقاً مرات عدة إلى أن منحت الحق الكامل في البقاء في المملكة المتحدة أخيراً في وقت سابق من هذا العام – مع العلم أني اضطررت إلى إطلاق حملة على وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الحصول على ذلك.
اعتقدت أن كابوس الهجرة الخاص بي قد انتهى، وعلى رغم الآثار التي خلفتها هذه التجربة، إلا أنني كنت أتطلع إلى عيش بقية حياتي في المملكة المتحدة دون خوف من التشكيك في وضع إقامتي.
لكن، بدأت مشكلاتي عندما لم تستطع حواجز الفحص الإلكتروني التعرف إلى جوازي والسماح لي بالدخول والإشارة لي بالتوجه إلى قوات الحدود البريطانية. سلمت جواز سفري الهولندي وانتظرت بصبر بينما قام ضابط الحدود بفحص بياناتي. عندما وقفت هناك، سمعت امرأة بريطانية تتحدث إلى ضابط حدود آخر. لقد نسيت جواز سفرها في فرنسا - حيث تعيش - ولكن كانت تحمل صورة هذا الجواز وكانت تسأل عما إذا كان بإمكانها السفر.
أتذكر أنني نظرت إليها، بقليل من الاستغراب، أفكر، "حظاً سعيداً أيتها السيدة " - ولكن لصدمتي، سمح لها بالمرور وكنت أنا الشخص الذي تم استجوابه مرة أخرى. سألني الضابط عن "سبب سفري" – لأجيبه: "أوه، مجرد عطلة". ليسألني إن كنت ذاهبةً إلى المملكة المتحدة لقضاء عطلة؟... حينها شعرت بالذهول.
ألم يتمكن من رؤية حصولي على وضع استقرار الأوروبيين الكامل في البلاد؟ ألم تعن له لهجتي اللندنية أي شيء؟
قال إنه بحاجة إلى إجراء "تحقق إضافي" لأنني "فشلت في عمليات فحص الهجرة". سلمني استمارة وطلب مني أن أملأها جانباً. طلبت استعادة جواز سفري فرفض!
في هذه المرحلة كانت أذني ترن وانتقلت إلى الزاوية في انتظار أن يقوم أحدهم بشرح ما يجري. لحسن الحظ، كان لدي هاتفي ولذا بدأت في الاتصال بالأصدقاء والعائلة وانتقلت أيضاً إلى "تويتر" لتوثيق تجربتي.
كانت الدموع تنهمر على وجهي وأنا أقرأ الاستمارة التي تسلمتها. كان اسمي ورقم جواز سفري في الأعلى وكانت مكتوبة بلغة قانونية. كان هناك صندوقان حيث تم التأكيد على صحة البيانات بجانبهما: كان أحدهما هو الفشل في فحوص الهجرة - ومن ثم يبدو أنني محتجزة بموجب قانون الهجرة لعام 1971.
أخيراً، جاء شخص للتحدث إلي وقال إنه نظراً لرفض طلبي سابقاً من أجل الاستقرار في بريطانيا، كان عليهم "إجراء مزيد من التحقيقات". أخبرته أنني سأتأخر على قطاري. فأجاب: "لقد فاتك بالفعل".
جلست على مقعد أشاهد الجميع يمرون عبر الأمن وشعرت بصدق كما لو أنني مصابة بارتجاج في الدماغ. ظللت أقرأ الاستمارة ولكن يبدو أنني لم أستطع أن أتفهم وضعي أكثر - كانت دموعي تتساقط على قطعة الورق A5. كنت أيضاً على "تويتر" أفعل كل ما يمكنني فعله: التغريد بقلق مع وضع أوسمة (هاشتاغ) وزارة الداخلية وقوات الحدود البريطانية.
فإلى جانب قلقي مما يحدث، فلقد كنت وحيدة، وحدي في فرنسا ولم يكن لدي أي مكان أذهب إليه في تلك الليلة.
ثم جاء شخص آخر وبطباع مختلفة تماماً. اعتذر لي وأعاد لي جواز سفري - فجأة، تم اصطحابي عبر الحواجز.
غلبت علي الصدمة. كانت بطارية هاتفي منخفضة وإشارة الشبكة سيئة، لكنني حاولت إبلاغ الجميع بأنني في أمان وبأنني استقليت القطار.
أثناء تواجدي في القطار، اتصل بي المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية وقال، "يمكننا رؤية مراسلتك لنا عبر "تويتر". أخذت نفساً عميقاً وسألتهم عما إذا كانوا قد شاهدوا تغريداتي الأخيرة. طلب مني الضابط في المكتب الصحافي "الانتظار للحظة" - كنت أسمعه وهو يقوم بتجديد صفحة تغريداتي على "تويتر".
قال "أوه". "أستطيع أن أرى أنك أخبرت الجميع أنك على متن القطار".
التزمت الصمت وقال إنه كان يتصل ليطلب مني التقاط صورة مكتب قوة الحدود البريطانية. قلت له "يمكنني أن أفعل ذلك" - وبعد صمت غريب تمنى لي "رحلة آمنة للعودة" وأغلق الهاتف.
عدت إلى لندن وأخذت تاكسي مباشرة إلى منزل أمي. شعرت في تلك الليلة أنني ما زلت في حالة صدمة. كانت تجربتي مع قوات الحدود البريطانية لتجعل من أي شخص يشعر بالاضطراب والانزعاج، ولكن على خلفية تاريخي مع موضوع إقامتي، كان ذلك كافياً لإصابتي بالصدمة.
تجربتي ليست فريدة من نوعها. ففي الشهر الماضي فقط، كشف تقرير عن المشكلات التي يواجهها مواطنو الاتحاد الأوروبي عند السفر وحذر من أنها ستزداد سوءاً عندما تنفذ المملكة المتحدة تغييرات جديدة العام المقبل.
اعتقدت أنني قد تجاوزت محنتي الشخصية مع هذا الموضوع منذ أشهر – إلا أن هذه الأحداث أعادت تلك الذكريات المؤلمة. آمل أن تكون هذه هي آخر تجاربي السلبية مع خطة تسوية أوضاع الأوروبيين وألا يعاني آخرون كما عانيت.
© The Independent